نشرت صحيفة "
بوليتيكو" الأمريكية تقريرا، استعرضت فيه سبع
خرافات تحول دون التوصل لحل يقضي إلى إنهاء الحرب الأوكرانية المستمرة من أكثر من
عام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"؛ إنه منذ بداية
الحرب؛ اقترح الكثيرون خططا لإحلال السلام بين أوكرانيا وروسيا، وذلك لحث أوكرانيا
على قبول تنازلات بشأن سيادتها وأمنها الإقليمي مقابل موافقة
روسيا على إنهاء
الحرب، لكن "خطط السلام" هذه تقوم على خرافات سائدة منها:
الخرافة الأولى: أوكرانيا غير قادرة على استعادة أراضيها
دحضت أوكرانيا هذا الادعاء بالفعل، من خلال استعادة الأراضي من سيطرة
روسيا من ضواحي كييف إلى خاركيف وخيرسون، وأثبت الأوكرانيون أن لديهم إرادة صلبة
للقتال واستراتيجية فعالة لاستعادة أراضيهم، لكن وتيرة الدعم هي التي تعيق قدرتهم
على التصرف بشكل أسرع، الأمر الذي يزيد من عدد القتلى.
وحسب الصحيفة، فإن المزيد من الأسلحة والذخيرة والمزيد من التدريب، هو
الطريق المؤكد لاستعادة أراضي أوكرانيا بالكامل. ولتحقيق ذلك؛ يجب أن تكون هناك استراتيجية
طويلة المدى تسمح لأوكرانيا بطرد روسيا بالكامل خارج حدودها المعترف بها دوليّا.
الخرافة الثانية: روسيا لا تُهزم
على الرغم من تجاهل روسيا لحياة الإنسان واستعدادها لرمي جنودها
كوقود للمدافع؛ فإن العدد الكبير للجنود القتلى تسبّب في إحداث فجوة في القدرات.
في المقابل؛ لدى القوات الأوكرانية معنويات عالية وقادة أكفاء وإمكانية الوصول إلى
التكنولوجيا المتفوقة إلى حد كبير.
ولفتت الصحيفة إلى حقيقة أن إنتاج الغرب من الصناعات الدفاعية لا
يزال عند مستويات وقت السلم، وهذا يعني أنه لم يبدأ في استعراض قوته العسكرية
الكاملة، وأن الناتج المحلي الإجمالي الاسمي لبلدان الشمال الأوروبي ودول البلطيق
مجتمعة أعلى من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، وترى الصحيفة أن هذه هي الحقائق
التي يجب أن ترتكز عليها استراتيجية الغرب، وليس رواية موسكو بأنها تمثل نظيرا
للناتو، وأن العقلية والعزم والإرادة السياسية هي المفتاح.
إظهار أخبار متعلقة
الخرافة الثالثة: روسيا سوف تُستنزف وتسعى إلى الاستقرار
تقول الصحيفة؛ إن بوتين غير مستعد لقبول سلام نزيه ودائم، وإن هذه
الحرب الأخيرة غذّت النزعة الانتقامية الروسية، تماما كما حدث في عامي 2008
و2014، وعندما يتحدث الشركاء الغربيون عن تسوية محتملة للصراع أو تجميده، ترى
موسكو أنه علامة على ضعف الغرب.
وتضيف الصحيفة أن استمرار الحديث عن نهاية تفاوضية للحرب لا يقرّب
السلام، بل يُفضي فقط إلى تضخيم تكلفتها بالنسبة لأوكرانيا وعلى الحلفاء الغربيين.
لذلك؛ يجب "تسوية" هذه الحرب في ساحة المعركة؛ لأن أي صفقة توفر مكاسب
حقيقية أو متصورة لروسيا، لن تكون سوى استراحة قبل المرحلة التالية من هذه الحرب.
الخرافة الرابعة: القرم خط أحمر لبوتين
خلال هذه الحرب، واصل بوتين رسم خطوط حمراء جديدة مرارا وتكرارا؛ لأنه يعلم أن الغرب سيأخذها على محمل الجد. ومع ذلك، فإن هذه الخطوط تحد من سرعة
اتخاذ القرار، ولكن الحدود المتفق عليها دوليّا، هي التي يمكن أن تكون الخط الأحمر
الوحيد، وإن منع أوكرانيا من استعادة شبه جزيرة القرم لن يمنع بوتين أبدا من
التوق إلى المزيد.
الخرافة الخامسة: هناك حياة مع روسيا بقيادة بوتين بعد الحرب
لا يزال بوتين والبعض في الغرب يعتمدون على فكرة أن "روسيا ستظل
موجودة" بعد الحرب، ومن ثم يخططون للعودة إلى العمل كالمعتاد، وهو شيء
يترافق مع مخاوف سائدة من أن يكون خليفة بوتين أكثر قسوة وانتقاما.
ومع ذلك؛ هناك حاجة إلى النظر إلى هزيمة روسيا، ليس كتهديد، بل كفرصة
لبناء دولة مختلفة ومتغيرة لن تهدد جيرانها مرة أخرى. بدلا من الخوف من التحول
الروسي؛ هناك حاجة إلى قبول أنه رغم مرور 30 عامًا، فإن تفكك الاتحاد السوفيتي لم
يكتمل بعد، ولن يحدث أبدا حتى تتغير العقلية في موسكو.
إظهار أخبار متعلقة
الخرافة السادسة: كل الحروب تنتهي بالمفاوضات
هذه رواية لا تصمد أمام اختبار التاريخ؛ فبعد الحرب العالمية
الثانية، لم تسترد الدول الأوروبية أراضيها بعد التواصل الدبلوماسي مع النظام
النازي. علاوة على ذلك؛ هل جلب أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا سلاما
مستداما؟ إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لا يزال الجورجيون يعتريهم الخوف من أن
يستيقظوا يوما ويجدوا حديقتهم الخلفية تحت قبضة بوتين؟ هل أوقفت اتفاقيات
"مينسك" الحرب أم أنها منحت روسيا وقتا للاستعداد للهجوم الشامل؟
وتشير الصحيفة إلى أن مذكرة بوخارست لعام 1994 التي أعطت أوكرانيا
ضمانات أمنية مقابل التخلي عن مخزونها النووي، كانت وعودا فارغة. لذا، يجب الآن
هزيمة روسيا عسكريّا بدلا من تلقي أي دعوات لحضور مؤتمر سلام، وينبغي دعوة
أوكرانيا للانضمام إلى الناتو بمجرد أن تسمح الظروف بذلك؛ لأن الناتو هو الوحيد
الذي يمكنه توفير ضمانات أمنية حقيقية.
الخرافة السابعة: دول البلطيق وبولندا تريد فقط الانتقام من روسيا
وفق الصحيفة؛ فتغذّي الحرب ضد أوكرانيا استياء روسيا من انهيار
الاتحاد السوفيتي، وتمثّل أجندة روسيا الإمبريالية الانتقامية تحديًا وجوديًا ليس
فقط لأوكرانيا، ولكن لجميع الدول الحدودية. لكن كل قرار تم اتخاذه في العقود
الثلاثة الماضية يتعلق بتوفير الأمان لهذه الدول؛ لأن نظام بوتين لم ينته بعد وأن
العالم لن يكون آمنا إلى أن يزول، وهذا هو السبب في أن انتصار أوكرانيا، هو انتصار
لهذه الشعوب، وأمنها هو أمنهم، والنصر وحده هو الذي سيوقف بوتين عن الزحف إلى
الدول المجاورة مرة أخرى.