تعتقد أوساط الاحتلال
أن
إيران وحزب الله يختبران قدرتهما على تغيير قواعد اللعبة في مواجهة التردد
الإسرائيلي والأمريكي، بعد انفجار مجدو، بشكل يهدد بخلق فجوات بين واشنطن وتل
أبيب.
وفيما تنشغل دولة الاحتلال بالأزمة الداخلية، والجهود المبذولة لإمضاء شهر
رمضان بهدوء مع الفلسطينيين، تتطور تحديات كبيرة على الساحة الإيرانية، ومع القوى
النافذة في لبنان.
وفي السياق الإيراني،
ترى المحافل الإسرائيلية أن إيران تسعى لاستكشاف إمكانية تغيير قواعد اللعبة،
وتخصيب اليورانيوم لمستوى عسكري، رغم أن الولايات المتحدة ترى في أي محاولة
إيرانية لتطوير أسلحة نووية خطاً أحمر، ولن تتحمل ضمنيًا إنتاج اليورانيوم بمثل
هذا المستوى العالي، وهو ما أكده رئيس هيئة الأركان المشتركة للولايات المتحدة
الجنرال مايلي أمام الكونغرس بقوله إن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة، من حيث
السياسة، بعدم نشر إيران أسلحة نووية".
اظهار أخبار متعلقة
الجنرال يوسي كوبرفاسر
رئيس شعبة الأبحاث الأسبق في جهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، زعم أنه "من
وجهة نظر الولايات المتحدة يمكن لإيران تخصيب اليورانيوم إلى المستوى العسكري،
وربما حتى استخدامه لإنتاج رؤوس حربية نووية، لكن إذا نشرت أسلحة، فلن يتجاوز
الأمريكيون ذلك بصمت. لكن الغموض المحيط بالموقف الأمريكي يتمثل بالتصريح الفاشل،
والنتيجة هي نشوء خلافات حول حجم الوقت الذي سيستغرقه الإيرانيون لإنتاج أسلحة
نووية من لحظة اتخاذ القرار للقيام بذلك".
وأضاف في
مقال ترجمته
"عربي21" أن "الجبهة الثانية تتمثل في تراجع الردع الإسرائيلي أمام
حزب الله، وهو ما ظهر في هجوم مجدو، ما يعكس تصعيداً في جرأته. صحيح أن الكثير
يخفى حول ما حدث بالضبط، لكن من الواضح أن قوة في لبنان، تتمتع بمستوى مهني عسكري
مثير للإعجاب نسبيًا، بما في ذلك الوصول المتقدم، والقدرة على عبور الحاجز
الحدودي، قررت إرسال مسلح بشكل جيد إلى الداخل، وقد نجح في تنفيذ هذه العملية.. كل هذا دون أن
يكون أي شخص في إسرائيل على علم بالنية، والقرار، والتنفيذ".
وأشار إلى أنه "حتى
في وقت لاحق، فليس من الواضح ما إذا كانت المخابرات الإسرائيلية تمكنت بالفعل من
تحديد كيفية منع تكرار الحادث أم لا، لأنه من الجهة الاستخباراتية يبدو أننا أمام مفاجأة
متعددة الأبعاد، في ضوء ما تقوم به المنظومة الإسرائيلية لردع عناصر القوة في
لبنان، بزعم أنهم ملزمون بقواعد اللعبة التي يمتنعون بموجبها عن مهاجمة أهداف في
إسرائيل، طالما أنها لا تهاجم المصالح اللبنانية الحيوية".
وأوضح أن "هجوم
مجدو حصل رغم استمرار استهداف أعضاء الحزب في سوريا كجزء من "المعركة بين
الحروب" التي تضرب جهود بناء القوة العسكرية لإيران والحزب في سوريا ولبنان،
لكن الآن يتبين أن هذا الافتراض غير صحيح، ما يعني أن الفهم الإسرائيلي للواقع
اللبناني خاطئ، ويحمل عدم إدراك للتغييرات الأخيرة فيه، ما يدفع أعداء إسرائيل
لتغيير الصورة الميدانية، ويقودهم لتبني استراتيجية جديدة".
اظهار أخبار متعلقة
يكشف هذا الإحباط
الاسرائيلي عن ما تسميه محافل الاحتلال بالتردد والإحجام عن مواجهة حزب الله، والخوف
من أن تزداد ثقته بنفسه، بحيث يتشجع على المزيد من استهداف المواقع الاسرائيلية،
حتى يخوض مخاطر غير محسوبة، لاسيما أن التصعيد مع الفلسطينيين في الضفة الغربية،
والأزمة الداخلية في إسرائيل، أدّيا إلى تخفيف القيود التي أخذت بها القوات اللبنانية
في تقييمها للأوضاع، ودفعاها إلى تبني سياسة جديدة.
ورغم أن الحزب لم
يتحمل المسؤولية عن هجوم مجدّو، لكنه حاول خلق معادلة جديدة يُسمح بموجبها للقوات
العاملة في لبنان بالعمل ضد الاحتلال عبر الحدود، مع تفضيل إخفاء هويتها، وتجنب
تحمل المسؤولية، ما يمنع الاحتلال من الرد، لأن أي رد سيواجه بحدّة، وإلى أن يتضح
من المسؤول عن الهجوم، فإن الاحتلال سيضطر للرد، وإلا فإن الهجوم سيحمل استنتاجا
مفاده أن قيود الردع قد تآكلت بالفعل، وهناك مجال لزيادة النشاط المعادي ضد
الاحتلال من لبنان.