في الوقت
الذي تشهد فيه
مصر أزمة
اقتصادية حادة، فإن التقديرات الإسرائيلية المتزايدة تتحدث عن أن خطر اندلاع غضب جماعي في الساحات العامة لم يعد سيناريو وهميًا، فقد تتدهور الدولة
ذات الـ110 ملايين نسمة إلى حالة إفلاس بسبب ديونها الهائلة، فيما يتصاعد عدد سكانها
الفقراء بمعدلات مذهلة.
إيهود
يعاري المستشرق الإسرائيلي ذكر أن "الأرقام تقول كل شيء، حيث فقد الجنيه المصري
نصف قيمته، وتم تخفيض الرواتب إلى النصف، وارتفعت الأسعار بنسبة 40٪، وتضاعفت تكلفة
المنتجات الغذائية، بينما تجاوز التضخم الـ25٪، وتم التعهد بنصف الميزانية لدفع فوائد
الدين الوطني، حيث يجب سداد 100 مليار دولار منها في السنوات الأربع المقبلة، وقام
المستثمرون بسحب 20 مليار دولار من البلاد في الأشهر الأخيرة، وهذه أرقام لكارثة وشيكة
في مصر".
وأضاف
في مقال نشره على موقع "القناة 12"، وترجمته "عربي21" أن
"حسن نصر الله زعيم حزب الله سمح لنفسه بالسخرية من مصر المضطرة لتسول التبرعات،
رغم أنها كانت أول من صنع السلام مع إسرائيل، ووقفت دائمًا بجانب الولايات المتحدة،
لكن تجربتها تعاني من الفقر والقمع، وبالنسبة لمن لديهم مدخرات، فقد اتضح بشكل مفاجئ،
أن البنوك تحد من سحب الأموال، وباتت أكشاك الطعام الشعبي الرخيص تفقد عملاءها منذ
سنوات، وأصبح البيض من الرفاهية".
وأشار
إلى أن "الباعة في سوق خان الخليلي الشهير يندبون حظهم، مع اختفاء السياح من روسيا
وأوكرانيا الذين شكلوا ثلث إجمالي عدد الزوار حتى الآن، صحيح أن الرئيس عبد الفتاح
السيسي نجح بالحفاظ على السلام مع إسرائيل، والحصول على ودائع بعشرين مليار دولار سنويا
من الدول النفطية العربية، لكن القلق من انهيار مصر يتزايد، بعد أن بدأت السعودية،
تلتها الكويت، بالإشارة إلى أن منحهم المالية على وشك الانتهاء، ورفض كلاهما المشاركة
في المؤتمر الطارئ الذي دعا إليه حاكم الإمارات محمد بن زايد في أبوظبي لمساعدة مصر
والأردن".
وأوضح
أنه "بدون هذه المساعدات الخارجية، فسوف تشابه مصر الأرجنتين المفلسة، أو أنها ستصبح
لبنان الثانية، رغم موافقة صندوق النقد الدولي على منح السيسي ثلاثة مليارات دولار،
وهي المرة الرابعة خلال ست سنوات، لكنها تزامنت مع ظروف صعبة مع تخفيض آخر لقيمة الجنيه
المصري، وانخفاض كبير في الإنفاق الحكومي، بما فيه خفض دعم الخبز، حيث يتذكر الإسرائيليون
احتجاجات كانون الأول/ يناير 1977، عندما رفع السادات أسعار الخبز، ثم اضطر للتراجع عنها".
وأكد
أن "صندوق النقد الدولي يطالب الجيش المصري بالبدء بسحب سيطرته عن الاقتصاد، مع
أكثر من ألف شركة ضخمة تحتكر العديد من القطاعات، وتشجع على صبّ عشرات مليارات الدولارات
على المشاريع الاستعراضية المشكوك في مصلحتها، مثل العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة
60 مليار دولار، وأطول قطار أحادي بدون سائق في العالم بتكلفة 23 مليار دولار أخرى،
حيث يجني الجيش العوائد، ويخوض سباق شراء جامحًا، دون تفسير منطقي، لمنظومات تسلح من
جميع الأنواع".
وتكشف
هذه التقديرات الإسرائيلية أنه ليس من الصعب التكهن بأن السيسي في مأزق صعب، فهو يخشى
حرمان الجيش من أبقاره الحلوب، وفي نفس الوقت يخشى ردود فعل الجمهور المصري على ارتفاع
الأسعار، كما أنه يخشى الديون المتضخمة، التي تضاعفت أربع مرات منذ توليه السلطة في عام
2014، وهو يخشى كذلك أن يتراجع السعوديون عن دعمهم له. والخلاصة الإسرائيلية أن السيسي في
حالة يرثى لها، وهو ما يقلق أجهزة أمن الاحتلال من تكرار ثورة يناير عليه هذه المرة!