تنهال المصائب على جسد الوطن العربي
وأبنائه تباعا وفي أوقات ليست متباعدة، ومن أحدثها ومما هو مستمر منها سلوك
الصهاينة اللصوص تجاه فلسطين وأبنائها الطيبين.
هو ليس نهجا أو سلوكا عابرا أو لحظيا، لا إنه مقيت لأنه عن
سبق إصرار وترصد وتخطيط مسبق يطبق اليوم على فلسطين تحديدا وعلى أبنائها وتشتد
ضراوته وقسوته في وقت الصيام وشهر
رمضان المبارك من كل عام. نفس النهج الصهيوني
لكنه يختلف في الشدة فهو اليوم أشد من ذي قبل، لماذا؟ لأن الخلاف بين الصهاينة
والأمة الإسلامية ليس خلافا حياتيا ذا صلة بالحياة وطبعها المادي، هو ليس لأجل
الثروات المختلفة المتنوعة ولا هو خلاف مادي، إنه أقوى أنواع الخلافات بين البشر،
إنه خلاف التفكير والعقل. لا حل إلا بفئة غالبة، تنتصر وتسود ويطغى نهجها على
الحياة وطبيعتها.
الأمة العربية والإسلامية ترفض رغم الأهوال التسليم ورفع
الراية البيضاء، كيف ذلك وهي صاحبة الحق الأصيل؟ لكن الدنيا جلابة ظلم ومظالم
كثيرة، العدل فقط عند الله تعالى في الآخرة وبعد يوم القيامة ونهاية قصة الحياة
كلها بصورة شمولية كاملة.
الصهاينة اليوم أشد ضراوة وفتكا. استغلوا ضعف العروبة كلها
وهوانها واستجدائها السلام معهم استجداء مذلا. معروف عنهم أنهم قوم لا يطيقون
السلمية ولا السلام ومع ذلك الهرولة كثيرة إليهم، هل سيطروا؟ هل القوة بأيديهم؟ هو
التحليل الصحيح، الصهاينة اليوم لهم الكلمة الأولى إلا ما هو التفسير الحقيقي
لاعتدائهم على المعتكفين العزّل داخل
الأقصى الجريح؟
الشعارات والكلام لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يعطي نتيجة
شافية مؤدية الغرض تحمي فلسطين، أين هي الرجولة العربية الحقيقية؟ الكلام هنا عن
الرجولة وليس عن الذكورة، لسنا في تحليل للفحولة وأوضاعها أبدا، غابت الرجولة
العربية رويدا رويدا حتى دُنس الأقصى الشريف بأرجل الصهيوني الجبان، المشهد صعب
مرير وأمرّ من العلقم نفسه. صار الإنسان يتمنى ويحدّث نفسه بالموت. طاب الموت يا
مسلمين، طاب الموت يا عرب، إنه الأقصى الشريف، لا مجيب أبدا. صور الحياة طاغية
أكثر من مشهد قبلة الإسلام الأولى وشاهدة الإسراء والمعراج علامة الإسلام النبيل.
الحديث هنا عن الطامة والنكبة الكبرى أن يتبع الناس الحياة
أكثر من التبعية من الخضوع من الخشوع الحقيقي إلى الله الخالق العظيم خالق الكون
كله، ربما وعلى الأرجح هذا هو الحال على حقيقته على واقعيته، وإلا لماذا أعداد
الأمة كثيرة وفعلها قليل، ما هو التفسير؟
الانغماس المستمر بالمادة مثل الإسفنجة في الماء تغمر
غمرا؛ هو المأساة الحقيقية وها هو المشهد للأقصى المكلوم دال على ذلك خير دلالة،
فعلا طاب الموت ليس مجاملة بل حقيقة.
ذبح للقرابين وتدنيس للأقصى الرمز، والمعنى الأصيل هو سيد
الموقف حتى في شهر رمضان المبارك والصيام. يحدث كل ذلك وبزيادة. ويقال في
المؤتمرات السلمية إن ليس صراع فكر وعقل وعقيدة، إذن ما هو نوعه من أنواع الخلافات
والصراعات البشرية؟ نهج التشبع من بئر الحياة وملذاتها في الأصل لا ينطبق على أمة
الإسلام والعروبة، لكنها ولشديد الأسف غاصت فيه وجعلته مناسبا لها. صارت مثل باقي
الأمم والبشرية كلها، يقول صواب العمل وأحسنه إن ميزتها أفضليتها بالإسلام وأخلاقه
ومبادئه وقيمه، لكن لا مجيب. الأغلبية سامعة عارفة لكن التطبيق اليوم لمنهج آخر،
هو السائد وهو المغري حد الارتشاف الكبير من كأس الحياة وملذاتها ومتعها دون
الارتواء، هل من مزيد؟ للأقصى الشريف الجريح رب (هو الله ليحميه)!
قالتها العروبة وأهل الإسلام النبيل فعلا والحال دال على
ذلك. أبناء فلسطين وحدهم في مجابهة الصهيوني السادي المحتل، أين طريق الرسول (محمد
صلى الله عليه وسلم)؟ تعاود الكرة التدحرج، سماع من أذن وتطبيق لمنهج مخالف من
الأذن الأخرى. الأقصى يضيع والمادية بمقاسها لا تناسب بالكلية ولا بالإجمال، هي
أسلوب في الحياة وليست هدفا رئيسيا، لا اكتراث، ومعرفة بلا تطبيق فعلي. حل الخراب
وحل الضعف والهوان معه، ياه مؤتمرات الاستجداء والخضوع.. أبقني حيا يا ابن صهيون،
سأرتشف الحياة للأقصى ولفلسطين، الله تعالى سيحميهم، هذه إجابة العروبة وأهل
الإسلام على كثرتهم لكن النتيجة دموع فلسطين المستمرة، ودموع غيرها من بلاد العرب
الكثير، لكن وجع الأقصى هو الأقسى فهو وجع الحياة وما بعدها. هل من بصير غير أعمى
معتبر؟
ربما سيبقى الوضع كارثيا وربما يبقى على حاله ضعفا وهوانا
عربيا. اللهم احفظ فلسطين والأقصى، رعايتك وحفظك هما الدعاء هما الرجاء ويبقى دمع
العين منهمرا. طاب الموت طاب الموت، آخ يا وجع العزة والكبرياء والكرامة.
الحياة فانية، هل سيقبل الله تعالى عمل الدنيا هل سيرضى
عنه من العروبة بمجملها، الأقصى ليس بناء عاديا مثل غيره في الحياة، هو بلغة بسيطة
منارة العدل وميزانها المستقيم، إن حادت عنه فصورة وشكل الغابات المظلمة أمامها هي
العنوان وهي البديل. شدوا الرحال إلى الأقصى قولا صحيحا ومعه النية للنهوض، لا وقت
للتأخير أبدا، بدأ الوقت يضيع.
بنو صهيون حضروا اليوم كل الأدوات واللوازم للبدء بإنشاء
الهيكل الوهمي، فأين هي إذن أدوات العروبة ومعداتها للحفاظ على فلسطين وعلى الأقصى
الشريف وعلى الذات على الأصل، أصل البقاء وأصل الثبات في الحياة لأجل ما بعدها وما
يتلوها، يبقى السؤال موجودا دون إجابة تذكر.