قيادة الاتحاد الأوروبي تسعى لتسريع عملية تأسيس قوة عسكرية أوروبية مشتركة فهل اقتربت أوروبا من تحقيق حلمها و تأسيس جيشها الموحد؟
مع اندلاع الحرب على أوكرانيا، عاش الأوربيون حالة من الاستنفار لإيجاد حلول لمواجهة ما أطلقوا عليها "التهديدات الجديدة"، فكانت أول خطوة فعلية أقدم عليها قادة الاتحاد الأوروبي هي الموافقة على إنشاء فرقة عسكرية قوامها 5 آلاف جندي أطلقوا عليها "القوة الخاصة للتدخل السريع"، ومهمتها تقوية القدرات الدفاعية لأوروبا، والتعامل مع أي تهديد قد يواجه التكتل الأوروبي.
جاء ذلك في إطار البوصلة الإستراتيجية الأوروبية الجديدة، إلا أن بعض المحللين أجمعوا على أن هذه الفرقة ما هي إلا نواة لما هو أوسع، في إشارة للجيش الأوربي الموحد.. فهل إنشاء أوروبا لقوة عسكرية مشتركة فكرة قابلة للتنفيذ؟
المُبادرة
حقيقة صادمة تيقظت لها أوروبا تمثلت في نقائص كثيرة في استراتيجية دفاعها المشتركة، وهو ما اعترف به مفوض الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل، قائلا إن "الحرب الأوكرانية كانت بمثابة جرس إنذار لنا جميعاً بشأن قدراتنا العسكرية".
الأمر الذي دفع إسبانيا بصفتها الرئيسة الدورية للاتحاد الأوروبي بالتعهد لتسريع تشكيل القوة الأوروبية المشتركة، من خلال استضافة مدريد أولى المناورات العسكرية المشتركة لبلدان الاتحاد، والتي قد تشمل أيضا تمارين لوحدات عسكرية بحرية، في خطوة قرأ فيها المراقبون محاولة لتسريع إنشاء القوات المشتركة الأوروبية الذي جاءت به "البوصلة الاستراتيجية" الأوروبية الجديدة التي تضمنت 4 عناصر رئيسية تشمل تعزيز دور الاتحاد الأوروبي في إدارة الأزمات، وتحسين قدراته الدفاعية وتمكينه من مقاومة الأزمات وإقامة شراكات مع دول ثالثة.
ولعل أبرز ما جاءت به هذه الوثيقة، عزم أوروبا على تشكيل قوّة عسكرية مشتركة، التي يعتقد محللون ومختصون أنها مجرد نواة لجيش القارة.
الحلم العصي
تأسيس جيش أوروبي فكرة قديمة أقدم من الاتحاد بذاته، إذ يعود طرحها أوّل مرة إلى سنة 1950
حين اقترح الفرنسيون تشكيل قوّة عسكرية موحّدة بين كلٍّ من بلجيكا وفرنسا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا وألمانيا الغربية، ليتم توقيع معاهدة مؤسّسة لـ"مجموعة الدفاع الأوروبية" عام 1952 التي لم ترَ النور إلى الآن.
فيما برزت فكرة تشكيل قوة خاصة أوروبية مشتركة في أيار/ مايو 2021 بعد دعوة 14 دولة من الاتحاد على رأسها فرنسا وألمانيا، إلى إنشاء قوات تدخل سريع.
وبعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان أصبح المقترح أكثر إلحاحا من ذي قبل، حيث أصيب الأوروبيون بنوع من التشكك إزاء استمرار اعتمادهم على حلف شمال الأطلسي في الدفاع عنهم، ولعل تمويل الجيش هو العائق الأبرز الذي يقف أمام المحاولات الأوروبية لتأسيس قوة عسكرية موحدة.