أعلن الناشط السياسي
الجزائري رشيد نكاز، عن مغادرته أرض الجزائر
متجها إلى إسبانيا من أجل العلاج بعد تدخل شخصي من الرئيس عبد المجيد تبون.
وقال نكاز في تدوينة نشرها اليوم على صفحته الرسمية في "الفايسبوك":
"لقد دقت ساعة المغادرة، بدون أي
استياء، أي انتقام، أي ندم، أستعد لمغادرة هذا البلد الجميل وهذا الشعب الكريم،
نحو أرض مليئة بالتاريخ والتي شهدت ذات يوم ولادة ابن رشد وابن عربي".
وفي رسالة غير مفهومة لفرنسا وأنصارها قال نكاز: "بالنسبة
لأولئك الذين قرأوا كتابي الأخير، سوف يفهمون بسهولة أن أرض فولتير ستنتظر لفترة
أطول قليلاً قبل أن أعبر شواطئها اللطيفة. إن عدالتها الانتقامية
العمياء والعنيدة ـ القوية في يقينها الاستعماري ـ التي حتى الآن لم تعترف بالذنب.. سأواجه الأمر
في الوقت المناسب ورأسي مرفوع عندما أشحن
بطارياتي قليلاً.. إلى اللقاء!".
وكان رشيد نكاز قد أعلن في وقت سابق أن الرئيس عبد المجيد تبون تدخل
شخصيا من أجل إنهاء قرار مضى عليه تسعة أعوام يقضي بحرمانه من الحصول على وثائقه
الرسمية.
وقال نكاز: "في غضون 24 ساعة، وضع الرئيس عبد المجيد تبون للتو
حدا لـ9 سنوات من إنكار الوجود القانوني للمعارض رشيد نكاز في الجزائر حيث تم تجديد
جميع وثائقه الإدارية".
وأضاف: "منذ التجمع الكبير الشهير في 8 آذار (مارس) 2014 في
البريد المركزي بالجزائر العاصمة ـ أي قبل 5 سنوات من انطلاق الحراك ـ أعطى نظام
بوتفليقة، برئاسة أحمد أويحيى، أمرًا لجميع إدارات البلاد بعدم تجديد أي وثيقة
إدارية. إلى رشيد نكاز في الجزائر. حتى أن دستور 2016 تجرأ على إقصائه من المشاركة في جميع
الانتخابات في بلد والديه الراحلين".
وتابع: "
المعارض السياسي ليس لديه رخصة السياقة منذ سنة 2014، ولا
شهادة إقامة ولا تجديد لجواز
السفر ولا تجديد حتى لبطاقة ناخب لا شيء. لقد وضع الرئيس تبون للتو حدا لهذا الكابوس الإداري، وهذا الظلم الصارخ
وازدراء جميع حقوقه الأساسية من خلال إصدار الأمر بتجديد جميع وثائق الهوية
للمعارض الجزائري في غضون 24 ساعة، تم ذلك والحمد لله".
وأنهى تدوينته قائلا: "هكذا، بالإضافة إلى 3 قرارات عفو رئاسية
استثنائية مُنحت في غضون عامين، وإلغاء حظر المنع من مغادرة التراب الوطني، اتخذ
الرئيس تبون لتوه ما لم يكن لدى أي سياسي جزائري الشجاعة للقيام به لمدة 9 سنوات:
اعتبار رشيد نكاز مواطنًا بسيطًا مثل الآخرين. يحترم حقوقه وواجباته. بعد كل هذه المحن المؤلمة، في شهر رمضان المبارك، يقول رشيد نكاز
بصفته مواطناً عادياً، شكراً للرئيس تبون".
وحول القضايا التي ناضل من أجلها طيلة الأعوام الماضية من عمره قال
نكاز في تدوينة منفصلة نشرها على صفحته الرسمية على "الفايسبوك": "سلام
عليكم، أزول، هنا، ومن خلال الصورة، وفي حالة من التدهور الجسدي والمعنوي والنفسي
أجد نفسي بعد 10 سنوات من الالتزام التام والتضحية في الجزائر في خدمة الواجب
الأبوي مؤمناً بأنني على قضية حق.. نعم، بدت لي قضية الحرية والتعددية والحكم
الأخلاقي عادلة وشرعية. لكن، أسيء فهمها من قبل جزء كبير من الشعب والنظام
الجزائري القديم الذي وجد لغتي وأساليبي وجرأتي، مشبوهة ومقلقة وأحيانًا لا تطاق".
وقدم نكاز الاعتذار عن كل تقصير وأعلن أنه سينكب الآن على متابعة
وضعه الصحي والأسري، وقال: "أعتذر لكم جميعًا إذا قمت خلال هذا العقد بتغيير
عاداتكم قليلاً، أو إذا اصطدمت بالثوابت الخاصة بكم أو إذا كنت ببساطة قد خيبت
أملكم. اليوم، مع حالتي الصحية الهشة وبيئتي الثقيلة، أشعر بالتعب
الشديد الشديد جدًا. أنا منهك جداً. أحتاج إلى الراحة، لإعادة شحن بطارياتي
في مكان آخر، دائمًا على نفس أرض الله الشاسعة، مع عائلتي التي أفتقدها كثيرًا،
والتي عانت كثيرًا بسبب خطئي خلال هذه الليالي الانفرادية التي مرت علي في السجن
البالغ عددها 1210 ليال عندما فشلت في دور الزوج والأب".
وأضاف: "في الوقت الحالي، أنا متأكد من أن النساء الأخريات
والرجال الآخرين، الأكثر ذكاءً، والأكثر شجاعة، والأكثر حسب رغبتكم، سيساعدونكم في
العثور على طريق الإخلاص أو على الأقل طريق السلام الداخلي الذي تحتاجه كثيرًا
جزائرنا الحبيبة، بعد 22 قرنًا من التجربة والخطأ، والظلال بهويتها الفسيفسائية
وتاريخها المؤلم"، وفق تعبيره.
ويعد نكاز أحد الناشطين السياسيين في الجزائر، وكان يقيم في فرنسا،
غير أنه أعلن في أكتوبر/ تشرين الأول 2013، تنازله عن جنسيته الفرنسية من أجل
استكمال الإجراءات القانونية لخوض انتخابات الرئاسة في الجزائر التي جرت في 17
أبريل/ نيسان 2014، وفاز فيها الراحل عبد العزيز بوتفليقة بولاية رابعة.
ولم يتمكن نكاز من خوض الانتخابات الرئاسية حينها بسبب "عدم جمع
توقيعات كافية للترشح"، وفق السلطات.
كما رفضت السلطات منحه الترخيص بالنشاط لحزبه "حركة الشباب".
وقبل دخوله معترك
السياسة في الجزائر عام 2014، كان نكاز رجل أعمال
يسمى في فرنسا باسم "محامي المنقبات"، حيث أنشأ عام 2010 صندوقا بمليون
يورو لدفع غرامات المنقبات في فرنسا أمام المحاكم بعد صدور قانون يجرم من ترتديه،
وأطلق عليه اسم "صندوق الدفاع عن الحرية".