في مؤشر
واضح على تفاقم الوضع المعيشي وزيادة الفقر في
سوريا، أعلن مركز التنسيق الروسي في
قاعدة "حميميم" الروسية في الساحل السوري عن توزيع
مساعدات غذائية على أفراد
الجالية الروسية في مدينة اللاذقية، بهدف مساعدتهم على مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب
وغلاء المعيشة الفاحش.
وتتوزع
الجالية الروسية على مختلف المحافظات السورية، لكن تواجدها المكثف يتركز في دمشق وحلب
وحمص والمحافظات الساحلية، ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد أفراد الجالية الروسية في
سوريا.
ويقول
مصدر حقوقي من الساحل السوري، إن الجالية الروسية تتألف من روسيات متزوجات من سوريين،
حيث كانت الجامعات الروسية مقصداً للطلاب السوريين نظراً لانخفاض تكاليف الدراسة هناك،
ومن سوريين حصلوا على الجنسية الروسية.
اظهار أخبار متعلقة
ويقول
المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في حديثه لـ"عربي21"، خوفاً على عائلته
المقيمة في اللاذقية، إن قلة قليلة من أفراد الجالية الروسية بقوا في سوريا بعد اندلاع
الثورة السورية، حيث عاد غالبيتهم برفقة عائلاتهم إلى
روسيا بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية،
مستدركاً بالقول إنه "مع سوء الوضع المعيشي في روسيا وهرباً من التجنيد الإلزامي هناك فإن بعضهم عادوا إلى سوريا".
وتنظم
الجالية الروسية في سوريا زيارات إلى الكنائس بشكل دوري، كما أنها تشارك في فعاليات داعمة
للنظام السوري.
وبحسب
وكالة "
سبوتنيك" الروسية، وزعت جمعية "تار" الروسية الإنسانية، ثلاثة أطنان من المساعدات تضمنت مواد أساسية كالطحين، والأرز، والزيت، والمعكرونة، والسكر،
وغيرها.
وقال
ممثل مركز التنسيق الروسي الرائد ألكسندر لوفن: "وزعنا مساعدات إنسانية على الجالية
الروسية الموجودة في مدينة اللاذقية، باسم جمعية "تار" الروسية، وذلك لمساعدتهم
على مواجهة غلاء المعيشة"، مشدداً على "استمرار دعم بلاده للجالية الروسية
وللمواطنين السوريين وتقديم المساعدات الإنسانية والغذائية التي من شأنها التخفيف عنهم
في مواجهة الوضع الاقتصادي الصعب".
ويقدر
الباحث الأكاديمي المختص بالشأن الروسي محمود الحمزة عدد الجالية الروسية بأكثر من
10 آلاف غالبيتهم من النساء المتزوجات من سوريين.
ويقول
حمزة لـ"عربي21" إن روسيا تدرك تماما مدى صعوبة الوضع المعيشي في سوريا،
علماً بأن أكثر المناطق تضرراً من الأزمة الاقتصادية هي مناطق سيطرة النظام، ويضيف أن "الساحل السوري على وجه التحديد يسجل انتشاراً كبيراً للفقر والعوز، حيث حاضنة
النظام".
ويصف
الخبير بالشأن الروسي توزيع المساعدات على الجالية الروسية بـ"الفعل المعيب"،
ويتساءل: "لماذا التمييز في المساعدات بين المواطن الروسي والسوري، وبين منطقة
ومنطقة والجالية الروسية موزعة على غالبية المحافظات السورية من دير الزور شرقاً إلى
حلب شمالاً، وروسيا هي التي أسهمت في وصول الوضع المعيشي في سوريا إلى ما هو عليه، ولماذا
لا تضغط روسيا على النظام لإيجاد حل جذري للمأساة السورية، أي القبول بحل سياسي".
من جانب
آخر، يلفت حمزة إلى الوضع المعيشي الصعب الذي يسود روسيا بعد غزو أوكرانيا، ويقول:
"الروس اليوم يواجهون غلاء المعيشة، والمساعدات التي توزع في سوريا هي دعائية
واستعراضية فقط".
من جهته،
يشير الخبير الاقتصادي سمير طويل إلى زيادة معاناة أفراد الجالية الروسية وعناصر الجيش
الروسي في سوريا كذلك، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويقول
لـ"عربي21" إن الظروف التي تمر بها سوريا حاليا، وخاصة في الفترة الأخيرة
حيث تواصل الليرة السورية النزيف مقابل العملات الأجنبية، تجعل من الحاجة للمساعدات
أكبر، متسائلا: "هل هذه الكمية التي وزعتها القاعدة على الجالية الروسية
كافية؟ نحن نتحدث عن 3 أطنان من المساعدات فقط".
ويقول
الطويل إن "الظروف الكارثية التي تسود سوريا زادت من حاجة السوريين وغيرهم، إلا
أن الإعلان من روسيا التي تعتبر دولة "عظمى" عن توزيع مساعدات بكميات بسيطة،
ينطوي على جانب كبير من العمل الدعائي".
ويجري
الحديث دائماً في مناطق سيطرة النظام عن "ضعف" المساعدات الإنسانية التي
توزعها روسيا، حيث يقوم الجيش الروسي من وقت لآخر بالإشراف على عمليات توزيع بعض المساعدات،
وغالبا ما يتم تمويلها من جمعيات خيرية روسية.
وعلى
حد تأكيد مصادر سورية، فقد وزعت روسيا في أكثر من مرة مساعدات "منتهية الصلاحية"،
وآخرها كان في أيلول/ سبتمبر الماضي، وتحديداً في ريف السويداء.
ويتجه
الوضع المعيشي في سوريا نحو الأسوأ، بسبب استمرار هبوط قيمة الليرة السورية أمام
الدولار (15 ألف ليرة سورية لكل دولار أمريكي).
اظهار أخبار متعلقة
وبحسب
مؤشر "قاسيون" لتكاليف المعيشة في سوريا، سجل بداية شهر تموز/ يوليو
2023 وسطي تكاليف معيشة الأسرة السورية ارتفاعاً بحوالي 850 ألف ليرة سورية عن وسطي
التكاليف في نهاية شهر آذار/ مارس 2023، حيث انتقلت هذه التكاليف من 5.5 مليون ليرة
في بداية نهاية آذار/ مارس، إلى 6.3 مليون ليرة في بداية تموز/ يوليو.
ويضيف
"قاسيون" التابع لحزب "الإرادة الشعبية" أن هذه الارتفاعات في
تكاليف المعيشة تترافق مع اشتداد تقزم منظومة الأجور في سوريا، حيث أصبح الراتب خلال
الشهور الثلاث التالية من عام 2023 غير قادر إلا على تغطية 1.4 في المئة من معدل تكاليف
المعيشة فقط.
ويعاني
السوريون اليوم من أزمة معيشية غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب وبداية الأزمة الاقتصادية
في البلاد قبل 12 عاما، ويعيش 90 في المئة منهم تحت خط الفقر منذ عام 2021 وفق برنامج
الأغذية العالمي.