وقّعت شركة النفط الإيطالية العملاقة "إيني" والمؤسسة الوطنية للنفط الليبية السبت اتفاقا "تاريخيا" خلال زيارة لرئيسة وزراء
إيطاليا جورجيا ميلوني إلى طرابلس.
وقالت ميلوني في تصريح للصحافيين: "
ليبيا أولوية بالنسبة لإيطاليا، ولاستقرار البحر الأبيض المتوسط وللأمن الإيطالي وللتحديات الكبرى التي تواجه أوروبا، مثل أزمة الطاقة"، معبرة عن رغبتها في المساهمة في ضمان "استقرار" الوضع السياسي في البلاد.
وزيارتها إلى طرابلس هي الأولى منذ سنتين لمسؤول أوروبي للمنطقة والثانية لميلوني هذا الأسبوع إلى دولة في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، بعد زيارة إلى الجزائر ركزت فيها بشكل خاص على إمدادات
الغاز إلى إيطاليا التي تحاول التخلص من الاعتماد الكلّي على الواردات الروسية.
اظهار أخبار متعلقة
وحضرت ميلوني مراسم التوقيع بين مجموعة "إيني" والمؤسسة الوطنية للنفط على اتفاق تطوير حقلي غاز قبالة السواحل الليبية باستثمارات تقدر بثمانية مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات.
وقال رئيس مجلس إدارة "إيني" كلاوديو ديسكالزي وبجانبه رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، إنه "أول مشروع كبير" من نوعه في ليبيا منذ ما بين 20 و25 عاما.
وأكد أنها اتفاقية "تاريخية" يعمل عليها الطرفان "منذ عشر سنوات".
وزيارة ميلوني هي الأولى لشخصية أوروبية بهذا المستوى إلى ليبيا منذ زارها سلفها ماريو دراغي في نيسان/ أبريل 2021.
وكان في استقبال ميلوني رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من الأمم المتحدة عبد الحميد
الدبيبة، وفق لقطات مصوّرة وزعتها الحكومة الليبية.
واعتبر باشاغا زيارة ميلوني محاولة مرفوضة "لإحياء هذه الحكومة الميتة بإقحام قوت الليبيين في مثل هذه الصفقات" بينما انتقد ما وصفه بـ"السلوك الانتهازي للحكومة الإيطالية الذي يتجاوز المصالح الليبية العليا".
وقالت ميلوني في طرابلس: "لقد ذكرنا باستعدادنا الكامل لتعزيز المسار الشرعي والعادل نحو الانتخابات واستقرار" الوضع السياسي في ليبيا.
بدوره، قال عبد الحميد الدبيبة: "نثق في قدرة إيطاليا على تقريب وجهات النظر بين الدول الداعمة لعملية السلام في ليبيا".
وزارة النفط تنتقد
قالت وزارة النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، إن الاتفاق الموقع بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني الإيطالية، تم بطريقة مخالفة تماما للتشريعات القانونية، المنصوص عليها في قانون النفط وقانون تأسيس المؤسسة.
وأضافت وزارة النفط في بيان، الأحد، "وفق القوانين يتطلب هذا الإجراء موافقة مسبقة من وزارة النفط والغاز، لرفع حصة الشريك الأجنبي، وبدورها تحيلها إلى مجلس الوزراء للبت فيها، وهذا لم يحدث".
وطالبت الوزارة "رئيس المؤسسة الوطنية للنفط اتباع الآليات القانونية في هذا الشأن، وإحالة المبررات الفنية والاقتصادية التي تمّ على أساسها إجراء هذا التعديل، إلى وزارة النفط والغاز".
وزادت: "استفراد المؤسسة بقرار تعديل الاتفاقيات، يفتح المجال للشركاء الآخرين على أنّه بالإمكان إجراء أي تعديل على ما اتفق عليه سابقاً، دون المرور بالإجراءات والتشريعات المنصوص عليها في القانون الليبي".
وانتقد وزير النفط والغاز الليبي محمد عون، عبر قناة تلفزيونية محلية، الصفقة، ووصفها بـ"غير القانونية"، وقال إن مؤسسة النفط الليبية لم تتشاور مع وزارته.
اظهار أخبار متعلقة
وإيطاليا هي "الشريك التجاري الأول لليبيا" إذ بلغ حجم التجارة المتبادلة 10.17 مليار يورو خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2022 (بزيادة تقرب من 76% مقارنة بنفس الفترة من العام 2021)، وفقًا للسفارة الإيطالية في طرابلس.
وأصبحت بذلك "الدولة الموردة الثانية لليبيا بعد تركيا"، بحسب المصدر نفسه.
وفضلا عن الجانب الاقتصادي، فقد كان ملف الهجرة في قلب المفاوضات، حيث تعد إيطاليا معنية بشكل مباشر بأعداد المهاجرين غير القانونيين الواصلين إلى سواحل ليبيا.
وأعلنت ميلوني عن اتفاق ثنائي لـ"بذل المزيد من الجهد لمواجهة تدفق الهجرة غير القانونية" من السواحل الليبية، وهي ظاهرة "لا تهم إيطاليا فحسب، بل تعني أيضًا أوروبا".
وغرقت ليبيا في الفوضى بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وانتشر عدد كبير من الجماعات المسلحة والمرتزقة الأجانب في كافة أنحاء البلاد على وقع تدخل أجنبي من جانب دول عربية وكذلك تركيا وروسيا ودول غربية.
ومنذ آذار/ مارس، تتنافس حكومتان على السلطة: واحدة مقرها طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى برئاسة فتحي باشاغا يدعمها اللواء المتقاعد خليفة حفتر.