عدم الوصول لاتفاق أدى لاندلاع اشتباكات عنيفة في مختلف مناطق السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
حرب شوارع طاحنة وقصف عشوائي، وعمليات كر وفر ونيران تلتهم الشوارع وسط أصوات الرصاص والقذائف المدفعية، هذا ما يعيشه السودانيون اليوم في ظل أزمة سياسية أدخلت البلاد في منعرج خطير، فما الذي يحدث في السودان؟
اشتباكات عنيفة
من خلافات سياسية إلى مواجهة عسكرية، هذا ما حدث في السودان، بعد أن فشل قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو أو كما يلقب حميدتي، في التوصل لاتفاق حول الانتقال إلى حكم مدني بموجب الاتفاق الإطاري، الذي تم التوقيع عليه أواخر العام الماضي، والذي ينص على تدشين مرحلة انتقال سياسي يقودها مدنيون، وذلك بعد احتجاجات واسعة تطالب بحكم مدني.
ولكن عدم وصول الطرفين لاتفاق حول بعض بنود هذه الاتفاقية، أدى لاندلاع اشتباكات عنيفة في مختلف مناطق السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، باستخدام مختلف أنواع الأسلحة وفي مناطق مأهولة، إضافة لقصف عنيف بالطائرات واندلاع حرائق متفرقة في الشوارع؛ ما أدى لسقوط أكثر من 100 قتيل.
تبادل الاتهامات
من بدأ المواجهة؟ سؤال يصعب الإجابة عليه في ظل تبادل الاتهامات بين الطرفين، إذ يتهم كل طرف منهما الآخر بالمبادرة بالهجوم، إضافة لتضارب البيانات الصادرة من كليهما، إذ أعلنت قيادة قوات الدعم السريع سيطرتها على القصر الجمهوري وعلى مقرات قيادة للجيش، في حين نفى الأخير ذلك؛ مؤكدا أن القوات المسلحة تسيطر على جميع مقراتها، الأمر الذي يجعل الأوضاع الأمنية في البلاد تسودها حالة من الغموض.
ولكن لا بد أن نتساءل الآن.. كيف بدأت هذه الأزمة؟
بدأت الحكاية في العاشر من نيسان/ أبريل 2019 عندما استولى الجيش على السلطة وأطاح بالرئيس عمر البشير، وذلك بعد احتجاجات واسعة دامت لأشهر ضد النظام، وتم حينها تشكيل مجلس عسكري انتقالي بقيادة البرهان، لكن المحتجين استمروا في احتجاجاتهم ضد الانقلاب، مطالبين بحكم مدني وسط قمع عنيف من السلطات وسقوط عشرات القتلى، وبعد سلسلة من الأحداث تم في كانون الثاني/ ديسمبر 2022 التوقيع على الاتفاق الإطاري، الذي يضمن الحكم المدني في البلاد من قبل قوى سياسية متعددة وبحضور البرهان وحميدتي، ولكن في نيسان/ أبريل 2023 تم تأجيل توقيع الاتفاق النهائي، بسبب خلافات حول خضوع الجيش لإشراف مدني ودمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة؛ ما تسبب في الأحداث التي تعيشها السودان اليوم.