كتب

تحديات حل الدولتين وخيارات الفلسطينيين لإنهاء الاحتلال.. وجهات نظر

هل ما زال حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين ممكنا في ظل الظروف والمعطيات السياسية الراهنة؟ (وفا)
هل ما زال حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين ممكنا في ظل الظروف والمعطيات السياسية الراهنة؟ (وفا)
الكتاب: "منتدى غزة للدراسات السياسية والاستراتيجية الثاني عشر، تحديات حل الدولتين"
الكاتب: مجموعة من المؤلفين
الناشر: دائرة العمل والتخطيط الفلسطيني، منظمة التحرير الفلسطينية، غزة، 2021م


منتدى غزة للدراسات السياسية والاستراتيجية، يعقد بشكل سنوي في مدينة غزة منذ عام 2010م، لمناقشة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية على الصعيد الداخلي والخارجي، الإقليمي والدولي، وفي مداولاته لعام 2021م، طرح في المنتدى الثاني عشر التحديات التي تواجه حل الدولتين، وجاء في الجزء الأول منه الواقع الجيوسياسي، بمحاوره الثلاثة: مخاطر السياسات والإجراءات الإسرائيلية وأثرها على حل الدولتين، وكذلك وضعية القدس في حل الدولتين، والإجراءات الفلسطينية لمواجهة إٍسرائيل دولياً.

أما الجزء الثاني من الدراسة فتضمن الخيارات الفلسطينية الاستراتيجية المتاحة، من حيث توضيح الرؤى الإقليمية والدولية لخيار حل الدولتين، وخيار إعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال، وكذلك خيار الدولة الواحدة كمقاربة فلسطينية بعد انسداد أفق التسوية السياسية طيلة السنوات الماضية، حيث لم تعد القضية الفلسطينية على جدول أولويات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، وتبني إسرائيل لمشروع بينت الذي أسماه تقليص الصراع، في ظل الفراغ العربي ومبادرة السلام العربية التي تم الالتفاف عليها مع التطبيع العربي الإسرائيلي؛ لتصبح مبادرة السلام العربية خارج الفعل السياسي العربي، ووجود حكومة إسرائيلية من أسوأ الحكومات في تاريخ الاحتلال في تركيزها على الاستيطان وتهويد القدس وضم الأراضي، ورفض حل الدولتيل.

بات التساؤل الأبرز الذي يدور في أروقة السياسيين حول حل الدولتين في ظل الظروف والمعطيات السياسية الراهنة حلاً ممكناً للتطبيق محور تساؤل الجميع؟ ولكن ما هي الخيارات البديلة لحل الدولتين، وهو الأمر الذي تشكل لدى رؤية الحركة الوطنية الفلسطينية منذ عام 1974م وفق ما عرف بالبرنامج المرحلي الفلسطيني؟

إن مخاطر السياسيات الإسرائيلية على حل الدولتين، متعددة ومتشابكة، ونفذ العديد منها لتحقيق هدف واحد هو منع قيام دولة فلسطينية، فإٍسرائيل عملت كل ما من شأنه، وبأي ثمن لتحقيق أهدافها في السيطرة على الشعب الفلسطيني، ومنع تحقيق حق العودة الذي كفلته الشرائع الدولية، واتبعت في سبيل ذلك استراتيجية قامت على منظور إسرائيلي رافض للوجود الفلسطيني عبر:

1ـ فكفكة مكونات المشروع الوطني

2 ـ ربط الحالة السياسية الفلسطينية بعد فكفكة المشروع ورهنها بأدوات الضغط الإسرائيلية العسكرية والاقتصادية منها.

3 ـ سلخ الحالة الفلسطينية عن المحيط العربي والدولي ما أمكن.

4 ـ العمل على خلق بدائل جديدة عن كامل الحالة الوطنية ومن ثم عزل قطاع غزة كاملاً عن الضفة الغربية والقدس ص15، كما أوضح الكاتب د. عبد المجيد سويلم، الذي أضف بأن دولة الاحتلال قامت" بتحويل طموحات التحررية للشعب الفلسطيني محصورة بكيان فقير ومحاصر في قطاع غزة.. وتحويله لمعول هدم المشروع الوطني ـ في ظل استمرار الانقسام ـ وتعاقبه عبر بوابة الاقتصاد مقابل الأمن، وفي الضفة الغربية اتبع منظور نظرية تقليص الصراع، التي هي في الواقع أعلى درجة ممكنة من التسهيلات الاقتصادية، وأعلى درجة ممكن من انزواء الاحتلال عن الوقائع، ومنح تسهيلات أخرى في الضفة الغربية" ص16، وتحويل الضفة إلى كيانات سياسية واجتماعية ومنفصلة في الواقع وتشجع القوى العشائرية والحمائلية، ودعم بعض ممثلي القطاع الخاص لخلق بدائل سياسية في الحالة الوطنية إلى جانب التغول الاستيطاني والضم الزحف الصامت في الأغوار( ص17).

بات التساؤل الأبرز الذي يدور في أروقة السياسيين حول حل الدولتين في ظل الظروف والمعطيات السياسية الراهنة حلاً ممكناً للتطبيق محور تساؤل الجميع؟، ولكن ما هي الخيارات البديلة لحل الدولتين، وهو الأمر الذي تشكل لدى رؤية الحركة الوطنية الفلسطينية منذ عام 1974م وفق ما عرف بالبرنامج المرحلي الفلسطيني؟
ناقش الكاتب وليد سالم حرب التخوم في القدس الشرقية، متسائلاً عن مدى انكفاء المشروع الاستيطاني الاستعماري، الحرب الشاملة، أم أن هناك استمرار على حرب المواقع؟ قي القدس الشرقية بالذات...

وفي تفسيره لمصطلح التخوم"Frontiers"  الذي ظهر لأول مرة عندما كتب عنه المؤرخ الأمريكي فريدريك جاكسون تيريز نهاية القرن التاسع إلى أن ما يسمى الديمقراطية الأمريكية قد وجدت على التخوم، وهي خط متحرك للمستوطنات الاستعمارية الأمريكية، حيث أنها توسعت باضطراد على حساب السكان الأصليين، جالبا معه الحداثة والتقدم، منتصراً على الهمجية التي كان يمثلها الهنود الحمر سكان أمريكا الأصلين، وتمت تسميتها من المستوطنين المستعمرين الوافدين (ص19).

في حرب التخوم ينشأ الحي الاستيطاني الاستعماري متاخماً للحي الذي يمثله الشعب الأصلي، إلى جانب أحياء الشعب الأصلي في المرحلة الأولى، وليس على حسابها حسب ما تدعي أطروحات الأرض الفارغة، بل يقوم على أنقاض تلك الأحياء بدءاً  بالسيطرة على أراضيها الاحتياطية المخصصة للزراعة أو للتوسع العمراني المستقبلي، ثم ينتقل لاختراق الأحياء الأصلية من الداخل بتأسيس بؤر استيطانية استعمارية داخلها، تتوسع بالتدريج مستخدمة وسائل قانونية وغير قانونية للترحيل، وهدم البيوت، والاستحواذ على الأراضي، فالاستيطان الصهيوني في فلسطين لم يستول على الأراضي الزراعية، وحسب بل ترافق قيامه بذلك مع اختراقه للمدن والاستحواذ على بيوت وأحياء بما فيها (ص23).

خاضت فرنسا حرب التخوم في الجزائر حينما قررت فرنسة الجزائر 1848م، ويتغطى المستوطنون المستعمرون بما أطلق عليه "عبء الرجل الأبيض" لنقل العالم من الهمجية إلى الحضارة، فالصهيونية أنشأت منذ بداية تواجدها التخوم الاستعمارية المتوسعة عبر الاستحواذ على أراضي الشعب الأصلي باسم إحلال الحداثة مكان التخلف، باسم ادعاءات الحق الإلهي والحق التاريخي وأقامت لها دولة على جزء من فلسطين.

ضمن مصطلح حرب التخوم التهمت جميع الأراضي الفلسطينية عام 1967م، واليوم صراع التخوم يجري في القدس الشرقية على قدم وساق للسيطرة عليها من الجمعيات الاستيطانية المدعومة ومن الحكومة الإسرائيلية، وأجهزتها القضائية والوزرات الإسرائيلية كافة، بعدة أساليب وأكثرها تحديداً الاختراق أي اختراق الضفة الغربية وتوسيع القدس الشرقية على حسابها، ومن ثم اختراق حارات وقرى القدس الشرقية من الداخل، التطويق عبر وضع السكان الأصليين في معزل محاط بسياج، أو محميات أو بانتوستانات، وحصر الحيز بمزيد من المصادرات للأراضي وتطويقها بالمستوطنات، ومن ثم الترحيل للسكان الأصليين، حيث جمعت الصهيونية الإبادة الديمغرافية عبر الترحيل والتطهير العرقي والتهجير القسري والتطهير المكاني، وتغيير الأسماء والملامح لأسماء عبرية وتوراتية أو صهيونية، وبالتالي استبدال الفضاء الأصلاني بفضائه الاستيطاني؛ لإحداث الأسرلة والتهويد والخلع من المواطنة، والهندسة الديمغرافية واحتلال الزمن والحواس، وجميعها ممارسات ترتكبها دولة الاحتلال بالتزامن لإحداث خلخلة في الميزان الديمغرافي لصالح المستوطنين، ومن ثم تفكيك المجتمع وتشوية الوعي، وإبادة الكيان الاقتصادي في ممارستها، وفرض أنظمة  المراقبة الشاملة، والهندسة الديمغرافية (ص26).

فشل الاحتلال في معركة احتلال وعي الشباب والفتيان الصغار الذين كان الرهان عليهم فاشلا بعدم نسيان القدس والمقاومة وهو ما ظهر جليلا في هبة مايو 2021م،  وفي مقابل ذلك يقول الكاتب سالم: "حاصل الصراع في حرب التخوم في القدس، يشتمل على تحقيق الاحتلال لبعض الإنجازات في مجال التوسع الاستيطاني، التي بدأت بصفر مستوطن عام 1967م، ولكنها وصلت لنحو 219.900 مستوطن في القدس ـ ككل ـ، وتحقيق اختراقات داخل البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح من القدس عبر السيطرة على بيوت داخلها وزرع بؤر استيطانية فيها تمثل واجهة الصدام مع المقدسيين"ص40، وكذلك المساعي المحمومة لتغيير الأسماء والمشهد والفضاء سيما في البلدة القديمة، وما يطلق عليه الحوض المقدس، وعلى الرغم مما حققته لازالت محاولات دولة الاحتلال لخلق أغلبية يهودية في البلدة القديمة من القدس، وهي قلب الصراع تعاني من مشكلة كبرى، ففيها مازال يقطن فيها 30 ألف فلسطيني مقابل 3100 مستوطن فقط .

الصهيونية أنشأت منذ بداية تواجدها التخوم الاستعمارية المتوسعة عبر الاستحواذ على أراضي الشعب الأصلي باسم إحلال الحداثة مكان التخلف، باسم ادعاءات الحق الإلهي والحق التاريخي وأقامت لها دولة على جزء من فلسطين.
 ولمواجهة الممارسات الإسرائيلية دولياً تتم عبر مجموعة من الإجراءات الفلسطينية:

1ـ الكف عن السياسة الانفعالية التي تعتمد على ردود الأفعال والمرتبطة بالتطورات الحاصلة الارتهان لنتائج الانتخابات في الولايات المتحدة، بل يجب أخذ زمام المبادرة والقيام بفعل سياسي منظم.

2 ـ تغيير قواعد اللعبة بإعلان فشل المرجعيات التي قامتها عليها عملية التفاوض وإعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال.

3 ـ تعظيم الاشتباك السياسي والقانوني والدبلوماسي بما يبقي القضية حية ومركزية في القرارات العربية والدولية، وتعزيز العمل المشترك بين مختلف الفاعلين القانونيين والسياسيين، سواء من الفصائل أو المجتمع المدني. (ص53).

قدم كل من أ. جمال البابا ومحمد التلباني رؤيتهم حول خيار إعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال، وأبرزا المبررات والدوافع للتمسك الفلسطيني بخيار دولة تحت الاحتلال، وأشارا إلى أنه منذ انحسار سيادة الدولة العثمانية عن فلسطين، ووقوع فلسطين تحت الاحتلال، والانتداب البريطاني، بدأ النضال الفلسطيني ضد المخططات وممارسات سلطات الاحتلال، لإحداث تغيير ديمغرافي وسياسي في فلسطين، وظهرت المقترحات الدولية الأممية لطرح فكرة التعايش السلمي بين المهاجرين اليهود والسكان العرب، ومنها انبثقت فكرة قيام دولتين وحكومتين في فلسطين منذ عام 1937م، ومن ثم قرار التقسيم رقم 181 فقامت دولة، ولم تقم دولة فلسطين (ص94).

فلسطينياً ظهرت فكرة إقامة الدولية الفلسطينية على أي جزء من أرض فلسطين يتم تحريره بموجب برنامج النقاط العشر عام 1974م، أي دولة بشكل مرحلي، وهو ما جرى تقويته بتوقيع اتفاق أوسلو ولكن ذلك لم يتم أيضاً، على الرغم من حجم التنازلات الفلسطينية" في كل تلك المراحل لم يشهد المشهد الفكري أو السياسي الفلسطيني اجماعاً على خيار واحد محدد، فكان هناك دائماً معارضة وانقسام حول كل طرح أو مشروع من برنامج النقاط العشر، وصولاً للموقف من اتفاقية أوسلو، ومع تعثر المفاوضات واجهاض ممارسات وسياسات دولة الاحتلال لحل الدولتين من خلال فرض وقائع في القدس، وتهويدها والتوسع الاستيطان في الضفة ... عادت تتعالى الأصوات لهجر نهج حل الدولتين، والانتقال للمناداة والنضال من أجل لحل الدولة الواحدة، ودعوات بإقامة كونفدرالية" من ثم طرح البابا والتلباني الأسانيد الداعمة لخيار إعلان وتجسيد دولة فلسطين تحت الاحتلال ومنها؛ غياب رؤية لدى القيادة الوطنية الفلسطينية بعمومها حول شكل الدولة الفلسطينية، من حيث عدم التمسك بموقف واحد، والعمل الجاد من أجل الوصول إليه، وليس الانتقال لخيار أخر بمجرد مواجهة هذه الخيار لعقبات وصعوبات كثيرة، فهل هي مع خيار الدولتين، أم دولة ديمقراطية علمانية ( ص95).

تطلب تجسيد الدولة تحت الاحتلال عدة متطلبات أساسية، أهمها:

1 ـ التأكيد على أن اعلان دولة تحت الاحتلال أمر لا يتعارض مع الاتفاقية الانتقالية، بل إنها تطبيق للقرارات الدولية الداعية للانسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة، ودولة كاملة السيادة على الأراضي المحتلة عبر استخدام الوسائل النضالية الشعبية والرسمية الدبلوماسية والسيادة القانونية.

2 ـ إلغاء التعامل مع تصنيف أراضي الدولة الفلسطينية وفق اتفاقية أوسلو (أ.، ب، ج) والسعي لبسط السيادة على كافة المناطق وفق المتاح والتحلل من الالتزامات والاتفاقيات الثنائية بشكل تدريجي ومدروس.

3 ـ  رسم استراتيجية واضحة يتم خلالها انتزاع التحرر وإلغاء التبعية والحد من تأثير سلطات الاحتلال وقراراته على المياه والكهرباء وتكنولوجيا الاتصال ورسم علاقات اقتصادية للمعابر والحدود والتصدير والاستيراد، وتعزيز صمود المواطن الفلسطيني( ص106).

فلسطينياً ظهرت فكرة إقامة الدولية الفلسطينية على أي جزء من أرض فلسطين يتم تحريره بموجب برنامج النقاط العشر عام 1974م، أي دولة بشكل مرحلي، وهو ما جرى تقويته بتوقيع اتفاق أوسلو ولكن ذلك لم يتم أيضاً، على الرغم من حجم التنازلات الفلسطينية
أكد الكاتبان على أن العلاقات الداخلية الفلسطينية يحكمها القانون الأساسي، الذي يمثل المرجعية القانونية الأعلى للسلطة الفلسطينية، أي أنه يمثل دستور مؤقت يتناسب مع المرحلة الانتقالية التي نظمتها الاتفاقيات الانتقالية ووضع عام 1999م، ومن الأهمية إعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية الفلسطينية من خلال تشكيل سلطة تشريعية ممثلة للشعب الفلسطيني، وضرورة تعزيز الممارسة الديمقراطية في الدولة الفلسطينية وتدعيم مبدأ سيادة القانون.

تمثل الإجراءات الإسرائيلية العائق الأبرز أمام خيار اعلان وتجسيد دولة فلسطينية تحت الاحتلال، فالموقف الإسرائيلي من فكرة إقامة دولة فلسطينية يمتزج فيه البعد الأيدلوجي مع البعدين السياسي والأمني، سواء من كان على رأس الحكم أحزاب اليمين أو اليسار، فلا فرق بينهما في التعامل مع القضية الفلسطينية، فاليمين اليوم يتحكم في مفاصل الحكم  سواء الصهيونية أو الدينية الذين يروا في فلسطين ـ أرض إسرائيل ـ من البحر إلى النهر، وهي أرض للشعب اليهودي، ولا مجال لإقامة أي كيان أخر غير دولة اليهودية هذا من الناحية الايدلوجية، أما من الناحية السياسية فالأمر واضح للعيان منذ عام 1967م حتى توقيع اتفاق أوسلو" لم يتم تسجيل أي موقف إسرائيلي يتحدث عن إمكانية إقامة دولة فلسطينية حتى بعد انشاء السلطة الفلسطينية عام 1994م لم يسجل موقفاً اسرائيلياً حقيقيا يدعو أو يوافق على إقامة دولة فلسطينية "( ص113).

أما من الناحية الإجرائية فإن الممارسات الإسرائيلية على الأرض تمثل معيقا جوهريا لتجسيد دولة فلسطين على أرض الواقع فهي تسيطر على 60% سيطرة مطلقة من مساحة الضفة الغربية وهي المنطقة المصنفة بالمنطقة C ،وتستغل مواردها بشكل منفرد  وتمنع الفلسطيني من الاستفادة منها بل تؤثر على تنمية وصموده، ثم أنها أقامت 150 مستوطنة في أنحاء الضفة، ونحو 50 ألف وحدة استيطانية سكنية تضم 500 ألف مستوطن، وأقامت نحو 1400 بؤرة استيطانية ضمت نحو خمسة آلاف مستوطن، إضافة إلى تشييد مئات الكيلومترات من الطرق الالتفافية الخاصة بالمستوطنين التي قطعت أوصال الضفة الغربية، وتعيق حركة المواطنين الفلسطينيين في التنقل والسفر بشكل يومي.

وشكل بناء جدار الفصل العنصري الذي يبلغ طوله نحو 750 كم2، وتوسيع مدينة القدس الشرقية إلى نحو 70كم2 على حساب أراضي الضفة الغربية لإقامة 14 حياً استيطانياً، ضمت نحو 220 ألف مستوطن أي ان إسرائيل تتصدى لأي محاولة فلسطينية لتجسيد الدولة الفلسطينية على أرض الواقع، وتعمل على افشال أي قبول دولي لفكرة تجسيد دولة فلسطينية تحت الاحتلال وستعمل على إضعاف أي خطوات فلسطينية داخلياً وخارجياً .

  وتم تحديد شكل الدولة التي يريدها الكاتبان التي من خلالها تحقق طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني:

1 ـ تطابق حدود الدولة المعلنة مع حدود الرابع من حزيران 1967م بعاصمتها القدس الشرقية.
2 ـ خلو الدولة الفلسطينية من أي تواجد إسرائيلي عسكري أو مدني.
3 ـ  التواصل بين شطري الوطن من خلال قطاع أرض تحت السيطرة الفلسطينية.
4 ـ  السيطرة على المعابر والمجال الجوي والبحري التواصل مع المحيط العربي دون ميقات.
5 ـ دولة قادرة على تحقيق الرفاهية لمواطنيها تستغل مواردها دون معيقات مع تحقيق مبدأ تكافئ الفرص وسيادة القانون.

وأنهى الكاتبان طرحهما بالقول: "يمتلك الشعب الفلسطيني رزمة من الوثائق التي تشكل مرجعية قانونية مستقرة داعمة لحقه في تقرير المصير وإقامة دولة المستقلة وعليه فإن إعلان وتجسيد دولة تحت الاحتلال على حدود الرابع من حزيران عام 1967م، ينسجم ويتوافق مع قرارات الشرعية الدولية، هذه القرارات التي على أساسها منحت فلسطين دولة غير عضو، لها صفة مراقب في الأمم المتحدة عام 2021م، بعد مسار نضالي وقانوني وسياسي رسخ الشخصية القانونية للدولة الفلسطينية إلا أن هذا الخيار تعترضه العديد من المعيقات والإشكاليات يأتي على رأسها الرفض الإسرائيلي لفكرة الدولة الفلسطينية من منطلقات أيديولوجية وأمنية، يضاف إليها حالة الانقسام الفلسطيني" ص121.

وأياً كان الخيار الذي سيتم تبنيه فلسطينيا في ظل حالة الانسداد والتراجع  للقضية الفلسطينية أوصيا بضرورة المحافظة على دعم صمود المواطن الفلسطيني على أرضه، وإنهاء المرحلة الانتقالية وتحديد العلاقات مع الاحتلال، وخلق حالة من الاشتباك مع الاحتلال على كافة الأصعدة شعبياً وسياسا وقانونيا ودبلوماسياً، بل أنهما اعتبار ـ البابا والتلباني ـ أن الإعلان عن فلسطين دولة تحت الاحتلال، وعلى الرغم مما فيه من تحديات إلا أنه يمثل فرصة لانطلاقة جديدة، وتشكيل حالة التفاف على خطوة استراتيجية متقدمة وراسخة وتمثل قاعدة العمل الفلسطيني المشترك.. (ص122).

وبعد يمكن القول إن الدراسات المقدمة في هذا الكتاب تمثل جهدا جماعيا، وتفكيرا خارج الصندوق، في محاولة للوصول إلى رؤية فلسطينية ثاقبة للحالة الفلسطينية المتعثرة في ظل ظروف عربية وإقليمية ودولية ألقت بظلالها على القضية الفلسطينية، وتغول استيطاني يلتهم المزيد من الأرض الفلسطينية.
التعليقات (1)
ابوعمر
الثلاثاء، 24-01-2023 11:16 ص
انهاء الاحتلال.. صعب تحقيقه..المحتل الغاصب لايردع الا بالقوة..والقوة اساسها الرصاص الحي وليس الصالونات والاجتماعات ووجهات النظر.... لن يرحل المحتل الا بالرصاص الحي..ولنا في ذلك الثورات التحريرية في الجزائر في ليبيا في العراق في مصر وفي سوريا وسائر البلاد العربية والافريقية التي حاربت المحتل الفرنسي والايطالي والبريطاني والامريكي وقدمت العشرات بل الملايين من الشهداء...فتحررت البلادوالعباد ..............الصالونات لاتأتي الا بالعملاء الذين سيعملون على حماية مصالح الغرب والاقوياء