في الوقت الذي يواصل فيه جيش الاحتلال استهدافه للمواقع والقواعد الإيرانية في سوريا، لفتت أوساط إسرائيلية الأنظار إلى ظاهرة جديدة مؤخرا تتمثل في مسارعة
النظام السوري للنشر عن هذه الهجمات، بعكس ما كان عليه الحال سابقا، ما يدعو إلى مزيد من التفكير فيما يتطلع إليه النظام جراء سياسة الإعلان السريع.
جاكي خوجي محرر الشؤون العربية في الإذاعة العسكرية، ذكر أنه "من الطقوس المعتادة التي بتنا نعرفها منذ 12 عاما، تنفيذ الطائرات الإسرائيلية لغاراتها الجوية على مواقع في قلب سوريا، بمعدل مرة واحدة أسبوعيا، وعادة في الليل، في حين أن الجيران السوريين هم أول من يعلن ذلك، وقد باتت مئات الهجمات وراءنا بالفعل انطلاقا من حملة عسكرية مستمرة، دقيقة إلى حد ما، حتى وإن كانت تستهدف طرفًا ثالثًا ليس بغرض إلحاق الأذى بمقاتلي حزب الله أو الإيرانيين، بل تدمير الذخيرة قبل وصولها لأصحابها الجدد".
وأضاف في مقال نشرته
صحيفة معاريف، وترجمته "عربي21" أنه "رغم أن
الضربات الإسرائيلية تجاه سوريا أصبحت روتينية، فإن هذه السياسة الهجومية محاطة بأسئلة مثيرة للاهتمام، ومنها: لماذا يتعجل السوريون في الحديث عن كل هجوم بعد دقائق تقريبًا من حدوثه، فيما إسرائيل صامتة، ولماذا لا يرد الأسد بالنيران الانتقامية، وانتهاك سيادته، ورغم ذلك فإن الإسرائيليين لم يكونوا يعلمون بما تفعله طائراتهم في الليل في جارتهم الشمالية لولا وسائل الإعلام السورية، فيما إسرائيل صامتة حتى لا تجرم نفسها، مع العلم أنه في الماضي عمد النظام السوري لإخفاء الضربات الجوية الإسرائيلية، أو يعلن عن بعضها فقط".
وزعم أن "الأسد يحاول استخلاص نقاط مهمة من هذه الهجمات الإسرائيلية لتشكيل صورته، فهي أولا تساعده في الادعاء بأنه ضحية مستمرة لإسرائيل، وثانيا الزعم بأنها تهاجمه نيابة عن المعارضة المسلحة ضده، وثالثا محاولة تحريض الروس ضد إسرائيل، لكن ضباط بوتين لم يقعوا في الفخ، لأنه طالما أن إسرائيل تهاجم أهدافًا إيرانية، فهم لا يأبهون، لأنهم ليسوا في سوريا حفاظا على مليشياتها، مع العلم أن عدم رد الجيش السوري على إسرائيل أمر طبيعي بنظرها".
وأشار إلى أن "الحقيقة غير المعلنة أن النظام السوري يستفيد بشكل كبير من الضربات الإسرائيلية ضد إيران وحزب الله، لأنه، وليس إسرائيل فقط، لا يريد أن يبقى الإيرانيون في بلاده، وسيكون سعيدًا إذا غادروها، وتركوه، لكنهم لا يفهمون التلميحات، لأنهم بعد مساعدته في إنقاذه من أجل البقاء ضد شعبه، يريدون السيطرة على قطاعات الأعمال والأراضي السورية والمؤسسة العسكرية، ووضع اليد على مواقع نفوذ مباشر بحجة إدارة الأماكن المقدسة للشيعة، ولعل وإسرائيل قدمت للنظام السوري خدمة كبيرة بالمئات من هجمات ضد إيران، ما يجعله ممتنّا لها في قلبه، للمرة الثانية".
وشرح قائلا أن "امتنان النظام السوري لإسرائيل للمرة الثانية لأنه في سنوات الحرب الصعبة، عندما كان الغرب كله ضده، ويطالب بإسقاطه، رفضت إسرائيل إيذاء شعرة من رأسه، وتجاهلت الأجواء في واشنطن التي دعمت الإطاحة به، وتجنبت أكبر قدر ممكن من المغامرات التي من شأنها الإسراع بسقوطه، وبذلك فهي تحافظ على استقرار النظام، ومن جهة أخرى تنظف بلاده قدر المستطاع من الوجود الإيراني، وفوق ذلك لا تستوطن الجولان بأعداد كبيرة من المستوطنين كما فعلت في الأراضي الفلسطينية، ما يترك إمكانية استئناف محادثات السلام مع دمشق في المستقبل".
رغم حساسية ما يطرحه المقال الإسرائيلي، لكنه يتزامن مع ما قيل إنها ضغوط إسرائيلية على بعض الدول العربية للمسارعة في التطبيع مع النظام السوري، لإبعاده عن إيران، وإعادته للجامعة العربية، ضمن خطة لـ"تبييضه" بالتعاون بين تل أبيب وواشنطن وموسكو قبل سنوات، تضمنت في حينه دعوة الأسد لجميع القوات الأجنبية بمغادرة بلاده، لأنه لم يعد حاجة لها، وبموازاة ذلك ضخ استثمارات من دول الخليج العربي في الاقتصاد السوري، بدلاً من إيران، التي تسيطر على سوريا اقتصاديًا.
اظهار أخبار متعلقة
مع العلم أن الرئيس الحالي لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، آيال خولتا، زعم أن الخطة حظيت في حينه بدعم واتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا، مع أن تل أبيب لا تعارض إجراء "غسيل" للنظام السوري، ولديها موقف محايد تجاهه، ولا تعارض إعادته للجامعة العربية، رغم أن الإيرانيين موجودون في سوريا، ومن الصعب رؤية سيناريو لمغادرتهم، مما يجعل القصة شأنا عربيا داخليا، ولا تجد إسرائيل نفسها جزءً منها.