سياسة تركية

"بروفة انتخابية".. ما تأثير مهرجانات أردوغان والمعارضة على النتائج؟

أردوغان قال إن 1.7 مليون مواطن شاركوا في مهرجانه الانتخابي- صفحة أردوغان
أردوغان قال إن 1.7 مليون مواطن شاركوا في مهرجانه الانتخابي- صفحة أردوغان
عقد التحالفان الرئيسيان في تركيا، تجمعهما الكبيران في ولاية إسطنبول، وسط تباين في أعداد المشاركين فيهما، ما يثير التساؤلات حول أهميتهما في الولاية التي تعد الأكبر تعدادا للسكان.

والسبت، نظم "تحالف الأمة" تجمعه الكبير في ساحة مالتيبه في إسطنبول، لكن الصور ومقاطع الفيديو كشفت مشاركة ضعيفة، مقارنة بالمهرجان الانتخابي الذي نظمه "تحالف الجمهور" في مطار أتاتورك الأحد.

ولم يكشف المنظمون في "تحالف الأمة" عدد المشاركين في المهرجان الانتخابي، إلا أن تقديرات تشير إلى أن تقديرات صحفية تتحدث عن ما بين 450 ألفا و650 ألف مواطن شاركوا في تجمع المعارضة.

فيما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن عدد المشاركين في التجمع الانتخابي الذي عقده في مطار أتاتورك هو نحو 1 مليون و700 ألف، وهو الرقم الأكبر في تاريخ التجمعات في تركيا.


 وتبرز أهمية إسطنبول في التجمعات الانتخابية كونها، الولاية الأكبر التي فيها أكبر عدد من الناخبين في تركيا، حيث يشارك 11 مليونا و350 ألفا و971 ناخبا في الانتخابات الحاسمة التي تجرى الأحد المقبل في تركيا. ولهذا السبب فإن الفعاليات الانتخابية في الولاية وعدد الأشخاص المشاركين فيها، تعد من أكثر الموضوعات نقاشا بالبلاد.


وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، مقارنة بين تجمعي المعارضة في 2018 و2023، مشيرين إلى أن "تحالف الأمة" سجل فشلا في حشد المواطنين في الولاية الأكثر أهمية بالانتخابات التركية.


ولم يسجل "تحالف الجمهور" حضورا فقط في إسطنبول، فقد شهدت ولايتا أنقرة وإزمير تجمعا كبيرا، فيما رأى مراقبون أن التجمع الذي عقده حزب العدالة والتنمية في إزمير التي تعد معقل حزب الشعب الجمهوري، هو الأكبر في تاريخ الفعاليات الانتخابية للحزب الحاكم.

اقرأ أيضا: 1.7 مليون شخص يشاركون في أكبر مهرجان انتخابي لأردوغان (شاهد)

وتعمدت صحيفة "صباح" التركية، عقد لقاءات قصيرة مع مشاركين من "جيل Z"، ومواطنين غير محسوبين على الطبقة المحافظة في ولاية إسطنبول، لتظهر التنوع الذي أبرزه "تحالف الجمهور" في تجمعه الانتخابي.



وأعرب المواطنون عن استيائهم من حزب الشعب الجمهوري الذي "لم يعد يمثل حزب أتاتورك، وأصبح أداة لمنظمة العمال الكردستاني".


تجمعات محرم إنجه عام 2018 أكبر من تجمعات المعارضة في 2023

الكاتب التركي عبد القادر سيلفي، في مقال على صحيفة "حرييت"، ذكر أن التجمعات الانتخابية للمرشح الرئاسي محرم إنجه التي عقدها حزب الشعب الجمهوري عام 2018، في إزمير وإسطنبول، كانت أكبر من تجمع "تحالف الأمة" المعارض في الولايتين نفسهما في انتخابات 2023، والتي لم تلق بأجواء المعارضة القائمة على "نحن قادمون".

وفي ملاحظته بشأن تجمع المعارضة في إزمير وإسطنبول، لفت الكاتب إلى أن كليتشدار أوغلو الذي كان من المفترض أن تنظيم التجمع الانتخابي من أجله، كان الأقل تحدثا على المنصة مقارنة مع الآخرين، ففي تجمع إزمير تحدث زعيم حزب المستقبل أحمد داود أوغلو نحو 27 دقيقة، أما المرشح الرئاسي كليتشدار أوغلو فتحدث 18 دقيقة فقط. والأمر ذاته في تجمع مالتيبه بإسطنبول حيث تحدث 13 دقيقة فقط، مقارنة برئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي تحدث 28 دقيقة.

ولفت إلى أن الترحيب بزعماء الأحزاب المحافظة داود أوغلو وتمل كارامولا أوغلو وعلي باباجان، الذين صعدوا إلى المنصة مع زوجاتهم المحجبات، كان على مضض في إزمير وإسطنبول.

اقرأ أيضا: حشد للمعارضة التركية في إسطنبول.. وآخر لأردوغان في قيصري (شاهد)

تجمع العدالة والتنمية بمطار أتاتورك.. رسائل ودلالات

أما تجمع أردوغان في إسطنبول فقد كان في المكان المناسب، في مطار أتاتورك الذي هبط فيه الرئيس التركي بالطائرة خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 تموز/ يوليو 2016 في تحد للقائمين على الانقلاب، كما يذكر الكاتب سيلفي، الذي أشار إلى أن مكان عقد التجمع رسالة بحد ذاتها من أردوغان أنه "في الوقت الذي أراد فيه الانقلابيون القضاء علي وعائلتي في تلك الليلة، كان كليتشدار أوغلو يفر هاربا بين الدبابات.. لكن شعبنا كان معنا".

وأوضح الكاتب أن اختيار حزب العدالة والتنمية مطار أتاتورك لتجمعه متوافق تماما مع روح هذه الانتخابات، 

كان اختيار مطار أتاتورك لحشد حزب العدالة والتنمية متوافقا تماما مع روح هذه الانتخابات، أعطى خلاله أردوغان رسائل أيضا لم تقتصر على "15 تموز/ يوليو" بل أيضا على مكانة المكان، في الوقت الذي توعد فيه كليتشدار أوغلو بمنحه لشركة أمريكية، في الوقت الذي عقد فيه مهرجان تكنوفيست للطيران والتكنولوجيا بمشاركة ملايين الشبان.

أكبر تجمع على الإطلاق
الكاتب سيلفي، أشار إلى أن تجمع مطار أتاتورك، هو الأكبر على الإطلاق، فقد حطم خلاله أردوغان رقما قياسيا، وكان اختيار مطار أتاتورك الأكبر مساحة من مناطق التجمعات في "يني كبي"، و"مالتيبه"، بمثابة تحد كبير.

وأشار إلى أن تجمع مطار أتاتورك، كان أكبر بأضعاف من تجمع الطاولة السداسية، وارتفعت خلاله معنويات أردوغان بشكل كبير عندما رأى حجم المشاركة في التجمع.

وتساءل الكاتب: "هل تنعكس حشود حزب الشعب الجمهوري في مالتيبه، والعدالة والتنمية في مطار أتاتورك، على نتائج انتخابات 14 أيار/ مايو؟"، مشيرا إلى أن إسطنبول سجلت رقما قياسيا، لكن تجمعات حزب العدالة والتنمية في المقاطعات الأخرى كانت أيضا حيوية للغاية.

ورأى سيلفي، أن التجمعات لا تحدد النتيجة، لكنها تعطي انطباعا عن ما سيخرج من صندوق الاقتراع في 14 أيار/ مايو.

اقرأ أيضا: عبور المئوية.. إليك كل ما تريد معرفته عن الانتخابات التركية 2023

"بروفة ليوم الانتخابات".. ما تأثير التجمعات على صناديق الاقتراع؟

الكاتب التركي تونجا بينغين، في مقال على صحيفة "ملييت"، ذكر أن هناك جدلا بين الأحزاب حول الصور التي تنعكس على الشاشات من خلال البث المباشر، ومقارنات بشأن أي الحشود التي ملأت الساحات، ويجري الحديث عن "لغة التجمعات" من حيث العدد والإثارة والحماسة. كما أنه تم التنبؤ بنتائج صناديق الاقتراع بمقارنات بأثر رجعي.

وأشار الكاتب إلى أن بعض باحثي شركات الاستطلاع يرون أن التجمات لها تأثير ضئيل على صناديق الاقتراع، ذلك أن معظم الناخبين اتخذوا قرارهم بالفعل، وعلى عكس ذلك فإن هناك من يرى أن "الرسائل والصور التي يتم تقديمها في إسطنبول لها تأثير كبير على الناخب لا سيما في هذه الانتخابات".

وأوضح أن أنصار الأحزاب والمرشحين يتجمعون في مناطق التجمعات، ولكن وفقا لمتخصصي السياسة، فإن أداء القائد خلال هذه التجمعات له تأثير كبير على "الناخب المتردد".

ورغم أن غالبية المشاركين يذهبون إلى التجمعات بقرار مسبق بشأن المرشح والحزب الذي سيصوتون له، إلا أن الأجواء فيها تسهم أيضا في اكتساب الناخبين المترددين وأولئك الذين ابتعدوا عن أحزاب أخرى.

وتابع الكاتب بأن عناصر مثل عدد المشاركين وكمية الإثارة والحماسة لدى الحشود في منطقة التجمع تحمل أيضا رسالة من وجهة نظر سياسية، وهناك أغلبية صامتة لا تأتي إلى التجمعات، ولا يمكنها الحضور، وهي أيضا تتأثر بها.

وأكد أن تأثير الحشد المتحمس والمكثف في الساحات، له تأثير كبير على صناديق الاقتراع، لذلك فإن التجمعات يمكن أن نصفها بأنها "حرب تصور".

وأوضح أنه بتصاعد التصور أن أحد الأطراف سيفوز أو سيخسر من خلال التجمعات، فقد تتغير تفضيلات التصويت لدى الكثير من الناس، وفي هذه الانتخابات تحديدا فإن تأثيرها سيكون كبيرا حتى آخر لحظة في صناديق الاقتراع.

ونوه إلى أن التجمعات أيضا تحتوي على رسائل موجهة من الأحزاب ضد بعضها البعض، تحمل التحفيز لدى الناخب، وأولئك الذين يقولون إنهم يستطيعون اصطحاب ناخبيهم إلى الساحات، يمكنهم أيضا اصطحابهم إلى صناديق الاقتراع، فالتجمعات تعد أيضا "بروفة ليوم الانتخابات"، كما أن هناك عددا من الناخبين قد تسهم هذه التجمعات في تغيير رأيهم.
التعليقات (0)