يظهر
تقرير لوكالة "رويترز" عدم اهتمام شعبي بالانتخابات البرلمانية المزمع
عقدها في
تونس السبت 17 كانون الأول/ ديسمبر الحالي.
ووفق
التقرير فكثيرون ممن استطلعت الوكالة آراءهم في سوق سيدي البحري المزدحم في وسط تونس
العاصمة لا يعتزمون الإدلاء بأصواتهم في
الانتخابات.
وقال
لزهر بوستة (54 عاما) الذي يبيع ماكينات الحلاقة بأحد شوارع سوق سيدي البحري:
"هذا البرلمان لن يكون بمقدوره فعل شيء... والأشخاص الذين يترشحون له يبحثون فقط
عن المناصب والمال ولا يمكنهم فعل أي شيء. الرئيس لديه كل السلطة".
ومنطقة
سيدي البحري واحدة من سبع مناطق في البلاد بها مرشح واحد في الانتخابات وفوزه بمقعد
في البرلمان مضمون. وسيضم البرلمان الجديد 161 مقعدا.
حتى
عندما يتولى نائب سيدي البحري مقعده النيابي فسيكون عضوا في هيئة تم تقليص صلاحياتها
بشكل كبير بموجب الدستور الجديد مقارنة بالمجلس التشريعي السابق الذي لعب الدور الرئيسي
في تشكيل الحكومات والإشراف على السياسة.
بالنسبة
للرئيس التونسي قيس سعيّد، تتوج الانتخابات البرلمانية الهيكل السياسي الجديد الذي
بناه بعد استئثاره بسلطات واسعة العام الماضي، لكن المعارضة تصف الانتخابات بأنها غير
ديمقراطية وستقاطع
الأحزاب الرئيسية التصويت.
وعلى
عكس البرلمان المنتخب الذي حله سعيّد العام الماضي في خطوة يصفها منتقدوه بأنها انقلاب،
لن يتمتع المجلس التشريعي الجديد بسلطات تذكر وسيتم انتخابه بموجب قانون يقلص دور الأحزاب
السياسية.
ويقول
سعيّد، الذي يحكم بمرسوم بعد خطوات اتخذها ضد البرلمان في تموز/ يوليو 2021، إن الإجراءات
كانت ضرورية وقانونية، ويشير إلى استفتاء أجراه هذا الصيف على أنه أعطى الشرعية الشعبية
لدستوره الجديد.
كما
يسود انعدام للثقة في الحكومة بعد سنوات من الجدل السياسي والإحباط الاقتصادي، إضافة
إلى ما يراه منتقدو الرئيس والعديد من المراقبين الأجانب على أنه تفريغ لمضمون الديمقراطية
التونسية التي كانت ذات يوم واعدة.
اقرأ أيضا: هل تدفع هيئة الانتخابات بتونس وسائل الإعلام لمقاطعة "التشريعية"؟
وتتزامن
انتخابات يوم السبت مع ذكرى إشعال بائع خضراوات النار في نفسه عام 2010 في واقعة أدت
إلى اندلاع ثورة 2011 في تونس والتي أطلقت شرارة الربيع العربي. وكان يُنظر إلى الإصلاحات
السياسية في تونس على أنها قصة نجاح نسبي بالنظر إلى الانتفاضات التي أفضت إلى اندلاع
حروب أو سيطرة الاستبداد في أماكن أخرى من المنطقة.
"مسرحية"
من بين
أولئك الذين ما زالوا منخرطين في السياسة، يوجد انقسام كبير بين مؤيدي سعيّد الذين
يُحمّلون الأحزاب الرئيسية مسؤولية مشكلات تونس بعد الثورة وبين من يرون أن الرئيس
في طريقه لأن يصبح حاكما مستبدا.
تم حظر
استطلاعات الرأي في الفترة التي سبقت الانتخابات، لكن نسبة الإقبال على الاستفتاء على
دستور سعيد الجديد في تموز/ يوليو بلغت 30 بالمئة. ولم يتضح مدى تأثر تلك النسبة بالعزوف
عن المشاركة أو المقاطعة التي دعت إليها المعارضة في ذلك الحين.
كان
البرلمان السابق، الذي تم تشكيله بموجب دستور ما بعد الثورة الذي تم الاتفاق عليه من
خلال مفاوضات طويلة بين الأحزاب والمجتمع المدني، يتمتع بسلطات أعلى من الرئيس لكنه
كان ممزقا بسبب الانقسامات الأيديولوجية.
وفي
ظل سنوات من الركود الاقتصادي بتونس، حمَّل كثيرون البرلمان مسؤولية إحباطاتهم ورحبوا
بقرار سعيد حل البرلمان وتولي سلطاته بنفسه.
وبينما
هتف مئات المحتجين بعبارات تطالب سعيّد بالرحيل عن السلطة خلال مسيرة في وسط العاصمة
تونس قال زعماء سياسيون للأحزاب المقاطعة للانتخابات البرلمانية إنهم يطالبون بما وصفوه
بالعودة إلى الديمقراطية.
وقال
محتج يدعى سامي التبسي: "الانتخابات التشريعية مهزلة حقيقية بلا شرعية وخارج الدستور.
إنها مسرحية".
معاناة
يومية
كان
في سوق سيدي البحري بعض المؤيدين لكل من المرشح المحلي الوحيد والرئيس، وقالوا إنهم
يؤمنون بالديمقراطية التونسية والنظام السياسي الجديد لسعيد.
لكن
معظم من تحدثت إليهم رويترز في المنطقة لم يعبروا عن اهتمام كبير بالانتخابات، فهم
منشغلون بمعاناتهم اليومية بسبب نقص السلع والمنتجات في المتاجر والصيدليات وتراجع
الخدمات ولا يرون فرصة تذكر للتغيير.
انكمش
الاقتصاد التونسي 8.79 بالمئة خلال جائحة كوفيد-19، ويسجل نموا بطيئا منذ انتهائها.
وبلغ معدل التضخم الشهر الماضي 9.8 بالمئة بينما تجري الحكومة محادثات مع صندوق النقد
الدولي من أجل حزمة إنقاذ لتجنب الإفلاس.
وقال
حسام الزياني، وهو بائع سجائر شاب، إنه لم يعد قادرا على دفع الإيجار أو فاتورة المياه
أو الكهرباء وإنه يرغب فقط في مغادرة تونس مع زوجته وابنته.
وارتفع
عدد المهاجرين غير الشرعيين من تونس هذا العام وفقا لوكالات الهجرة واللاجئين، ويهاجر
معظمهم على متن قوارب إلى إيطاليا.
وقال
الزياني: "لن أشارك في أي انتخابات. البرلمان المقبل سيكون كذبة كبيرة ولن يكون
قادرا على فعل أي شيء لنا".
وتحول
موقف الاتحاد العام التونسي للشغل ذي التأثير القوي، والذي يضم ما يزيد على مليون عضو،
بشكل حاد من الإشادة بالتغيير السياسي الذي نفذه سعيّد إلى مهاجمة نهجه الفردي في الحكم.
وقال
الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي هذا الشهر إن الانتخابات "لن يكون لها
لون ولا طعم"، مضيفا أن الاتحاد لم يعد يقبل مسار سعيد السياسي.