أثارت الزيارة المرتقبة التي سيجريها رئيس
النظام السوري بشار الأسد إلى
روسيا منتصف آذار/ مارس الحالي، تساؤلات عن أهدافها، في الوقت الذي ربط فيه مراقبون بين توقيت الزيارة وبين الأزمة المالية التي تضرب البنية الاقتصادية للنظام السوري.
وكانت صحيفة "فيدوموستي" الروسية، قد أكدت نقلا عن مصدر لم تسمه في الرئاسة الروسية "الكرملين" أن الأسد سيزور روسيا منتصف آذار/ مارس الجاري، مضيفة أن الرئيس فلاديمير
بوتين والأسد قد يناقشان العلاقات الثنائية والقضية الأوكرانية بالإضافة إلى موضوع تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، بالإضافة إلى احتمال الحصول على دعم لمواجهة أزمة الطاقة وعواقب الزلزال الذي ضرب البلاد في 6 شباط/ فبراير الماضي.
ولم يؤكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، الزيارة، قائلاً إن "الكرملين سيعلنها في الوقت المحدد، وليس في وقت مسبق"، وتابع في حديثه للصحفيين: "كقاعدة، يتم التحضير للعديد من زيارات العمل الرسمية، وهذه عملية مستمرة، يعمل بها متخصصون في الشؤون الدولية والوزارات والإدارات"، وقال: "كما تعلمون، نعلن عن الزيارات الدولية في الوقت المحدد، ولن نقوم بذلك في وقت سابق".
ما أهداف الزيارة؟
من جانبه، أكد المتحدث باسم "المصالحة السورية" التابعة للنظام عمر رحمون في حديث خاص لـ"عربي21"، أن زيارة الأسد لموسكو تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافة للمشاورات حول القضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين كالعلاقة التركية وإمكانية اللقاء بين الأسد وأردوغان.
وأضاف أنه سيتم البحث في حلول مواجهة آثار الزلزال وطرح حلول للأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحصار الغربي على سوريا.
اظهار أخبار متعلقة
أما الخبير بالشأن الروسي بسام البني، فقال لـ"عربي21"، إن الزيارة تأتي في وقت يتصاعد فيه الصراع بين الغرب وروسيا، والأخيرة تعتقد أنه لم يعد للحصار المفروض على سوريا أي معنى، ومن هنا فقد تقوم موسكو بكسر العقوبات على دمشق، وتعلن عن اتفاقيات تبادل تجاري كبيرة.
لكن هل تستطيع روسيا دعم النظام السوري اقتصادياً، وهي لا تزال تواجه التداعيات الاقتصادية بعد أوكرانيا؟ يرد البني: "بكل تأكيد تستطيع روسيا دعم دمشق اقتصادياً، وهي تمتلك الموارد الطبيعية (نفط، غاز، غذاء، مواد بناء)، التي تمكنها من ذلك".
ويضيف أن سوريا هي جزء من المعادلة الجيوسياسية الخاصة بروسيا، ولا يمكن للحرب في أوكرانيا أن تعيق التعاون مع دمشق.
التطبيع بين النظام السوري وأنقرة
من جانب آخر، توقع البني أن يهيمن ملف التطبيع بين دمشق وأنقرة على أجندات الزيارة، وقال: "نظراً للدور الروسي الهام في هذا الإطار، فسيكون النقاش حول التطبيع أساسياً، حيث تطمح موسكو لأن تكون سوريا دولة تتمتع بعلاقات حسنة مع الجوار، وخاصة مع تركيا، وهو ما سيصب بالنهاية في مصلحة الاقتصاد السوري".
وتابع الخبير بالشأن الروسي، أن النقاش سيتركز على شروط دمشق قبل المضي في التطبيع مع أنقرة، حيث تأمل روسيا في تقريب وجهات النظر، والوصول إلى حلول وطروحات وسطية، وقال: "تستطيع روسيا ممارسة تأثيرات على الأسد لإبداء مرونة في هذا الملف".
وبحسب أنباء متداولة، فإن النظام السوري يشترط على تركيا إنهاء وجودها العسكري في الشمال السوري، قبل البدء بالتطبيع، وهو ما ترفضه أنقرة في الوقت الحالي.
اظهار أخبار متعلقة
حلول للملف السوري
أما المحلل السياسي أسامة بشير، فقال إن الزيارة تحمل في طياتها طروحات حل للوضع السوري، ومناقشة المبادرة الإقليمية وتحديداً العربية، متسائلاً في حديثه لـ"عربي21": "لكن هل سيقبل الأسد بأي حل أو مبادرة من شأنها تنحيته أو الحد من صلاحياته على أقل تقدير؟".
والثلاثاء، كان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، قد قال إن هناك حوار من أجل عودة النظام السوري إلى الحضن العربي. وأضاف على هامش زيارته إلى بريطانيا أن هناك "إجماعاً عربياً على أن الوضع في سوريا غير مقبول وأن ثمة حوارا من أجل عودة النظام السوري إلى الحضن العربي"، مستدركاً بقوله: "لكن من المبكر الحديث عن ذلك".
وتابع بشير بأن "الوضع في سوريا ما زال معقداً، وما زال من المبكر الحكم على سلوك النظام السوري تجاه المبادرة أو الحراك العربي".
استعراض روسي
وفي السياق، يضع الباحث السوري أحمد السعيد الزيارة في إطار محاولات روسيا الهادفة إلى إظهار النظام السوري بدون عزلة دولية، وذلك بعد الحراك الدولي والعربي نحو سوريا بعد الزلزال، بدوافع إنسانية.
وفي حديثه لـ"عربي21"، يضيف السعيد أن "روسيا تعتقد أن الوقت قد حان لكسر العزلة الدولية المفروضة على الأسد، وهي الآن تريد الاستعراض بأن الأسد بدأ يجري جولات خارجية، حيث زار الإمارات وسلطنة عمان، والآن يزور روسيا في زيارة معلنة، وليست سرية كما درجت العادة".