إن المجتمعات التي تقوم على الظلم لا يستقر نعيمها، وإن الظالم هو من
يذهب بنفسه قبل الآخرين فالظلم ظلمات والعدل أساس العمران والظلم يفضي إلى خراب.
العدل هو ما قام في النفوس أنه مستقيم، وهو اسم من أسماء الله،
تعالى، إذ هو، سبحانه، لا يميل به الهوى.
ولا يوجد شيء في الإسلام بعد العقيدة والأخلاق أعظم من مبدأ العدالة
الشاملة لكل تصرفات الإنسان، وكل حركاته، وما يجول في قلبه.
العدل هو الأساس لبناء هذا الكون كله، فبالعدل وعلى العدل أقام الله
السماوات والأراضين، لذلك أمر به أمراً ملزماً، وجعل من أهم أهداف جميع الرسالات
الإلهية إقامة العدل (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا
مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) فأنزل الله
الكتاب والميزان لتحقيق الهدف الذي هو القسط أي العدل.
وفي جانب آخر أمرنا الإسلام بالرحمة المطلقة فقال الحبيب المصطفى صلى
الله عليه وآله وسلم :
(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) وقال أيضًا: (من لا يرحم
من في الأرض لايرحمه من في السماء). حديثان صحيحان (صحيح الترغیب 2255، 2256).
رأينا في هذا العصر من يقوم بقتل، أو بسجن العلماء والدعاة الربانيين [هكذا نحسبهم ولا نزكي علىالله أحدا]، فالسجن للأبرياء وبخاصة العلماء والدعاة الصالحين من أعظم المظالم التي حرمها الله تعالی.
والرحمة تكررت في السنه حوالي (5000) مرة، ولا غرو في ذلك فالرسول
صلى الله عليه وآله وسلم حصرت رسالته في الرحمة للعا لمین ..
وتكررت في القرآن (268) مرة (عدا بسم الله الرحمن الرحيم)، وكتب على
نفسه الرحمة وبدأ جميع السور ما عدا سورة
البراءة بـ (بسم الله الرحمن الرحيم ، حيث أصبحت شعار القرآن الكريم، وشعار
المسلمين الذين يبدؤون في كل شيء ب (بسم الله الرحمن الرحم) كل ذلك لصناعة إنسان رحيم رؤوف حکیم مشفق على كل ذي
روح.
ومع كل ذلك نجد في أمتنا قساة القلوب تجاوزت قسوتهم قسوة السباع
والوحوش، فقد رأينا دواعش الفكر، ودواعش
الحكم كيف أحرقوا الناس الأبرياء..
وقد رأينا في هذا العصر من يقوم بقتل، أو بسجن
العلماء والدعاة
الربانيين [هكذا نحسبهم ولا نزكي علىالله أحدا]، فالسجن للأبرياء وبخاصة العلماء
والدعاة الصالحين من أعظم المظالم التي حرمها الله تعالی.
فالواجب إكرام العلماء الذين هم ورثة الأنبياء، حتى قال السلف إن من
السنة توقير العالم.قال طاووس بن كيسان: "إن من السنة أن تُوَقِّر العالم".
بل حض النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بتوقيرهم، فقال (إنَّ من إجلالِ اللَّهِ إِكرامَ ذي الشَّيبةِ
المسلمِ وحاملِ القرآنِ غيرِ الغالي فيهِ والجافي عنْهُ وإِكرامَ ذي السُّلطانِ
المقسِطِ) رواہ أبوداود وسكت عنه (٤٨٤٣) قال الحافظ العراقى فى تخريج الأحياء
٢٤٥/٢م : إسناده حسن.
وعن الحسن قال: رُئيَ ابن عباس يأخذ برِكاب أبيّ بن كعب، فقيل له:
"أنت ابنُ عَمِّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تأخذ بركاب رجل من
الأنصار؟"، فقال: "إنه ينبغي للحَبْر أن يُعَظَّمَ ويُشَرَّفَ" (٢).
وعن الشعبي قال: (صلَّى زيد بن ثابت على جنازة، ثم قربت له بغلة ليركبها،
فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال له زيد: "خَلِّ عنك يا ابن عم رسول الله"،
فقال ابن عباس: "هكذا يُفعل بالعلماء والكبراء").
وفي رواية عنه قال: (أمسك ابن عباس بركاب زيد بن ثابت، فقال: "أتمسك
لي وأنت ابنُ عم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟ " قال: "إنا هكذا
نصنع بالعلماء" المنتظم لابن الجوري (2010)، وقال الأرناؤوط فى تخريج سير
أعلام النبلاء (٤٣٧/٢) إسناده حسن .
لذلك أطالب بإطلاق سراح جميع العلماء والدعاة تنفيذاً لأمر الله
تعالى برفع الظلم، وتأسياً برسول الله نبي الرحمة، واتقاء للشرور والمصائب والفتن
ونزول غضب الله تعالى.
*الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين