في أيلول/ سبتمبر 2003؛ كان منتخب
السويد قد حصل للتو على ركلة جزاء ثانية ضد منتخب سان مارينو في تصفيات بطولة أوروبا؛ حيث كان من المفترض أن يلعب كيم كالستروم ضربة الجزاء باعتباره منفذ ركلات الجزاء المعين من الفريق، لكن
زلاتان إبراهيموفيتش - البالغ من العمر 21 عامًا حينها - كان له رأي آخر كونه من تسبب بها؛ وقام هو بتنفيذ الركلة.
إلا أن بقية زملائه بالمنتخب لم يحتفلوا معه، كونه عصى أوامر المدرب، ووضع نفسه فوق الفريق.
ونشرت صحيفة "الغارديان" تقريرًا، ترجمته "عربي21"، بمناسبة إعلان زلاتان اعتزاله؛ حيث قالت إن ما فعله إبراهيموفيتش الشاب حينها كان أمرًا لا يناسب التقاليد السويدية؛ لكنه كان معبرًا عن أكثر ما ميز مسيرة اللاعب الطويلة؛ وهو أن غير تقليدي ولا يلتزم بالقواعد التي لا تعجبه.
وأفادت الصحيفة بأن زلاتان عاش مواقف معبرة عن الصخب المصاحب له؛ فقد قال إنه سيصبح أفضل لاعب في العالم، وسرق دراجات، وألقى البيض على النوافذ، وقال مازحًا إنه يحمل مسدسًا في حقيبته وهو في المطار؛ وغيرها من المواقف.
ونقلت الصحيفة عن زلاتان نفسه قوله في سيرته الذاتية "أنا زلاتان": "كنتُ شابًا صغيرًا، وكان أنفي كبيرًا ولديَّ لثغة وتلقيتُ علاجًا للنطق. أتتْ إليَّ امرأة في المدرسة وعلمتني كيفية نطق الحرف s واعتقدتُ أنه كان مهينًا وأعتقد أنني شعرت بضرورة إثبات نفسي".
ولقد فعل ذلك على أرض الملعب؛ حيث برز منذ سن مبكرة، فبدأ اللعب لنادي البلقان المحلي حيث إنه - وفقًا للأسطورة - تم استدعاؤه لمباراة تحت الـ12 عامًا في سن العاشرة ولكن انتهى به الأمر على مقاعد البدلاء كعقاب لسوء التصرف. في الشوط الأول خسر الفريق 4-0؛ فقرر المدرب إشراكه، ففازوا 8-5 وسجل إبراهيموفيتش جميع الأهداف الثمانية.
وذكرت الصحيفة أن إبرا كانت موهبته حاضرة دائمًا ولكن لم يكن دائمًا يتخذ الموقف الصحيح؛ ففي بعض الأحيان كان كسولًا، وكان عندما يركض مع زملائه في فريق مالمو، يضع نفسه في النهاية ثم يقفز في الحافلة وينزل، وينتظر حتى يمروا وينضم إلى المجموعة من الخلف. لكن كان المفتاح لنجاحه ومسيرته الطويلة، هو قدرته التنافسية وتصميمه المطلق على أن يكون أصلح ما يمكن أن يكون.
وبينت الصحيفة أن زلاتان في المراحل الأخيرة من حياته المهنية - منذ أيامه في باريس سان جيرمان - أصبح نموذجًا يحتذى به لزملائه في الفريق؛ حيث قال ماركو فيراتي، الذي لعب مع إبراهيموفيتش في باريس سان جيرمان، ذات مرة: "في باريس سان جيرمان كان من المثير للإعجاب أنه كان لا يزال يتدرب مثل صبي يبلغ من العمر 18 عامًا. وكان أيضًا نموذجًا يحتذى به في غرفة الملابس. وكان قائدًا، وفي بعض الأحيان؛ فبمجرد مشاهدته وهو يتدرب، كنتَ تريد أن تفعل المزيد".
ووفق الصحيفة؛ فإن بول كليمنت، مساعد مدرب باريس سان جيرمان السابق، قال لصحيفة الغارديان في عام 2014، إن إبراهيموفيتش كان "لاعبًا استثنائيًا: في القدرة والشخصية والطاقة والقوة"، وقال: "أتذكر أنه قدم واحدة من أكثر جلسات التمرين التي لا تصدق التي رأيتها على الإطلاق؛ حيث كان ذلك بعد يومين من عودته من تسجيل أربعة أهداف ضد إنجلترا [في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012]، وكان لدينا فقط مجموعة صغيرة من اللاعبين - خمسة مقابل خمسة يعملون - ولم أر قط لاعبًا يتدرب على هذا النحو: من حيث الجودة، والشدة، والقيادة. لقد سجل من ركلة فوق مستوى الرأس لا تختلف عن تلك الموجودة في المباراة، ولكن في مساحة صغيرة 2 م × 1 م. ووقف الجميع هناك مع فتح أفواههم على مصراعيها".
وأشارت الصحيفة إلى أن إبراهيموفيتش كان - لفترة طويلة - أحد أفضل 10 لاعبين في العالم؛ صحيح أنه لم يصل أبدًا إلى مستويي رونالدو وميسي من التألق المستمر لموسم كامل ولكن الجمهور يحب مشاهدته. ولقد فاز بالدوري في هولندا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا. وسجل بعض الأهداف الجيدة بشكل مذهل، مثل كرة القدم الخلفية ضد إيطاليا، وركلة الدراجة لمسافة 40 ياردة ضد إنجلترا والكرة الطائرة لفريق لوس أنجلوس غالاكسي.
وأوضحت الصحيفة أنه خارج الملعب؛ أخطأ زلاتان بشكل خطير في بعض الأحيان، فعندما اندلع نقاش في السويد حول سبب منح لاعب ذكر سيارة لكسر الرقم القياسي في الظهور في جميع الأوقات ولم يتم منح أي لاعبات إناث ذلك؛ علق إبراهيموفيتش قائلًا إنه من "السخف" مقارنة كرة القدم للرجال ومثيلتها للسيدات وإنه يمكن للاعبة كرة قدم أن تحصل على "دراجة مع توقيعه عليها" بدلًا من ذلك.
واختتمت الصحيفة التقرير بالقول إنه يمكن تلخيص بعض ما حققه زلاتان بالأرقام - مثل الأهداف والتمريرات الحاسمة والجوائز - ولكن من المستحيل تحديد إرثه الأكثر أهمية. وربما لم يكن هو السويدي النموذجي، لكنه أعطى أجيالًا من المهاجرين في وطنه أملًا في أن كل شيء ممكن، حتى وإن نشأتَ في منزل مفكك في ضاحية فقيرة. وبالنسبة للأمة، فإن هذا كان لا يقدر بثمن.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)