واصلت السلطات
التونسية شن اعتقالات تطال شخصيات بارزة، كان آخرها، اليوم الأحد، القاضي المعزول من منصبه البشير العكرمي.
والعكرمي هو وكيل جمهورية سابق للمحكمة الابتدائية بتونس، وأكد نبأ اعتقاله لـ"عربي21" المحامي سمير بن عمر.
وجاء اعتقال العكرمي، بحسب مصادر مقربة من السلطات، بسبب شبهات فساد.
كما تداول الإعلام التونسي أنباء غير مؤكدة عن اعتقال القاضي المعزول أيضا، الطيب راشد.
فيما قال القاضي المعزول مراد المسعودي، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إنه جرى اقتياد القاضي البشير العكرمي إلى جهة غير معلومة، مشددا إلى أن ما حصل لا يعد إيقافا قانونيا.
والعكرمي تم عزله بموجب مرسوم رئاسي في حزيران/ يونيو المنقضي ضمن قائمة شملت 57 قاضيا.
يشار إلى أنه إثر إعلان الإجراءات الاستثنائية تم وضع القاضي العكرمي تحت الإقامة الجبرية.
جدير بالذكر أن مجلس التأديب بمجلس القضاء العدلي قرر، في 20 آب/ أغسطس 2021، إيقاف الطيب راشد عن العمل، وإحالة ملفه على النيابة العمومة؛ لاتخاذ ما تراه صالحا من إجراءات عملا بأحكام الفصل 63 فقرة ثانية من قانون المجلس الأعلى للقضاء، كما تم الإعلان عن شغور خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب.
ومنذ يومين، تعرف تونس حملة إيقافات كبيرة شملت سياسيين وقضاة ورجل أعمال نافذا، إذ جرى اعتقال القيادي السابق بحركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، والناشط السياسي خيام التركي، ورجل الأعمال كمال اللطيف.
اظهار أخبار متعلقة
المحامون لم يلتقوا بأحد
قال المحامي ديلو، في تصريح لـ"عربي21"، إن هيئة الدفاع لم تلتق بعد بالجلاصي، ولا تعرف حتى مكان تواجده.
ورجح المحامي أن يكون موكله موقوف بالثكنة الأمنية بـ"بوشوشة "أو "القرجاني".
من جهتها، أكدت النائب السابقة منية إبراهيم وزوجة عبد الحميد الجلاصي أن عناصر بالزي المدني قاموا بتفتيش المنزل مساء السبت، واعتقلوا زوجها.
وقالت بن براهيم لـ"عربي21" إنه تم مصادرة حاسوب الجلاصي الشخصي وهاتفه .
إدانات
صدرت بيانات إدانة لحادثة اعتقال الجلاصي، وعبرت أحزاب وشخصيات سياسية عن تضامنها معه، وطالبت بإطلاق سراحه وعلى الفور .
ففي بيان لها، استنكرت حركة "النهضة" اعتقال الجلاصي، واعتبرت أن "الاستهداف العشوائي للمعارضين للانقلاب لن يحلّ مشاكل الناس، لكنه ينمُّ عن تخبط السلطة ورغبتها الجامحة في تصفية كل الخصوم "، وفق نص البيان .
وقال الحزب إن "حملة الاعتقالات تؤكد أن
قيس سعيد قد حلّ محلّ القضاء، وأصدر أحكامه خارج إطار القانون بما يذكّر بأساليب الأنظمة الفاشية في ترهيب الناس".
اظهار أخبار متعلقة
إرهاب للمعارضين
وقال غازي الشواشي، محامي الدفاع عن الناشط السياسي خيام التركي، إنه لا تتوفر أي معطيات للحظة عن موكله أو حتى مكان احتجازه.
وفي تصريح لـ"عربي21"، قال الشواشي: "تم منعنا من الدخول لمقابلة موكلنا، ولا نعرف ما التهمة أو حتى الوضع الصحي له ".
وكشف الشواشي أنه: "لساعة متأخرة من فجر الأحد والمعلومة غائبة حتى عن النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية تونس، ولا تعلم عن سبب إيقاف خيام التركي ".
وشدد الشواشي على أنه لا وجود لأي معلومة رسمية وحقيقية عن الملف. كل ما يتم تداوله مجرد تخمينات، وبالتالي سننتظر للاثنين حتى نطلع على الملف.
واعتبر الشواشي أن ما يحصل يؤكد الصبغة السياسية للتهم والتعسف في استعمال القانون، مضيفا: "كيف يتم إيقاف شخص دون السماح له بالاتصال بعائلته أو حتى محاميه؟ كيف تتم المداهمة فجرا؟".
وانتهى الشواشي بالقول: "ستكون ملفات فارغة كالعادة، لن نصمت. سنواصل النضال، ما يحصل هو تنكيل وترهيب وبث للفتنة بين الشعب، الدولة ترعب مواطنيها، خاصة المعارضين".
وفي بيان لها، قالت هيئة الدفاع عن خيام التركي إن إيقافه يعد "اختطافا وإخفاء قسريا".
وحملت الهيئة ما وصفته بالجهاز الحاكم حاليا وكل من يتورط في الإيقاف المسؤولية عن حياة التركي .
بدوره، قال نزار عياد، محامي الدفاع عن رجل الأعمال كمال اللطيف، إنه ينتظر مرور 48 ساعة لمعرفة تفاصيل ملف إيقافه.
وأوضح عياد في تصريح لـ"عربي21" أنه "تم ظهر السبت إيقاف موكلنا بمنزله، رغم كل المحاولات للتواصل معه، فقد تم منعنا، ولم تتم إفادتنا بأي تفاصيل".
وأشار المحامي: "في اجتهادنا منا، قلنا تمر 48 ساعة حتى نعلم لعل الملف يتعلق بقضية إرهابية، ولكن حتى في حال كان ذلك المفروض يتم إعلامنا ".
يشار إلى أن موضوع الإيقافات الأخيرة شغل الرأي العام الوطني بصفة كبيرة وسط صمت رسمي .
وفي تعليق منها على حوادث الإيقافات، قالت عضو جبهة الخلاص الوطني والناشطة السياسية شيماء عيسى: "النظام القائم الذي يعيش حالة عزل وغياب أي أفق وانسداد تام، يحاول إلهاء الرأي العام بهذه الإيقافات ".
وتابعت عيسى في تصريح خاص لـ"عربي 21" بأنه "سنواصل اجتماعاتنا والتنسيق بيننا كمعارضة حتى إسقاط الانقلاب، ولهذا سلطة الانقلاب تعتبرنا متآمرين" .
واعتبرت أن "ما يحصل خطير، وفيه اعتداء صارخ على الحرية، لكن المعارضة لن تصمت، وستكون هناك سلسلة تحركات احتجاجية قريبا تنديدا بحملة الاعتقالات ".