نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن
الأزمة السياسية المحلية التي تعيشها
باكستان وتنذر بزعزعة استقرار جنوب آسيا وما جاورها.
وقالت الصحيفة، في
تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اعتقال السلطات الباكستانية لرئيس الوزراء السابق
عمران خان أثار مواجهة بين أنصاره والجيش.
ردود الفعل على الاعتقال
وأضافت أن قوات شبه عسكرية اقتحمت محكمة في إسلام أباد في التاسع من أيار/ مايو الماضي للقبض على عمران خان بتهم التورط في قضية فساد تتمثل في حصول خان وزوجته على قطعة أرض بملايين الدولارات كرشوة من أحد أباطرة العقارات المحليين لإنشاء جامعة.
وقد أثار
الاعتقال احتجاجات حاشدة في جميع أنحاء باكستان، حيث يتمتع عمران خان بشعبية كبيرة. وقد أفاد الحزب وأنصار رئيس الوزراء السابق أن خان اعتقل بأمر من الجيش، الذي ظل لفترة طويلة قوة مهيمنة في السياسة الباكستانية.
اظهار أخبار متعلقة
سياسة العصيان
تعتبر الأزمة الحالية ورد الفعل على اعتقال رئيس الوزراء السابق ثمار علاقة معقدة بين السلطات المدنية والعسكرية في باكستان.
ويأتي اعتقال خان بعد مرور أشهر من المواجهات بين حزبه والحكومة الائتلافية الباكستانية بقيادة رئيس الوزراء شهباز شريف، وكذلك المؤسسة العسكرية الموالية للحكومة. ومنذ إقالته من منصبه في جلسة تصويت برلماني في نيسان/ أبريل من السنة الماضية، نظم خان سلسلة من المظاهرات واسعة النطاق ضد الجيش والحكومة الائتلافية، متهما إياهم بالتواطؤ مع السلطات الأمريكية لتدبير استقالته.
وبينما عارضت
الحكومة الائتلافية بزعامة شريف تصريحات خان، نفى الجيش هذه المزاعم مشيرا إلى أن استفزازات رئيس الوزراء الأسبق تهدف إلى جعل قوات الأمن في البلاد تتجاوز دورها الدستوري. وقد ادعى خان أن الجيش دعم إجراءات سياسية مختلفة مستعينا بالمحاكم بهدف احتواء حزبه بعد تسجيل عشرات القضايا ضد رئيس الوزراء السابق في باكستان.
خلال حضوره في التجمعات والمقابلات وعلى مواقع وسائل التواصل الاجتماعي، وجّه خان انتقادات لاذعة للنخب العسكرية، بما في ذلك القائد العسكري الباكستاني الجنرال عاصم منير. قبل اعتقاله، اتهم خان ضابطًا كبيرًا في المخابرات الباكستانية بالتخطيط لاغتياله، وهي ظاهرة جديدة في بلد يُنظر فيه إلى النخب العسكرية كضامن للاستقرار.
اظهار أخبار متعلقة
الوضع الراهن
وأوردت الصحيفة أن اعتقال خان أثار غضب مؤيديه وزعزع الاستقرار السياسي الداخلي في باكستان. ومع أن إطلاق سراحه قلّص مستوى السخط العام، غير أنه ترك حالة من عدم اليقين بشأن ما قد يحدث لخان في المستقبل. وقد يواجه حزب حركة الإنصاف الباكستانية فراغًا في القيادة بسبب غياب نائبٍ لخان واعتقال معظم قادة الحزب بتهمة التحريض وممارسة العنف ضد الجيش.
في غضون ذلك، تحاول الحكومة والجيش خنق الاضطرابات من خلال نشر تشكيلات من القوات المسلحة في جميع مناطق البلاد وإعطاء الإذن باستخدام القوة إذا لزم الأمر. وفي بيان صحفي شديد اللهجة، انتقد الجيش خان واصفا تصرفات الحركة بأنها غير وطنية. وتزعم قيادة القوات المسلحة أن الهجوم على المؤسسات الباكستانية، ولا سيما على ممتلكات الجيش، عمل غير مسبوق لم يرتكبه حتى أعداء باكستان الخارجيون.
على خلفية الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلاد بسبب انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي وارتفاع عبء الدين الخارجي مما يدفع بالبلاد إلى حافة التخلف عن السداد، تطورت الاضطرابات السياسية في باكستان. وتواجه باكستان اليوم تهديدات من العناصر المتطرفة.
التوقعات
أشارت الصحيفة إلى جملة التدابير التي قد تؤثر بشكل كبير على سياسة باكستان في المستقبل القريب مما سيحدد احتمالات أخرى للاستقرار الداخلي. من بين هذه التدابير، التدخل القضائي حيث أدى أمر المحكمة العليا الباكستانية بالإفراج عن عمران خان إلى تصعيد التوترات بين الجيش والمحكمة وقوض خطط الجيش.
في المقابل، قد يؤدي تدخل المحكمة إلى حماية خان في المحاكمات المستقبلية، كون القضاة يأتمرون للأوامر الصادرة عن رئيس القضاة وهذا بدوره قد يدفع القادة العسكريين إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، تصل إلى حد التدخل المباشر. وتعتمد آفاق خان على قدرة الحكومة والجيش على مواجهة حزب حركة الإنصاف الباكستانية وعلى مدى تماسك المؤسسة العسكرية الباكستانية، المكونة أساسًا من كبار ضباط الجيش والمخابرات، لا سيما بعد ظهور بوادر انقسام الهيكل العسكري السنة الماضية.
اظهار أخبار متعلقة
وذكرت الصحيفة أن تطوّر الوضع السياسي الداخلي في باكستان يعتمد أيضًا على ارتفاع مستوى العنف في البلاد بعد أن أطلقت الحكومة بالتعاون مع الجيش محاكمة واسعة النطاق لـحركة الإنصاف الباكستانية بتهمة التحريض على الفوضى والعنف. وفي حين أدى الإفراج عن خان إلى تخفيف حدة الغضب الشعبي، فإن إعادة اعتقاله قد تعيد الاحتجاجات إلى الساحة من جديد.
في الأثناء، يمكن للخطر الذي تشكله حركة طالبان الباكستانية زيادة عدم الاستقرار. ويمكن أن تدفع الاضطرابات إلى اتخاذ تدابير طارئة، بما في ذلك فرض حظر التجول في جميع أنحاء البلاد، السيناريو الذي سيدفع الأطراف العسكرية في باكستان إلى التدخل المباشر في السلطة. في المقابل، ينذر عدم وقف الاحتجاجات رغم إجراءات الطوارئ بفوز خان وانسحاب الحكومة والجيش.
ونبهت الصحيفة إلى أن الوضع الاقتصادي الهش لباكستان يضع قيادتها الحالية في موقف ضعيف. ومن أجل منع التخلف عن سداد الدين تحتاج باكستان إلى إحياء برنامج قروض صندوق النقد الدولي، الذي توقف بسبب عدم امتثالها لشروط المنظمة.
وأكدت الصحيفة أن الاستقرار السياسي الداخلي في باكستان يظل أحد المشاكل الرئيسية في منطقة جنوب آسيا بالنظر إلى امتلاك البلاد أسلحة نووية وأن احتمال زيادة القمع يثير المخاوف بشأن الإجراءات غير القانونية التي من شأنها تقويض حقوق الباكستانيين وتقريب البلاد من التدخل العسكري المباشر، بما في ذلك الانقلاب المسلح.