التخطيط
في الحياة:
نستخدم عادة عبارات كالتخطيط
للحياة وغالبا ما يقصد بها الأمور المادية، مع أن الأمور المادية وغيرها من الأرزاق
ليست نتائجها بيد البشر، ونحن نرى أناسا عاديين بلا مهارات حتى في مجال عملهم ورغم
هذا يربحون وينمو مالهم، والعكس مما نرى صحيح. لكن التخطيط هو في الحياة، أن تدير
ذاتك تجاه كل هذه الأمور، كيف تتعامل مع الرزق، كيف تتعامل مع مسارات الحياة
كحياتك والعائلة، المنهج الذي تتبعه أمام ما ترين من تضحيات رفيق دربك أو ما ترى
من تضحيات رفيقة دربك وهو الأغلب مما يحصل؛ لأن المرأة بطبعها تضع منهجا لحياتها
مع أسرتها غالبا تكون هي الفكرة المركزية، وابتسامتها هي ابتسامة أسرتها ورضاها
رضاء أسرتها، وتلك قمة العطاء التي تتطلب في زمن ما أن تُسترجع ليس لأنها ستطالب
بها بل لأن من حولها لا ينبغي أن يكون أنانيا وينسى هذا، ورغم كل شيء فهذه التضحية
هي غريزية وليست تخطيطا.
اندفاع الناس في
طلب أحادي أو ثنائي يكون قويا في الأمنيات، والتخطيط له يكون في مسار
النجاح ولا
قبول للفشل، لهذا ستكون العقبات البسيطة والكبيرة إخفاقات وليست مشاكل تحتاج إلى
حل؛ ولهذا تجد الشعور بالتعب والتعاسة مرافقا لهذه الناس، وهم يحملونه معهم فلا
تفيد رحلة استجمام ولا حفلة أسرية ولا لقاء أصدقاء.. الحقيقة أن هذه تنتقل إلى
المجتمع ككل، لدرجة أنك ترى أناسا يمثلون المرح والسعادة وهم تعساء حقيقة، فمشاكلهم
لم تتصالح معهم، ويهدئون من اندفاع الذات نحو مواجهتها ويقفون، ثم يذهبون ليستريحوا
وبعد ذلك يعودون نشطين لمواجه المشكلة من جديد. بيد أن أغلبنا لم يتعود ذلك ولم
نضع لحياتنا نمطا ما كمجتمع لنتمكن من توزيع الوقت بشكل معروف مقبول، نتيجة تداخل
العادات والتقاليد وإبقاء ساعات الهدوء شرطية ظرفية وليست مؤكدة. التخطيط للحياة
هو هذا ومنه البرمجة العامة للإنسان، أما التخطيط للمشاريع ووسائل الرزق فهو أمل
ورؤية لكنه لا يضمن النجاح أبداً، فهنالك عوامل كثيرة تتحكم بها قد لا تكون محسوبة
غالبا في إدارة الأعمال.
تُقسم
أنها سعادة:
سيولة المال
والجاه والتقلب في الحياة في تحقيق الرغبات، يكاد من فيها يظن أنه سعيد، بيد أن
خوفه على ديمومتها دوما معكر لصفوها.
الم تر من يأكل
أموال الناس بالباطل ويظن أنه على حق أو أنه ذكي إن استطاع الاستيلاء على أموالهم،
فسيظن أنه في سعادة لأنه يستطيع أن يجلب لنفسه ما يريد، فإن مرض أو ذهب زهو الدنيا
بالكبر أضحى عاجزا عن إعادة الأمور إلى نصابها، وتلك تعاسة كبرى تمحي كل ما مضى من
ترف فتكون
التعاسة.
ألم تر أن كل ما
يمضي ميت في طعمه ويبقى في الذاكرة كحلم أو طيف هرب ساعة يقظة، وأن مستقبل الإنسان
بعد ممات!
الأنا التي تشعرك
بالتميز هي ذاتها التي تشكك بأن هذا عدو وهذا حاسد وذاك حاقد، بينما هو لا يكرهك
ولا يحسدك، وكيف هذا ورد فعله إنما هو تجاه تصرفك والسلبية المنبعثة منك والتي
تكاد تحرق الآخرين بسناها! هي تعاسة إذاً تنبثق من الذات، وهي رفاهية تأتي من عالم
الأشياء، لكن الإحساس النبيل سنجده عندما تنعكس العملية فيكون عطاء من عالم
الأشياء لمحتاج أو عون مطلوب، فيشع في داخلك نور وإحساس تُقسم أنه السعادة.
التعاسة استعداد نفسي
واستطرادا نستطيع القول إن التعاسة
استعداد نفسي لاستقبال وتنمية المشاعر السلبية، والمأثورات السلبية، وتعظيم
المظلومية، وهذا بالذات موضوع واسع، ما بين التورية والتنبيه إلى السقوط، وسوء
تصريف الوقت، ما توارث منه في الجهاز المعرفي من عادات وتقاليد ومجموعة من الأعراف
التي قد تكون سلبية على التعاملات البينية أو تعريف الأفراد ودورهم في المجتمع.
تفريغ التعاسة وضعف
المروءة صيغة أخرى للتعاسة:
التعاسة أبعادها نفسية، فكم من
مدير يهين موظفيه لتتفجر تعاسة منظومته، وكم من حقير يجد لذة بإهانة زوجه أو أمه
أو أبيه أو إقلاق عائلته، عند هذا تكون التعاسة تصف فقدان المروءة والقيم مستهلكا
رصيده وهو غير فاهم ببلادته حدود العلاقات ومعانيها.
ومن تفريغ التعاسة أن يجد له حقا بأن
تسير أموره بكن فيكون، بينما هو لا يتقي الله حق تقاته فيتهم الله بمخرجات تعاسة
نفسه لجهله بمعاني الربوبية.
التعاسة حاوية تجمع الإحباط كإناء
جمع النقايا تتكدس فيه ثم تفيض على جوانبه، والناس يحكمون بالمثالية بما لا يخصهم
ويخففون بما يخصهم، لكن في الوقت ذاته يعظمون من مصيبتهم ويقللون من مصائب الآخرين.
هذه السطحية تعاسة مجتمع بمعنى آخر للتعاسة.
ولا شك أن من التعاسة في هذا الوجه
أن تنكر الحقوق وأن تضل الناس، وأن تتحمل وزرا يجعلك تعيسا بكامل أوجهها ومانيها.
وتعاسة الأمة في جهل نخبتها أنها
جاهلة ومكتفية بالتفاهات وبالأنا إعلاء الذات.
النظر إلى معنى التعاسة فيه أوجه
عدة والاسترسال فيه لا يتسع له مقال.