لا تنفكّ
دولة الاحتلال عن تهويدها للمدينة المقدسة، من خلال استهدافها للمقدسات الإسلامية والمسيحية
على حد سواء، وهي تعمل على ذلك من خلال على تغيير العلامة التاريخية الناجحة للقدس
كمدينة متعددة الثقافات ومقدسة للأديان الثلاثة، وتحويلها لمدينة ذات قصة يهودية حصرية.
أوري
إرليخ المتحدث باسم منظمة علماء الآثار، أكد أنه "على مر السنين، استثمر الاحتلال
مليارات الشواقل في مشاريع سياحية أثرية بزعم ترسيخ السردية اليهودية لتغيير الطريقة
التي يُنظر بها للمدينة، وفي الأسابيع الأخيرة، كما في كل عام، أعلن الاحتلال استثمارا
إضافيا بعشرات ملايين الشواقل في الحفريات الأثرية، والمشاريع التي تديرها جمعية
"إلعاد" اليمينية المتطرفة، بزعم أن هذه المشاريع تروي قصة
القدس اليهودية،
مع تخصيص جزء كبير من الميزانية لجلب الجنود والطلاب للمشاركة في الحفريات والفعاليات
الثقافية بهذه المواقع".
وأضاف
في مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أنه
"سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن كل هذا لن يكون له عواقب عملية، فمنذ أسبوعين
تظاهر عشرات اليهود أمام مركز ديفيدسون، قرب الحائط الغربي، ضد وجود مجموعة من
المسيحيين
الذين وصلوا هناك، وقد طُلب من ضباط الشرطة حماية زوار الموقع بأجسادهم، وصدّ المتظاهرين
الذين بصقوا على المسيحيين، وصرخوا عليهم، واتهموهم بالقيام بعمليات تبشيرية، ومن بين
المتظاهرين الحاخام "تاو" ونائب رئيس بلدية القدس المحتلة "آرييه كينغ"".
وأشار
إرليخ إلى أن "السلوك اليهودي ضد المسيحيين في القدس المحتلة يشكل انتهاكا لحرية الدين
والعبادة، ويشرعن العنف ضد رجال الدين، وقد تميز الخطاب الإسرائيلي بأنه يقدم اليهود
للعالم على أنهم وجه متعصب ومتطرف، حتى أصبحت ممارسة
تهويد القدس تتم من خلال المشاريع
السياحية في قلب الأحياء الفلسطينية، مثل الموقع الأثري لمدينة داود، وأصبحت جمعية
عطيرات كوهانيم شرعية، ويسعى وزراء الحكومة للارتباط بها، ولم تعد عبارة "تهويد
القدس" مستهجنة".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد
أنه "عندما يكون تهويد القدس جزءًا من الحياة اليومية للإسرائيليين، فإن الهجوم
على الأرض ضد كل ما هو غير يهودي في المدينة أصبح يوميًا، فقبل حوالي أسبوع من المظاهرة
ضد المسيحيين، حصلت مسيرة للأعلام في الحي الإسلامي من أجل تحدّي الطابع الإسلامي للمنطقة،
وفي الأشهر الأخيرة وقعت عدة حوادث تخريب ضد الكنائس والمقابر المسيحية في المدينة،
وأصبح ما كان في السابق ملكًا لأقلية متطرفة عملت بطريقة متطورة لتهويد المدينة، أمرًا
يكاد يكون روتينًا إسرائيليًا".
وختم
بالقول إن "مشروع تهويد المدينة المقدسة بدأ كمبادرة استيطانية في الأحياء الفلسطينية،
واستمر بوضع أحد أهم المواقع الأثرية في العالم في أيدي جمعية سياسية هدفها المعلن
تهويد المنطقة، والآن وصل إلى النقطة التي أصبح فيها كل من ليس يهوديا في المنطقة محل
اعتداء من قبل الجمهور الإسرائيلي، الساعي نحو محاربة كل الظواهر غير اليهودية، والهادف
لاقتلاعهم من جذورهم المزروعة في القدس منذ قرون عديدة".
تكشف
هذه الجهود التهويدية عن عدم توقف الجماعات الاستيطانية اليهودية عن اختراع الوسائل
وتزوير الحقائق لإثبات مزاعمها التاريخية بتهويد القدس المحتلة، وآخرها ما ابتدعته
عن استهداف الوجود المسيحي في المدينة المقدسة، من خلال الاعتداء على مسيرات المسيحيين
فيها، وهدم معالمهم التاريخية، وضرب رجال الدين من الرهبان والقساوسة، استكمالا لما
يحصل من استهداف بحق المسلمين، في مساع واضحة لنفي كل ما هو غير يهودي في القدس المحتلة.