اقتصاد دولي

القصة الكاملة لانهيار بنك وادي السيليكون.. هل تتكرر أزمة 2008؟

أثار انهيار بنك وادي السيليكون قلقا واسعا بين المستثمرين في الأسواق الدولية- جيتي
أثار انهيار بنك وادي السيليكون قلقا واسعا بين المستثمرين في الأسواق الدولية- جيتي
نشرت صحيفة "الإيكونومست" البريطانية تقريرًا، تحدثت فيه عن انهيار بنك وادي السيليكون (Silicon Valley Bank) ، وهو البنك السادس عشر في أمريكا، بأصول تبلغ حوالي 200 مليار دولار؛ حيث سار في اتجاهين معاكسين بالتدريج، ثم انهار فجأة، فقد شهد وضعه المالي تدهورًا كبيرًا على مدى عدة سنوات.

وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي 21"، إن بنك (svb)، الذي يتخذ من سان فرانسيسكو مقرا له، قال في 8 آذار/ مارس، إنه يسعى إلى جمع 2.5 مليار دولار لسد ثغرة في ميزانيته العمومية، وبعد مرور يومين فقط على هذا الإعلان، أعلنت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، التي تنظم الودائع المصرفية الأمريكية، أن البنك قد فشل.

وأفادت الصحيفة بأن سعر سهم بنك وادي السيليكون انخفض بنسبة 60 بالمئة بعد الكشف عن زيادة رأس المال، وقد حث جريج بيكر، رئيسه التنفيذي، العملاء على "دعمنا كما دعمناكم". ورغم عدم اقتناعهم، طلب بعض أصحاب رؤوس الأموال من شركات المحافظ أن تقدم الدعم، بينما اقترح بيل أكمان، مدير صندوق التحوط، أن على الحكومة إنقاذ البنك. بحلول صباح يوم 10 مارس، تراجعت أسهمه بنسبة 70 في المئة أخرى أو نحو ذلك في التداول قبل السوق، قبل أن يتم إيقاف التداول؛ حيث فشلت جهود بنك وادي السيليكون لجمع رأس المال، بينما كان البنك يسعى لبيع نفسه لمؤسسة أكبر، ثم جاء الإعلان من المنظمين، وفقًا لما ذكرته شبكة سي إن بي سي التلفزيونية.

اظهار أخبار متعلقة



سبب الانهيار المفاجئ
وأشارت الصحيفة إلى أن بنك السيليكون وصل إلى هذا المستوى بسبب فتح حسابات للشركات الناشئة وإقراضهم، وهو ما تحجم عنه البنوك الأخرى، لأن قلة من الشركات الناشئة لديها أصول للضمانات. وكان وادي السيليكون قد شهد ازدهارًا على مدى السنوات الخمس الماضية كما ازدهر البنك، فقد كان عملاؤه يتدفقون على المال؛ حيث كانوا بحاجة إلى تخزين الأموال أكثر من الاقتراض.

وأوضحت الصحيفة أن ودائع البنك قد تضاعفت أكثر من أربعة أضعاف -من 44 مليار دولار في نهاية عام 2017 إلى 189 مليار دولار في نهاية عام 2021- بينما نما دفتر قروضه فقط من 23 مليار دولار إلى 66 مليار دولار، وهو ما مثل مشكلة كبيرة بالنسبة للبنك، وذلك نظرًا لأن البنوك تجني المال من الفارق بين سعر الفائدة الذي تدفعه على الودائع (غالبا لا شيء) والسعر الذي يدفعه المقترضون، لذلك أصبح البنك مطالب بأن يحصل على أصول أخرى بفائدة. وبحلول نهاية عام 2021، كان البنك قد استثمر 128 مليار دولار، معظمها في سندات الرهن العقاري وسندات الخزانة.

وأضافت الصحيفة أن ارتفاع أسعار الفائدة مع ترسخ التضخم أدى إلى القضاء على الثروة الهائلة في رأس المال الاستثماري، وتسبب في انخفاض أسعار السندات، ما ترك بنك وادي السيليكون مكشوفًا بشكل فريد؛ فقد تضخمت ودائعه عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة، وكان عملاؤه يتدفقون على النقد. ومنذ أن قام البنك باستثمارات خلال هذا الوقت، قام بشراء السندات بسعر الذروة، في حين قام عملاء البنك بتخفيض ودائعهم، مع تجفيف جمع الأموال لرأس المال الاستثماري، لذلك انخفضت الودائع من 189 مليار دولار في نهاية عام 2021 إلى 173 مليار دولار في نهاية عام 2022، وهو ما اضطر البنك إلى بيع محفظة السندات السائلة بالكامل بأسعار أقل مما كان يدفعه، لتبلغ الخسائر التي تكبدتها في هذه المبيعات حوالي 1.8 مليار دولار، لتترك فجوة حاولت سدها بزيادة رأس المال. عندما ذهب البنك، كان يحتفظ بنحو 91 مليار دولار من الاستثمارات، تم تقييمها على أساس تكلفتها في نهاية العام الماضي.

وبحسب الصحيفة، فإن بنك وادي السيليكون ليس البنك الوحيد الذي يتعرض لخسائر غير محققة في محافظ سنداتها؛ حيث قالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة، إنها تراقب عدة بنوك في ضوء الأحداث في وادي السيليكون. ولحسن الحظ، تشكل دفاتر القروض حصة أكبر بكثير من الأصول في معظم المؤسسات الأخرى، لذلك فهم يكسبون أكثر من غيرهم مع ارتفاع المعدلات.

وأوضحت الصحيفة أن بنك وادي السيليكون لن يترك دون عملية إنقاذ؛ حيث أكد رو خانا، عضو الكونجرس من الدائرة السابعة عشرة في كاليفورنيا، التي تضم جزءًا من الوادي، أن بنك وادي السيليكون "هو شريان الحياة للنظام البيئي التكنولوجي"، ولا يمكنهم ترك البنك يفشل. وسواء كان ذلك يعني أنه ينبغي الاستحواذ عليها من قبل شركة أخرى أو الحصول على مساعدة من وزارة الخزانة حتى يشعر المودعون بالأمان".

اظهار أخبار متعلقة



قلق المستثمرين
وفي السياق ذاته، نشر موقع بلومبيرغ الأمريكي تقريرا، تحدث فيه عن آثار أزمة انهيار بنك وادي السيليكون؛ حيث يعدّ ذلك أكبر فشل لبنك أمريكي منذ أزمة 2008، التي كان سببها انهيار بنوك أمريكية كبرى.

وأفاد الموقع بأن الكثيرين من الخبراء يتوقعون ألا يؤدي انهيار البنك إلى أزمة مالية كبرى، على الأقل في الوقت الحالي، رغم أن سوق الأسهم، خاصة أسهم البنوك، ستتعرض إلى ضربة على المدى القصير؛ حيث يقول مايك بيلي، مدير الأبحاث في شركة إف إف بي لشركاء رأس المال "FBB Capital Partners" التي تعمل على إدارة الثروات: "ربما تكون أفضل إستراتيجية في الوقت الحالي هي عدم القيام بأي شيء، فإذا كان مستثمرو التجزئة يدخرون الأموال لتحقيق أهداف طويلة الأجل، فإن أخبار بنك وادي السليكون هذه مجرد عثرة بسيطة".

وأجاب الموقع عن بعض الأسئلة المهمة التي قد تدور في أذهان المستثمرين والمدخرين وأصحاب الثروات في البنوك، والتي يمكن أن تكون سببًا في قلقهم من أخبار انهيار بنك وادي السيليكون، والتي جاءت كالتالي: 

- هل يمكن أن يكون هذا تكرارًا لعام 2008؟

بين الموقع أنه من غير المحتمل حدوث ذلك، لسبب واحد، هو أنه كان لدى بنك وادي السيليكون جزء كبير من أصوله في محفظته الاستثمارية، بما في ذلك سندات الخزانة والسندات الأخرى التي انخفضت قيمتها مع قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة لاحتواء التضخم. بالإضافة إلى ذلك، فإن اللوائح التي تم وضعها بعد الأزمة المالية تضمن للبنوك الاحتفاظ برؤوس أموال للحماية من المخاطر النظامية.

ونقل الموقع عن سوزانا ستريتر، رئيسة قسم المال والأسواق في هارجريفز لانسداون، شركة خدمات مالية بريطانية، قولها مشيرة إلى البنوك الكبرى: "على الرغم من أنهم يجلسون على جزء كبير من الالتزامات غير المحققة لأن قيمة السندات التي يحتفظون بها قد انخفضت، فإنها لا تزال تتمتع برأس مال جيد".

- ماذا لو كان لدي أموال في بنك إقليمي أصغر؟

يؤكد الموقع أنه لا داعي للذعر بعد، ولكن يجب مراقبة الأمور؛ حيث تمتلك العديد من البنوك الإقليمية أيضًا سندات الخزانة طويلة الأجل، والتي تم شراؤها عندما كانت أسعار الفائدة قريبة من الصفر. ونظرًا لأن أسعار السندات والعوائد مرتبطة بشكل عكسي، فإن القفزة في الأسعار تعني أن هذه الأصول أقل قيمة، وتأتي المشكلة إذا حاول الكثير من العملاء سحب أموالهم بسرعة كبيرة، وكان على تلك البنوك بيع ممتلكاتهم بخسارة لتغطية عمليات السحب.

اظهار أخبار متعلقة



- هل سيحميني تأمين مؤسسة التأمين الفيدرالي (FDIC)؟

ذكر الموقع أن المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع تؤمن الودائع للمستثمرين الأمريكيين -خاصة في حال فشل البنوك- تصل إلى 250 ألف دولار لكل مودع؛ حيث قالت مؤسسة التأمين الفيدرالية (FDIC) إن المودعين المؤمن عليهم لدى بنك وادي السيليكون سيكون بإمكانهم الوصول إلى أموالهم في موعد لا يتجاوز صباح يوم الاثنين، وسيُطلب من العملاء الذين لديهم حسابات تزيد قيمتها على 250000 دولار الاتصال بمؤسسة التأمين الفيدرالية.

وقالت كريستين بنز، مديرة التمويل الشخصي في مورنينج ستار، شركة خدمات مالية عالمية مقرها شيكاغو، إن "مؤسسة التأمين الفيدرالية (FDIC) كانت واحدة من أكثر الكيانات صحة، وأفضل إدارة خلال الأزمة المالية، ويجب على المستثمرين الشعور بالارتياح في ذلك. ومع ذلك ، يجب أن يدركوا أيضًا أن مؤسسة التأمين الفيدرالية لا تغطي جميع الاستثمارات، بما في ذلك صناديق الاستثمار في سوق المال".

- هل لا يزال يتعين عليَّ الاستثمار في الأسهم ذات القيمة؟

اختتم الموقع التقرير بهذا السؤال، حيث أوضح أن الأسهم المصرفية تعدّ سمة بارزة في العديد من الصناديق ذات القيمة، لأنها تميل إلى الأداء الجيد عندما ترتفع أسعار الفائدة، وذلك لأن البنوك قادرة على تحقيق أرباح أكبر؛ حيث يقول بعض المحللين مثل إبراهيم بونوالا من بنك أوف أمريكا: "الآن فرصة شراء"، مضيفًا: "نعتقد أن عمليات البيع المكثفة في أسهم البنوك أمس كانت على الأرجح مبالغا فيها، حيث استقرأ المستثمرون القضايا الخاصة في البنوك الفردية للقطاع المصرفي الأوسع".

التعليقات (2)
أبو فهمي
الإثنين، 13-03-2023 06:20 ص
يقول المثل :::::::::::::::::::::: ذقن الطماع في طيز المفلس ::::::::::::::::::::.
عبد الله
الأحد، 12-03-2023 09:56 م
عندما تنهب الأموال تنهار البنوك و المؤسسات. المال لم تبتلعه الأرض و لكن الصهاينة العالميين يتحكمون بالبنوك العالمية و الدولية و يخربون الاقتصادات و يشعلون الحروب و يشردون الملايين و لا يحاسبهم أحد لأن الأنظمة و جيوشها و رجال أمنها كلها خاضعة لهم.