منذ
اللحظات الأولى لفوز اليمين الإسرائيلي المتطرف في الانتخابات، لم يتردد زعماؤهم في
الحديث عن "
تهويد"
النقب والجليل المحتلين، تحت شعارات تطويرهما والارتقاء
بأوضاعهما المعيشية، لكن الأهداف الخفية تتعلق بتعزيز التواجد اليهودي فيهما، واستخدام
مزيد من التعسف ضد
الفلسطينيين البدو المقيمين فيهما.
آخر
هذه المواقف عبر عنها بدون مواربة الوزير المكلف بالنقب والجليل يتسحاق فاسرلاف من
حزب "العصبة اليهودية" بقيادة إيتمار بن غفير، الذي أعلن أنه "سيعمل
على تحسين مستوى معيشة "الموالين للدولة"، و"السعداء بازدهارها"،
متعهدا بإخراج المتسللين من جنوب تل أبيب، معطيا وعدا علنياً بأنه "لن يعتني بالبنية
التحتية للفلسطينيين".
شارون
كيدون مراسلة صحيفة "
يديعوت أحرونوت" نقلت عن فاسرلاف، نائب ابن غفير، قوله
إنه "سيعتني بالمواطنين الراضين عن ازدهار الدولة، وسننظر في كيفية تحسين مستوى
معيشة الأشخاص الموالين لدولة إسرائيل، والسعداء بازدهارها، وقد وضعنا في حملتنا الانتخابية
ثلاثة أمور تهمنا، أولها الأمن الشخصي لليهود، وثانيها الاهتمام بالمحيط في الجليل
والنقب، وثالثها الهوية اليهودية لهما، لذلك فإننا حصلنا على ثلاث وزارات تتعامل مباشرة".
وأضاف
في لقاء ترجمته "
عربي21": "أتحمل مسؤولية رعاية المستوطنات الجديدة
التي ما زالت باقية دون ماء وكهرباء لسنوات، وفي الوقت ذاته أؤكد أنني لا أنوي الاهتمام
بالبنية التحتية للفلسطينيين".
مع العلم
أن ابن غفير ذاته كان قد توعد بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة المكلف بأنه "بدون
حصول حزبه على وزارة تطوير النقب والجليل، فلن يدخل الحكومة، وليس من قبيل الصدفة أن
نصرّ على هذه الوزارة، بدونها لن ندخل الحكومة، لقد تعهدنا بالاعتناء بالنقب والجليل".
على
الصعيد الميداني، فإن أحداث أيار/ مايو 2021، التي تزامنت مع هبة الأقصى وحرب غزة،
حين انخرط فلسطينيو48 في هذه الاحتجاجات، خاصة في النقب، ما زالت تشكل مصدر قلق لدولة
الاحتلال وأجهزتها الأمنية، ما دفعها لتنفيذ خطط ميدانية وعسكرية لمزيد من التورط
في هذه المناطق، تحت مزاعم إحباط عمليات تهريب الأسلحة، ومنع التسلل للقواعد العسكرية.
إيلانا
كورييل مراسلة صحيفة
"يديعوت أحرونوت"، كشفت أن "تواجد الجيش الإسرائيلي
في منطقة النقب بالتعاون مع قوى أمنية أخرى خاصة، جهاز الأمن العام -الشاباك- والشرطة،
يهدف للتصدي لعمليات التهريب من الأسلحة والمخدرات من حدود الأردن ومصر، وفي نفس الوقت
منع التسلل والسرقة من قواعد الجيش الإسرائيلي، وعمليات إحراق الحقول الزراعية المسماة
"الإرهاب الزراعي".
ونقلت
في تقرير ترجمته "
عربي21" عن قائد الفرقة 80 إيتسيك كوهين، أنه "يستعد
لاستقبال عام 2023 باعتباره عاما جديدا لمنطقة النقب، بزعم القضاء على التهريب إلى
التجمعات القريبة من الحدود، ووقف التسلل لقواعد الجيش، وتقليل النشاط الإجرامي في
مناطق النيران من أجل تحسين الوضع الأمني في النقب، وإحباط محاولات تهريب الأسلحة غير
المشروعة من الحدود الشرقية، وإحباط محاولات تهريب مخدرات من الحدود الجنوبية،
بما فيها زراعة المخدرات".
وأشار
إلى أن "الهدف القادم سيكون إحباط عمليات التسلل لقواعد الجيش، ومنع سرقة الأسلحة
منها، وسيتم التعامل على أساس إنشاء هيئة استخبارات مشتركة للجيش والشاباك والشرطة
والفرقة 80، وتجلس جميع الأطراف معًا، وتقدم معلومات موحدة مخصصة للقوات في الميدان،
مع تنبيهات يومية على طرق التهريب المحتملة على حدود الأردن ومصر، بعد أن احتل موضوع
التسلل لقواعد الجيش، والسرقات منها، عناوين الأخبار مؤخرًا".
وأوضح
أنه "منذ بداية العام وقعت أربعة حوادث سرقة من قواعد الجيش، و77 محاولة تسلل للقواعد،
وتم تشكيل فريق عمل مشترك بين الجيش والشرطة لتقييم عمليات التهريب، وفي العام المقبل
هناك نية لاستخدام المزيد من القوات لمنع اقتحام القواعد، مع العلم أن عملية
"حارس الأسوار" في 2021 ساعدت في نشاط تهريب الأسلحة من حدود الأردن، بحيث
يحقق مكاسب للمهربين بـ450 ألف دولار، ما يجعله عملا مزدهرا وجيدا، أما عند حدود مصر
فالأسعار متواضعة، بقيمة 130 ألف دولار".
وزعم
أن "قيمة 65 قطعة سلاح ووسائل حربية تم الاستيلاء عليها من الحدود الأردنية هو
10 ملايين شيكل، وهذه الأسلحة تمر عبر العراق وسوريا، وتتوجه إلى الأردن، ومن هناك
إلى إسرائيل، ومعظمها موجهة إلى مناطق الضفة الغربية، وتشير التقديرات إلى أنها تصل إلى أيد
معادية، ورغم الإجراءات المضادة فإنه تم اعتقال 10 مهربين فقط خلال عمليات الحدود،
وهذا رقم ضئيل للغاية، ولا تزال المنظمات التي تقف وراء التهريب قائمة".
من الواضح
أن الحكومة اليمينية القادمة تضع نصب عينيها مزيدا من الإجراءات التهويدية ضد النقب
والجليل تحت مزاعم أمنية وبوليسية، لكن الغرض الحقيقي منها هو وقف التمدد السكاني الفلسطيني
لصالح الزجّ بمزيد من المستوطنين بدلا منهم، لا سيما بعد أن تحولت منطقة النقب إلى
قاعدة لجيش الاحتلال وأجهزته الاستخبارية بسبب موقعها الجغرافي المحاذي لمصر والأردن
وقطاع غزة.