نشرت مجلة "نيويوركر" الأمريكية مقال رأي للكاتب بيل ماكبين تحدث فيه عن الدور الذي تلعبه شركات
النفط الكبرى في ارتفاع درجات
الحرارة على سطح الكوكب، وما إذا كان ذلك سببا كافيا لتسريع إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن التصريحات التي أدلى بها المدير التنفيذي الجديد لشركة شل - أكبر شركة للطاقة في أوروبا - وائل صوان جاءت في وقت غير مناسب، لا سيما أن شركة شل صرحت في سنة 2021 بأنها ستخفض إنتاج النفط والغاز بنسبة تتراوح بين واحد إلى اثنين في المائة سنويًا حتى سنة 2030 - وهي لفتة متواضعة في اتجاه تحوّل الطاقة. لكن صوان، الذي تولى قيادة الشركة في كانون الثاني/ يناير، أشار إلى اتخاذ الشركة منعطفًا مغايرًا.
أثر على ارتفاع الحرارة
أدى الارتفاع في أسعار النفط والغاز الطبيعي بعد غزو أوكرانيا إلى مضاعفة أرباح شركة شل السنوية لتصل إلى مستوى قياسي يبلغ أربعين مليار دولار.
كان لهذا الربح المفاجئ تأثير كبير على درجات الحرارة. وأوضح صوان لـ "بي بي سي" أنه "بينما تظل شل ملتزمة بمكافحة تغير المناخ، فإن خفض إنتاج الوقود الأحفوري سيكون في الواقع ’خطيرًا وغير مسؤول‘، لأن القيام بذلك قد يتسبب في ’ارتفاع تكلفة المعيشة‘ ".
وقد صرحت الشركة بأنها حققت بالفعل الهدف الذي حددته في سنة 2021، من خلال مبيعات الأصول التي ستشمل بيع مواقع الحفر المختلفة إلى كونوكو فيليبس.
وذكر الكاتب أن قناة "بي بي سي" بثت المقابلة في السادس من تموز/ يوليو - وهو اليوم الذي يعتقد العديد من العلماء أنه أكثر الأيام سخونة حتى الآن في تاريخ البشرية. ومنذ سنة 1979، تسجل شبكة عالمية من الأقمار الصناعية وعوامات المحيطات والمحطات الأرضية متوسط درجات الحرارة اليومية حول العالم، وهي تظهر أننا في بداية ما يبدو موجات النينيو التي يسببها ارتفاع درجة حرارة سطح المحيط. وقد ارتفعت درجة الحرارة العالمية السابقة في ذروة ظاهرة النينيو في سنة 2016، عندما بلغ المتوسط 16.92 درجة مئوية.
في الثالث من تموز/ يوليو، وصل متوسط درجة الحرارة إلى 17.01 درجة مئوية، وبعد ثلاثة أيام وصل إلى 17.23 درجة مئوية. ويعتقد العلماء الذين يحسبون درجات الحرارة التاريخية من خلال فحص السجلات البديلة، مثل رواسب البحيرات أو عينات الجليد، أن هذا اليوم هو الأكثر سخونة على الأرض منذ ذروة حقبة تُعرف باسم العصر الإيمياني على الأقل منذ 125 ألف سنة عندما دفع ارتفاع درجات الحرارة حيوانات الصناجة شمالًا من تكساس الحالية إلى يوكون.
وأوضح الكاتب أن سبب الحرائق والفيضانات التي حدثت في الأسابيع الماضية فقط هو ارتفاع درجات الحرارة؛ على غرار الفيضانات التاريخية التي حدثت الأسبوع الماضي في وادي هدسون والتي اجتاحت ويست بوينت. وتشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 40 في المائة من محيطات العالم تخضع حاليًا لما أطلق عليه علماء الأحياء "موجات الحرارة البحرية"، ما يتسبب في أضرار نظامية لم يسبق لها مثيل حيث لم تصل درجة حرارة المحيط، ولا درجة حرارة الهواء، إلى هذا المستوى في أي وقت مضى في تاريخ البشرية.
ونوّه الكاتب إلى أن عدم اتخاذ أي إجراءات لوقف ارتفاع درجات من أكثر الأشياء غير المسؤولة التي قام بها البشر على الإطلاق. في حزيران/ يونيو 1988، توقع عالم ناسا جيمس هانسن وصول درجات الحرارة إلى هذا المستوى إذا لم تُتخذ أي إجراءات وقائية. وكانت شركات الوقود الأحفوري مدركة بالفعل للمخاطر، لكنها قررت إنكار علم تغير المناخ خلال ثلاثة عقود، عندما كان من الممكن أن تُتخذ إجراءات وقائية.
لطالما كان هناك سبب لعدم اتخاذ شركات النفط خطوات فعالة في هذا الشأن. في الوقت الحالي، يستشهد صوان بخطر التضخم المؤقت، وكذلك الفكرة القائلة إنه إذا لم يتم توسيع إنتاج النفط والغاز، فإن الأطفال في جنوب الكرة الأرضية - على غرار بنغلاديش وباكستان على وجه الخصوص - سيكونون مجبرين على الدراسة على "ضوء الشموع".
وأوضح الكاتب أن الأضواء التي يمكن أن تبقى مضاءة طوال الليل بفضل ألواح الطاقة الشمسية المشحونةً بأربع ساعات فقط من ضوء الشمس يمكن الحصول عليها مقابل دولار واحد، لاسيما أن بنغلاديش هي من البلدان الرائدة عالميًا في مجال الطاقة الشمسية. وفي السنوات الأخيرة، اعتمدت المنازل في ذلك البلد التي لا تحصل على الكهرباء من الشبكة الوطنية على الألواح الشمسية الموجودة على الأسطح للتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي.
أما بالنسبة لباكستان، فقد تعرضت في الخريف الماضي لأسوأ فيضانات منذ عقد من الزمان على الأقل - الذي كانت بمثابة طوفان يحدث فقط في مناخ ساخن حيث يحتفظ الهواء بكميات متزايدة من بخار الماء. ترك ذلك الفيضان ثلث البلاد تحت الماء. وحسب تقديرات اليونيسف، بعد مرور أكثر من ستة أشهر، لا يزال عشرين مليون باكستاني في مناطق الفيضانات، بما في ذلك تسعة ملايين طفل، بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وأشار الكاتب إلى أن درجة حرارة الأرض ستستمر في الارتفاع بغض النظر عن الخطوات التي ستتخذها شركات النفط: من شبه المؤكد تقريبًا أن الأرقام القياسية لهذا الشهر ستتحطم في العام المقبل.
ويتوقع العديد من العلماء أننا سنشهد ارتفاعات في درجات الحرارة على الأقل بحوالي 1.5 درجة مئوية التي تعهدت الدول، في اتفاقية باريس للمناخ، بمحاولة تجنبها على الرغم من أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات اللازمة لتخزينها أصبحت الآن رخيصة ومتوفرة.
اظهار أخبار متعلقة
قوانين جديدة
وأضاف الكاتب أن المجلس التشريعي الذي يقوده الجمهوريون سعى في السنة الماضية إلى سن قوانين من شأنها أن تثبط استخدام مصادر الطاقة المتجددة وتدعم النفط والغاز. حتى الآن، لا توجد عقوبة سياسية حقيقية لهذا السلوك المتهور.
في شأن ذي صلة، أوضح صوان لـ"بي بي سي" أنه "رغم عدم وجود أي خطط حاليًا، إلا أن شركة شيل لن تستبعد نقل مقرها الرئيسي من المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة، حيث تحصل شركات النفط على أسعار سوق أعلى لأسهمها". وهذا يشير إلى أن الولايات المتحدة أكثر دعمًا لشركات النفط والغاز خاصة بعد أن فرضت بريطانيا ضريبة أرباح غير متوقعة على شركات الطاقة.
وخلص الكاتب إلى أن خيار إبقاء الوضع على حاله كان السبب الرئيسي الذي يقف وراء وصول درجات الحرارة إلى مستوى لم يسبق له مثيل. وإذا لم تكن الكوارث التي نراها هذا الشهر كافية لإيقاظنا من ذلك السبات، فإن فرصنا لبناء مستقبل أكثر استدامة تبدو بعيدة المنال.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)