قال رئيس الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة وعضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية
السودانية، الأمين داؤود، إن "ورشة الحوار السوداني- السوداني التي ستنطلق رسميا خلال ساعات في العاصمة المصرية القاهرة سينتج عنها أكبر وأهم تكتل سوداني، وسيكون الرقم الأصعب في المعادلة السودانية".
ولفت داؤود، في حديث خاص لـ"عربي21"، إلى أن "الترتيبات الخاصة بورشة القاهرة تجري بشكل جيد جدا، حيث تتقاطر الوفود من كل فج، والأجواء طيبة وإيجابية حتى الآن، ونأمل منها بشريات طيبة ومثمرة جدا بحول الله"، منوها إلى أن الوفود المشاركة في الورشة لم تكتمل حتى الآن.
وذكر أن "مجموعات وكتلا سياسية ضخمة وصلت القاهرة بالفعل للمشاركة في الورشة، وعلى رأس هذه الكتل (الكتلة الديمقراطية) بزعامة السيد جعفر الميرغني، وكتلة (الحراك الوطني) بزعامة تجاني السيسي، والكتلة الوطنية بقوى الحرية والتغيير، فضلا عن وزير المالية جبريل إبراهيم، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، ووزير النقل السابق المهندس ميرغني موسى، وشخصيات سياسية كبيرة".
كما أشار إلى أن "الجبهة الثورية السودانية بقيادة السيد محمد أحمد الجاكومي، والأمين العام للجبهة رئيس الحركة الشعبية (قطاع الشمال) إسماعيل خميس جلاب، ورؤساء التنظيمات والحركات المكوّنة للجبهة الثورية، وصلوا بالفعل إلى القاهرة أيضا للمشاركة في هذه الورشة الهامة جدا".
انسداد سياسي غير مسبوق
وأضاف: "سوف تبدأ ورشة القاهرة وجلستها الافتتاحية يوم الخميس في ظروف صعبة يمر بها الوطن في ظل الانسداد السياسي الذي سبّبه الاتفاق الإطاري، ومجموعة ياسر عرمان، وتحالف العسكر الذي سيؤدي إلى مزيد من تشظي وانقسام الدولة السودانية".
ومؤخرا، أعلنت الحكومة المصرية اكتمال كافة الترتيبات لانطلاق ورشة الحوار السوداني- السوداني بالقاهرة.
وقال القنصل المصري بالسودان، تامر منير، إن هناك توافقا كبيرا بين القوى السياسية والمدنية على المشاركة في ورشة القاهرة، مؤكدا أن "كافة القوى السياسية السودانية ستشارك في الورشة، عدا المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي اعتذر عن عدم المشاركة".
وأثيرت أحاديث حول احتمالية تأجيل ورشة القاهرة، بينما جرى نفي تلك الأحاديث لاحقا.
اظهار أخبار متعلقة
وحول مقاطعة بعض القوى السودانية لورشة القاهرة، قال داؤود: "بالتأكيد الغياب عن أي عمل سياسي هو شيء مشروع، لكننا نعاني من التغييب المتعمد الذي مارسته مجموعة ياسر عرمان المتحالفة مع الآلية الرباعية والمبعوث الأممي فولكر بيرتس. أما بخصوص ورشة القاهرة، فهي مفتوحة، وقُدمت الدعوة لهم، وهم وشأنهم".
وكان الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، ياسر عرمان، قد صرّح قبل أيام بأنه لن يشارك في اجتماع القاهرة؛ لأنه جاء متأخرا، مُشدّدا على أنه سيتم الاعتراف بما يخدم الاتفاق الإطاري فقط.
اظهار أخبار متعلقة
"تدخل سافر"
ولفت إلى أن "أسباب الخلافات الحالية ترجع إلى ضعف وانقسام قوى إعلان الحرية والتغير، ونظرا للتدخل السافر للآلية الرباعية، والضغط باتجاه عملية سياسية فاشلة وخاسرة، فضلا عن الوصاية والتدخل السافر في أمر الوطن من قِبل الآلية الثلاثية التي ارتضينا أن تكون فقط مُسهّلة للعملية السياسية، ولكنها أصبحت هي صاحبة القرار في قضايا مهمة وجوهرية كقضايا العدالة، والتدخل في القضاء، وإنشاء جهاز أمن داخلي بمثابة بوليس سياسي، واتفاقية جوبا للسلام، وهذا غيض من فيض؛ فتدخلاتها لا حصر لها".
و"الآلية الرباعية" مكوّنة من الولايات المتحدة، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات. و"الآلية الثلاثية" مكوّنة من الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد".
وبسؤاله عن فرص نجاح ورشة القاهرة، أجاب داؤود: "هذه الورشة سوف تحقق أهدافها، وسوف تنجح بكل تأكيد، ونحن على يقين بأنها ستنتهي إلى ظهور أكبر تكتل وطني، خاصة أن الكتل السياسية المشاركة موجودة وفاعلة في الساحة السياسية السودانية، وسوف يتوافق الجميع على صياغة رؤية جديدة ومختلفة عن الاتفاق الإطاري، كي تخرج البلاد من حالة الانسداد السياسي غير المسبوق".
لكن داؤود رأى في الوقت نفسه أنه من السابق لأوانه الحديث الآن عن مخرجات ورشة القاهرة، لأنها لم تبدأ بعد، ولكن أملنا كبير في أن نخرج برؤية واحدة مُتفق عليها لتكون خارطة طريق ومخرجا حقيقيا لأزمة السودان.
وأشاد بالدور الذي تلعبه السلطات المصرية في محاولة إنهاء الأزمة السودانية، قائلا: "للتاريخ، المصريون هم مَن وفروا وهيأوا الأجواء الملائمة لجلوس كل القوى السودانية مع بعضهم البعض، ولكن ليس لديهم أي دور أو تدخل في هذا الحوار، لأنه حوار سوداني- سوداني".
اختلاف عن "الاتفاق الإطاري"
وأوضح داؤود أن تلك المخرجات المرتقبة ستكون مختلفة تماما عن الاتفاق الإطاري؛ فسيكون هناك خلاف جوهري عن مسودة الإطاري، وسيتم الإعلان عن التفاصيل وكل النتائج خلال الأيام القليلة المقبلة".
وفي 10 كانون الثاني/ يناير الجاري، كشف سفير مصر في
الخرطوم، هاني صلاح، أنه طرح على رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، مبادرة مصرية (لم يكشف تفاصيلها) للتوصل إلى "تسوية سياسية سريعة" في السودان، منوها إلى أنه تم الاتفاق معه على توضيح عناصر المبادرة بشكل أكبر وبصورة فاعلة لمختلف الدوائر الرسمية والإعلامية والشعبية في السودان.
جاء ذلك في أعقاب زيارة قام بها رئيس المخابرات المصري، اللواء عباس كامل، إلى الخرطوم، في 2 كانون الثاني/ يناير الجاري، والتقى خلالها البرهان، و"نقل رسالة شفوية من الرئيس المصري عبد الفتاح بشأن العلاقات الثنائية"، وفق بيان من إعلام مجلس السيادة السوداني آنذاك.
يشار إلى أنه في 8 كانون الثاني/ يناير الجاري، انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية بين الموقعين على "الاتفاق الإطاري" المُبرم في 5 كانون الأول/ ديسمبر الماضي بين العسكريين والمدنيين، للوصول إلى اتفاق يحل الأزمة في البلاد.
وتهدف العملية السياسية الجارية إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حين فرض رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية، منها حل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، واعتقال وزراء وسياسيين، وإعلان حالة الطوارئ، وإقالة الولاة (المحافظين).
وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية، بدأت بالسودان في 21 آب/ أغسطس 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.