أظهرت وثيقة مسربة لاجتماع المرشد
الأعلى علي
خامنئي مع قادة في
الحرس الثوري الإيراني ومسؤولين بالحكومة، أن هناك
خلافات بين القادة في إيران، إذ يشعر الكثير من رجال الدين بعدم الرضى عن وضعهم
وبعضهم يفقد الثقة في الجمهورية الإسلامية.
وقال الباحث في "معهد واشنطن"
هنري روم، إن عددا من قادة إيران وجهوا انتقادات لأمين "المجلس الأعلى للأمن
القومي" في إيران، علي شمخاني، حيث وجهوا اتهامات لاذعة لابنه بارتداء ساعة
تبلغ كلفتها ما يوازي دخل الجندي العادي على مدى أربع سنوات.
لكن المسؤول الإيراني رد على
الانتقادات بقوله إن مكتبه وجد أن أبناء الكثيرين من قادة "الحرس
الثوري" ينفقون ما مقداره 10 مليارات ريال شهرياً (حوالي 20000 دولار)، وهو
رقم أعلى بكثير مما تسمح به رواتب آبائهم فقط.
ورأى الباحث في تحليل نشره "معهد
واشنطن"، أن "الحرس الثوري" الإيراني وشمخاني، شكلا محور
الكثير من مزاعم الفساد، وبالتالي، ستكون هذه الشكاوى منطقية إذا صحت.
اظهار أخبار متعلقة
وأكدت الوثيقة المسربة عن الاجتماع أن
بعض قادة "الحرس الثوري" عبّروا عن إحباطهم من عدم كفاءة حكومة الرئيس
إبراهيم رئيسي والحكومة السابقة لها.
واشتكى أحد القادة من أن عدم الكفاءة
كان منتشراً للغاية بين كبار المسؤولين في محافظة ألبرز لدرجة أن مدير الكهرباء
الإقليمي لم يكن يعرف الفرق بين كيلوواط وميغاواط.
ولفت التحليل إلى أن قادة "الحرس
الثوري" الإيراني يشكون من محدودية الموارد.
وأفاد البعض كما يُزعم أن الرواتب غير
كافية لتغطية تكلفة المعيشة، خاصة للجنود الذين يحاولون إعالة أسرهم أو إلحاق
أطفالهم بالجامعة.
وتحدث أحد القادة بحسب الوثيقة
المسربة، عن اضطرار الجنود إلى تولي وظائف متعددة، بينما اشتكى آخر من التفاوت في
الأجور بين الجنود على الحدود وأولئك الذين لديهم وظائف مكتبية في طهران.
ورأى التحليل أن هذه المزاعم لا تُعتبر
مفاجئة على الإطلاق نظراً للضائقة الاقتصادية في البلاد، وهي تؤكد أن "الحرس
الثوري" الإيراني ليس محصناً من القيود المالية الناجمة عن الفساد وسوء
الإدارة والعقوبات الأمريكية.
وعلى الرغم من مواجهة أكبر حركة
احتجاجية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، لم تتمكن الحكومة من حشد الموارد الكافية
لزيادة ميزانية "الحرس الثوري" - أهم مؤسسة أمنية في البلاد - إلى درجة
تواكب التضخم.
اظهار أخبار متعلقة
وعلى الرغم من أن الميزانية العامة لا
تشمل مجمل نفقات الدفاع، إلا أنها توفر مؤشراً مفيداً عن القدرات المالية للحكومة.
وبالنسبة للعام الإيراني الحالي، الذي بدأ الأسبوع الماضي، اقترحت الحكومة زيادة
مخصصات "الحرس الثوري" بمقدار الثلث مقارنة بالعام الماضي، لكن التضخم السنوي
يتجاوز حالياً 50 في المئة، لذا سينخفض التمويل العام لـ "الحرس" من
الناحية العملية. كما شهدت رواتب الحكومة والجيش تخفيضات فعلية، بما أن الزيادات
المعتمدة بنسبة 20 في المئة فقط لا تواكب التضخم أيضاً. ومع ذلك، حاول البرلمان
منح بعض أفراد "الحرس الثوري" إجازة مالية، وخاصة "الباسيج"،
الذين تم إعفاؤهم من دفع رسوم الكهرباء والغاز والمياه والصرف الصحي ورسوم
البلديات.
التداعيات
إذا كان محضر الاجتماع حقيقياً، فهو
يعكس فكرة مباشرة غالباً ما تضيع في المحادثات المعنية بضائقة إيران الاقتصادية -
أي أن أقساما كبيرة من "الحرس الثوري" تواجه ضغوطاً حقيقية بسبب العقوبات
الأمريكية، ناهيك عن سوء الإدارة الداخلية والفساد في صفوف النظام.
وبالطبع، تستفيد أقسام أخرى من
"الحرس الثوري" من الوضع الراهن، إذ تؤدي العقوبات إلى إجراء العمليات
التجارية في الخفاء، وتستخدم الكيانات المرتبطة بـ "الحرس الثوري"
شبكاتها للتهرب من القيود الأمريكية وتحصيل جزء من الإيرادات لها في غضون ذلك.
وفي الواقع، ينبغي أن يؤدي الطابع
المعقد لـ "الحرس الثوري" ومصالحه المتنوعة إلى إعادة النظر في أي مزاعم
بأن "الحرس الثوري" لديه وجهات نظر متجانسة حول العقوبات أو الدبلوماسية
مع الغرب أو الحكومة الحالية.
فحكومة رئيسي تزخر بقدامى المحاربين في
"الحرس الثوري"، بينما يدير المحافظون والمتشددون مؤسسات الدولة - وهو
الوضع الذي دفع العديد من المحللين إلى افتراض أن "الحرس الثوري" سيكون
الفائز الأكبر خلال فترة رئاسته.
ومع ذلك، فهذا لا ينطبق على ما يبدو
على الكثير من أفراد "الحرس". فالشكاوى المزعومة بشأن عدم كفاءة الحكومة
تؤكد على عمق التحديات الهيكلية التي تواجهها إيران والصعوبات التي يواجهها بعض
أعضاء "الحرس الثوري" في محاولتهم تغطية نفقاتهم.