كانت
الورقة العلمية التي نُشرت في عدد حزيران/ يونيو 2021 من مجلة "Nature
Climate Change" مثيرة للقلق؛ بين عامي
1991 و 2018، وقد أفادت الدراسة بأن أكثر من ثلث
الوفيات الناجمة عن التعرض للحرارة مرتبطة
بالاحتباس الحراري. وكانت الرسالة واضحة: تغير المناخ هنا، وهو يقتل الناس بالفعل.
بعد
شهر، أصدرت نفس المجموعة البحثية، التي يقع مقرها في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي،
وتضم علماء من عشرات البلدان، دراسة أخرى حول الصلة بين تغير المناخ ودرجة الحرارة
والوفيات البشرية. وكان مؤلفو البحثين متشابهين في الغالب، واستخدموا بيانات وأساليب
إحصائية متشابهة.
وبحسب
الدراسة فإنه بين عامي 2000 و 2019، زادت الوفيات السنوية من التعرض للحرارة. لكن
الوفيات الناجمة عن التعرض للبرد، والتي كانت أكثر شيوعًا، انخفضت بمقدار أكبر.
قد
يعني هذا أن ارتفاع درجات الحرارة قد يكون قاتلا، ولكن
البرد أكثر "فتكا"،
إذ إنه مقابل كل حالة وفاة مرتبطة بالحرارة هناك تسع وفيات مرتبطة بالبرد، بحسب تقرير
نشرته صحيفة "
واشنطن بوست" نقلا عن دراسة نشرتها مجلة "لانسيت"
العلمية.
وخلال
العقدين الماضيين، زادت درجة حرارة العالم بنحو 0.9 فهرنهايت، فيما بلغ عدد الوفيات
المرتبطة بدرجات الحرارة بالمجمل حوالي 650 ألف شخص، ونحو 90 في المئة منها مرتبطة
بالبرد.
وقال
مؤلفو الدراسة إن "النتائج تشير إلى أن الاحترار العالمي قد يقلل بشكل طفيف الوفيات
المرتبطة بدرجات الحرارة على المدى القصير".
ويجادل
تقرير الصحيفة بأن ما توصلت إليه هذه الدراسة فتح الباب أمام فرضية "إذا كانت
البرودة أكثر فتكا من الحرارة، والأرض تزداد سخونة، فقد ينقذ
الاحتباس الحراري الأرواح".
ويوضح
التقرير أن الدراسة اعتمدت على بيانات 20 عاما فقط، فيما يطلب من العلماء الاعتماد
على بيانات 30 عاما على الأقل لاستخلاص الاستنتاجات حول تغير المناخ، ما قد يجعل من
تقديرات بياناتها "غير دقيقة".
ويشير
إلى أن التوقعات بأن ارتفاع درجة حرارة الكوكب قد يعني تحسن الطقس في مناطق شمال العالم،
والتي أغلبها من الدول الغنية، حيث يمكن للناس الإنفاق على حماية أنفسهم من برودة الطقس،
ولكن آثار زيادة درجات الحرارة قد تكون عقابا على المناطق الدافئة والأقل ثراء، والتي
قد تؤدي إلى تغيير المعادلة بزيادة أعداد الوفيات من الحرارة المرتفعة.
وذكر
التقرير أن العديد من الدراسات التي تتنبأ بوفيات بسبب درجات الحرارة في المستقبل لا
تأخذ في الحسبان "التكيف"، ليس لأنهم لا يعتقدون أن البشر سيتكيفون، ولكن
لصعوبة قياسه.