اعتبرت صحيفة
فاينانشيل تايمز البريطانية أن وصول السياسي، أنور إبراهيم، لمنصب رئيس الوزراء في
ماليزيا تتويج لواحدة من أكثر الرحلات السياسية الاستثنائية في العالم،
وأشارت الصحيفة البريطانية في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي إلى أن السياسي الماليزي انتظر هذه الفرصة لنحو 25 عاما.
ولفتت فاينانشيل تايمز إلى أن انتخاب إبراهيم يمثل فرصة حاسمة للدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، لمعالجة الانقسامات الاجتماعية والسياسية مع استعادة مصداقيتها عالميا.
وقالت الصحيفة: "كان يُنظر إلى أنور، البالغ من العمر 75 عامًا، على نطاق واسع باعتباره زعيمًا مستقبليًا منذ عام 1997 عندما كان نائبًا لرئيس الوزراء، حيث ساعد في توجيه ماليزيا خلال الأزمة المالية الآسيوية".
وتابعت: "لكن بعد إقالته عام 1998 من قبل معلمه الذي تحول إلى خصمه
مهاتير محمد، سُجن أنور بتهم ملفقة تتعلق بالمثلية الجنسية والفساد".
وذكرت الفاينانشيل أن أنور إبراهيم عاد كزعيم للمعارضة، بعد أن أُلغيت هذه الإدانة في عام 2004، لكن أحبطت طموحاته السياسية بعقوبة ثانية بتهمة المثلية الجنسية في عام 2015، ومن ثم ترشح من السجن في انتخابات 2018 لينضم إلى مهاتير في ائتلاف جديدـ، كما سمح له عفو ملكي باستئناف الحياة السياسية.
اقرأ أيضا: رئيس الوزراء الماليزي يعلن تشكيلة حكومته ويحتفظ بالمالية (أسماء)
واعتبرت الصحيفة أن هذه التقلبات أثبتت قدرة أنور على البقاء السياسي، لكنها لا تقلل من المهمة الضخمة التي يواجهها بعد انتخابات مثيرة للانقسام.
وحسب الصحيفة، تتمثل إحدى أبرز مهام أنور في استعادة سمعة ماليزيا في أعقاب فضيحة الفساد التي أدت إلى الحكم هذا العام على رئيس الوزراء السابق
نجيب رزاق بالسجن 12 عامًا.
وأُدين نجيب في عام 2020 بتهم منها خيانة الأمانة وإساءة استخدام السلطة، وغسيل الأموال فيما يتعلق بصندوق الاستثمار المملوك للدولة .
ووصف المدعي العام الأمريكي اختلاس مليارات الدولارات من الصندوق الماليزي بأنه "حكم اللصوص في أسوأ حالاته"، حسبما نقلت الصحيفة.
وبينت الصحيفة أن أنور، الذي تولى أيضًا منصب وزير المالية، تعهد عن حق بمحاربة الفساد، حيث أظهر تضامنه مع العديد من الماليزيين الذين يعانون من ارتفاع تكاليف المعيشة بقوله إنه لن يتقاضى أي راتب.
وكتبت الصحيفة: "مع ذلك، من المقرر أن يكون الأمر الذي يتطلب تحقيق توازن دقيق من قبل أنور متعلقا بالشأن السياسي، إذ أن ائتلافه (تحالف الأمل) فاز بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان لكنه فشل في تحقيق الأغلبية".
وتابعت: "وقد أدى ذلك إلى ترتيب غير مستقر لتقاسم السلطة، حيث يتألف جزء من حكومته من أعضاء أحزاب معارضة، بما في ذلك حزب "باريسان" الوطني الحاكم السابق".
وفي الانتخابات الأخيرة، كان أسوأ أداء لحزب باريسان، فيما تعود الأسباب جزئيا لفضيحة صندوق الاستثمار الحكومي، حيث مثلت النتيجة رفضًا قاطعًا من قبل الناخبين للتحالف الذي سيطر على السياسة الماليزية منذ الاستقلال في عام 1957، وفقا للصحيفة.
وأردفت بالقول إن: "تسمية أنور لزعيم الحزب أحمد زاهد حميدي، الذي يواجه تهما بالكسب غير المشروع، لمنصب نائب رئيس الوزراء لن تلقى استحسان ناخبيه".
وأشارت إلى أن تحقيق توازن في التمثيل للأغلبية الماليزية الأصلية (الملايو) والأقليات العرقية الصينية والأقليات العرقية الهندية سيكون أمرًا بالغ الأهمية.
ويدرك أنور، وهو مسلم من أغلبية الملايو، أن أحد أسباب انهيار الائتلاف الحاكم السابق بقيادة حزبه هو فقدان ثقة الملايو، وفقا لفاينانشيل تايمز.
واختتمت الصحيفة بالقول إنه "في السياسة الخارجية، سيحتاج رئيس الوزراء الجديد مرة أخرى إلى مهارات موازنة، كما يجب أن يحاول أنور إعادة تقويم الميل نحو الصين الذي ميز قيادة نجيب رزاق، وتعزيز العلاقات الأمريكية والأوروبية بدرجة أقوى، على غرار الجارة سنغافورة، الخبيرة في موازنة المصالح المتنافسة".