بورتريه

عاشق في عمر الـ92.. ومتحالف مع الصهيونية واليمين الأمريكي (بورتريه)

وُصف مردوخ بأنه سرطان يستشري في الديمقراطية الغربية واتهم بأنه يمثل ظاهرة رأسمالية لا مكان فيها للأخلاق- عربي21
وُصف مردوخ بأنه سرطان يستشري في الديمقراطية الغربية واتهم بأنه يمثل ظاهرة رأسمالية لا مكان فيها للأخلاق- عربي21
عرف بتقلب مواقفه السياسية، فهو بدأ حياته معجبا باليسار لكنه تحول إلى النقيض منه، وبات انقلابه على حلفائه السياسيين الذين لم يعودوا يخدمون مصالحه، أمرا مألوفا في مسيرة صبغت بمواقف يمينية وعنصرية.

ولد روبرت مردوخ عام 1931 في ملبورن بأستراليا من أب وأم أسكتلنديين. وكان والده يمتلك الصحف الإقليمية في أستراليا، ولكن كان قد بدأ يواجه مشاكل مالية فأرسل ابنه إلى إنجلترا لدراسة الصحافة.
أما والدته فهي من اليهود الأرثوذوكس (المزيفين) وفق تعبير كريستوفر بولين صحافي التحقيقات في مجلة "أميركان فري برس" الأمريكية. وربما حاول مردوخ إخفاء جذوره اليهودية إلا أنه أيد علنا الجناح الصهيوني اليميني المتشدد أمثال بنيامين نتنياهو وآرييل شارون.

التحق روبرت مردوخ بكلية "ويرسستر كوليج" التابعة لجامعة "أوكسفورد" بإنجلترا، حيث درس تخصصات العلوم السياسية والاقتصاد والفلسفة، قبل أن يحصل على البكالوريوس ثم الماجستير في الفنون والعلوم من الجامعة ذاتها.

بدأ مردوخ مسيرته في الصحف والتلفزيونات الأسترالية، وأصبح المدير العام لشركة "نيوز ليمتد" في أستراليا، والتي ورثها عن والده في عام 1952.

اظهار أخبار متعلقة


وما لبث أن استحوذ في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي على العديد من الصحف في أستراليا ونيوزيلندا، قبل أن يتوسع في بريطانيا عام 1969، حيث استحوذ على صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" الأسبوعية، وكانت تعتمد على الرياضة والفضائح والجنس، ثم قام بتغيير سياستها التحريرية اعتمادا على الموضوعات الجنسية، والتركيز على العناوين ذات الحجم الكبير.

وتبعها بقليل بشراء صحيفة "ذا صن" الشعبية بعد أن شارفت على الإفلاس، وما لبث أن قلب سياستها التحريرية واستحدث فيها ركنا يوميا لصورة فتاة عارية، وركز على أخبار فضائح المجتمع المخملي فارتفعت مبيعات الصحيفتين في وقت قصير ليحقق أرباحا طائلة ويسيطر على سوق الإعلام البريطاني.

وفي عام 1981، اشترى صحيفة "ذي تايمز" أول صحيفة له بالحجم التقليدي.

واصل توسعه في امتلاك الصحف فاشترى شركة "هاربر كولينز" للنشر والطباعة وصحيفة "وول ستريت جورنال".

تعرضت شركة مردوخ الأسترالية عام 1991 لأزمة مالية، بسبب الخسائر في بدايات الشبكة الفضائية التلفزيونية "سكاي"، لكنه تجاوزها، وتمكن بعدها من السيطرة على تجارة وصناعة التلفزيون في بريطانيا المعروفة بـ"بي سكاي بي".

"الإعلام الفضائي"

وللتوسع في السوق الأمريكية، فإنه انتقل إلى نيويورك في عام 1974 وأصبح مواطنا أمريكيا بالتجنس في عام 1985.

وخلال التسعينيات توسع في شبكات البث الفضائي في آسيا وشبكات التلفزة في أمريكا الجنوبية. وبحلول عام 2000، أصبحت شركته "نيوز كوربوريشن" تمتلك أكثر من 800 شركة في أكثر من 50 بلدا في العالم بصافي أصول يصل إلى أكثر من 5 مليارات دولار.

وتمدد في بريطانيا وأمريكا حيث بسط سيطرته على صناعة الأفلام والإعلام الفضائي وحتى شبكات الإنترنت.

اظهار أخبار متعلقة


من بينها قناة "فوكس نيوز" الإخبارية المعروفة بمناصرتها المطلقة لدولة الاحتلال وعدائها الشديد للقضية الفلسطينية وللمسلمين، إضافة إلى صحيفة "نيويورك بوست"، و"شركة فوكس للقرن الـ20 للأفلام".

واجه في عام 2011، اتهامات بأن شركاته تجسست بانتظام على هواتف مشاهير وملوك ومواطنين عامة.

وواجه تحقيقات من قبل الحكومة البريطانية تتعلق بالرشوة والفساد وتحقيقات تتبع مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة.

دعم حرب بوش في العراق


وفي عام 2020 جمع رئيس وزراء أستراليا السابق كيفن راد توقيعات أكثر من مئة ألف شخص على عريضة للمطالبة بالتحقيق في سيطرة مردوخ على الإعلام في أستراليا عبر شركة "نيوز كورب" بنسبة نحو 70 في المئة من الصحافة المطبوعة في البلاد.

ووصف مردوخ بأنه "سرطان يستشري في ديمقراطيتنا".

لم يتوقف مردوخ عند السوق الإعلامي الغربي وإنما تمدد نحو الشرق فأصبح شريكا في "روتانا" أو ما برر بأنه "نقاش" لتملك حصة من الشركة التي تمتلك ست قنوات تلفزيونية وذراعا لإنتاج الأفلام. وتمدد أيضا بأن دخل إلى السوق التركية فاشترى محطة "تي. جي. آر. تي" التلفزيونية التركية الخاصة، وسعى إلى شراء صحيفة "تركيا" ووكالة "إخلاص" للأنباء في مسعى يهدف إلى التصدي للشعور المعادي لـ"إسرائيل" وأمريكا وكسب تركيا من جديد بعد تراجع صورة الحليفين في الشارع التركي، كما أنه يصنف على أنه محاولة للدخول إلى "العقل الشرقي".

مواقف دعم مردوخ للمحافظين في أمريكا ظهرت بوضوح في موقف وسائل إعلامه الداعمة للعدوان على العراق، واستعمل في وقتها نفوذه الإعلامي لتأليب الرأي العام ضد العراق وإنشاء أرضية شعبية لخطط بوش ووزارة دفاعه.

ولا يحاول مردوخ إخفاء مواقفه المتماهية تماما مع أفكار الصهيونية المناصرة لفكرة إقامة موطن لليهود على كامل أرض فلسطين.

علاقة وثيقة بأمراء الخليج


وتربط مردوخ علاقة وثيقة ببعض أمراء وأثرياء الخليج يأتي في المقدمة الأمير الوليد بن طلال الذي تربطه علاقات تجارية مع مردوخ وابنه جيمس مردوخ، من بينها شراكات تجارية في "نيوز كوربوريشن" ومجموعة "روتانا".

ويتعامل مردوخ مع الأحداث والأخبار كبضاعة يصار إلى تسييسها وتسويقها بشكل مؤثر ومربح في آن واحد، مهما كان الثمن الأخلاقي، ويؤمن بالإنترنت كلغة للعالم القادم وبالتكنولوجيا الجديدة وعصر السرعة.

لذلك قام بشراء موقع "ماي سبيس" الاجتماعي بمبلغ فاق النصف مليار دولار أمريكي. لكن سرعان ما باعه بـ35 مليون دولار أمريكي فقط بعد عزوف المستخدمين والمعلنين عن الموقع.

اظهار أخبار متعلقة


كما أنه يعتبر من أقوى الممهدين للعولمة وكسر الحدود الحضارية والثقافية بهدف التغلغل في المجتمعات مقدما مصالحه الشخصية والعقائدية على كل ما سواها. ويعتبر وفيا لانتمائه اليميني ولقناعته المنصهرة مع المحافظين في جميع الإدارات الأمريكية.

"لا مكان للأخلاق"

وفي أعقاب الهجوم المسلح على صحيفة "شارلي إيبدو" التي تحمل نفسا عنصريا ضد المسلمين عام 2015، غرد مردوخ من حسابه على "تويتر" تعقيبا على الحادثة محملا جميع المسلمين المسؤولية عنها، قائلا: "قد يكون معظم المسلمين مسالمين، لكن يجب محاسبتهم حتى يدركوا ويدمروا سرطان الإرهاب المستمر في النمو بينهم".

وأصبح حديث الإعلام أخيرا بعد أن أعلن خطوبته من شريكته آن ليزلي سميث (66 عاما)، القسيسة السابقة في الشرطة.

وقال لصحيفة "نيويورك بوست" إحدى مطبوعاته الخاصة: "كنت أخشى الوقوع في الحب، لكنني كنت أعرف أن هذا سيكون آخر شيء لي. يستحسن أن يكون. أنا سعيد".

وأضاف مردوخ، الذي أنجب ستة أطفال من زيجاته الثلاث الأولى" "نتطلع إلى قضاء النصف الثاني من حياتنا معا".

مردوخ الذي وصفه أحد الإعلاميين الأمريكيين بأنه جزء من "ظاهرة رأسمالية لا مكان فيها للأخلاق" تعامل خلال مسيرته في تشكيل رأي الناخبين في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا مع 13 رئيس وزراء بريطانيا دخلوا مقر الحكومة في "10 داونينغ ستريت" و10 رؤساء أمريكيين تناوبوا على البيت الأبيض منذ أن بدأ إعلام مردوخ.

عمره 92 عاما، ولا يزال يتطلع إلى النصف الثاني من حياته، وتلك قصة أخرى مع رجل يتشبث بالحياة حتى آخر ثانية.
التعليقات (0)