تطرقت صحيفة
نيويورك تايمز الأمريكية إلى تأثير الحملة الغربية على الدولة المنظمة لكأس العالم،حيث رصدت قلق
القطريين من الصورة النمطية التي يتناول بها الإعلام الغربي لبلادهم.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن قطر واجهت منذ انطلاق المونديال وابلا متزايدا من الانتقادات بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تجريم المثلية الجنسية وانتهاكات حقوق العمال المهاجرين.
واستهلت الصحيفة تقريرها، بموقف المغني البريطاني "رود ستيوارت" الذي رفض أكثر من مليون دولار لأداء عرض في قطر، حيث قال لصحيفة
صنداي تايمز اللندنية؛ إنه "ليس من الصواب الذهاب"، منضما لجوقة من الشخصيات العامة التي قاطعت أو أدانت استضافة الدوحة لكأس العالم.
وأشارت إلى ستيوارت نفسه، قدم عرضا في عام 2010 في دبي أو 2017 في أبو ظبي، وهي مدن في الإمارات العربية المتحدة المجاورة.
ولفتت نيويورك تايمز إلى أن الإمارات، مثلها مثل قطر، هي دولة تواجه مزاعم بانتهاكات حقوق الإنسان.
وقال تقرير الصحيفة؛ إن هذا النوع من التضارب في المواقف، يحبط القطريين بشكل متزايد، حيث يقولون؛ إن البطولة جلبت لهم موجة غير متناسبة من التغطية السلبية، وأنتجت أوصافا لبلدهم وشعبهم يشعرون بأنها نمطية وعفا عليها الزمن.
وحسب نيويورك تايمز، يقول القطريون؛ إن هناك ازدواجية للمعايير، حيث يتساءلون لماذا يشتري الأوروبيون الغاز الطبيعي من قطر إذا وجدوا البلاد سيئة لدرجة أنهم لا يستطيعون مشاهدة كرة القدم هناك؟ ولماذا لا تفعل بعض الشخصيات الدولية التي تعادي قطر الشيء نفسه بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة؟
كما قالوا؛ إنهم يأملون في أن تتحدى
كأس العالم الأولى التي تقام في دولة عربية الصور النمطية عن القطريين والعرب والمسلمين، وفقا للصحيفة.
وفي خطاب ألقاه الشهر الماضي، وصف أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ما يحدث بأنه "حملة غير مسبوقة لم يواجهها أي بلد مضيف على الإطلاق".
وقال وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لـ
صحيفة ألمانية، إن بعض الانتقادات كانت عنصرية ومتعجرفة.
وقال المنظمون؛ إنه من المتوقع أن يزور ما لا يقل عن 15 ألف صحفي قطر، الدولة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، لحضور كأس العالم.
وذكر التقرير أن استجابة وسائل الإعلام لم تكن كما كانت تأمل قطر.
وردا على سؤال من أحد المذيعين التلفزيونيين عن انطباعاته عن البلد، أجاب مراسل فرنسي: "هناك الكثير من المساجد".
وفي تعليق بالصورة، كتبت صحيفة "ذا تايمز أوف لندن": "القطريون غير معتادين على رؤية نساء يرتدين الزي الغربي في بلدهم".
ولاحقا، عدلت الصحيفة جملتها، بالقول: "في الواقع، يشكل المقيمون الأجانب أكثر من 85٪ من سكان قطر، والنساء اللواتي يرتدين الجينز أو الفساتين القصيرة شائع نسبيا، على عكس المملكة العربية السعودية المجاورة".
قال جاستين مارتن، الأستاذ المشارك للصحافة في معهد الدوحة للدراسات العليا، الذي أمضى 10 سنوات في قطر؛ "إنه مزيج من الجهل المدقع والاستعارات الاستشراقية".
وحتى بعض القطريين الذين يرحبون بالنقد كدعوة للتحسين، يقولون إنهم استاؤوا من التغطية الإعلامية، التي يعتقدون أنها مدعومة بأفكار مسبقة قائمة على العنصرية والاستشراق وكراهية الإسلام.
وقال خليفة الهارون، الذي يدير دليل الزوار على الإنترنت بعنوان "أحب قطر"؛ "إن أكثر ما يقلقني هو العنصرية، أو ما يُنظر إليه على أنه مقالات تغذيها العنصرية، فهو يبتعد عن القضايا الحرجة".
وأضاف أن "محبة بلاده تعني إصلاح مشاكلها، وأن الاهتمام بحقوق العمال ساعد في إحداث تغيير إيجابي. لكنه قال؛ إنه "منزعج من الصور النمطية التي يشعر أنها مليئة بالتمييز".
وقال مارتن؛ إنه يعتقد أن جزءا من سبب كون التغطية شرسة للغاية، هو أن تحول البطولة من الصيف إلى تشرين الثاني/نوفمبر، أثار غضب المشجعين والصحفيين الرياضيين من خلال تعطيل جداول كرة القدم في البلدان الأخرى.
وأشار أستاذ الصحافة إلى أن هناك أيضا "عداوة" بشأن التوفر المحدود للكحول في قطر، وهي دولة إسلامية محافظة نسبيا.
يقول العديد من القطريين؛ إن الصور النمطية ألحقت الضرر بسمعتهم، وفقا للصحيفة الأمريكية.
ونشرت مجلة كرة القدم البريطانية "عندما يأتي يوم السبت"، رسما كاريكاتوريا لكأس العالم مع صور لرجال ذوي أنوف كبيرة، اثنان يرتديان ملابس عربية خليجية، أحدهما يدفع عربة يدوية مليئة بالنقود.
وأشارت الصحيفة إلى آندي ليونز، محرر "عندما يأتي يوم السبت"، رفض الاقتراحات بأن الرسم البياني الجداري يلعب على الصور النمطية.
وقال ليونز لنيويورك تايمز في رسالة بالبريد الإلكتروني؛ إن رسام الكاريكاتير في المجلة "يرسم معظم الشخصيات" بأنوف كبيرة، وكان الغرض من الأموال هو تمثيل الرشاوى التي قال المحققون الأمريكيون والفيفا نفسها؛ إنها دفعت لأعضاء مجلس إدارة فيفا في منح البطولة.
وقال رئيس اللجنة المنظمة لكأس العالم في قطر، حسن الذوادي في مقابلة مع الجزيرة: "لديهم فكرة نمطية متأصلة في العالم الغربي لأجيال وعصور.. بشكل عام، المفهوم هو الأشخاص غير المتحضرين، والشيء الإيجابي الوحيد عنهم هو المال".
اقرأ أيضا: "فيفا" يعلق على ارتداء مشجعي إنجلترا "أزياء صليبية" في قطر
ولفتت الصحيفة إلى أن كل مونديال رافقته انتقادات للبلد المضيف، حيث واجهت جنوب أفريقيا حملة بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة قبل مسابقة عام 2010، كما تعرضت البرازيل لانتقادات بسبب الفساد والجريمة قبل مونديال 2014، فيما نالت روسيا النصيب ذاته بسبب "القمع السياسي ورهاب المثلية ووحشية الشرطة" في نسخة 2018.
وأكدت نيويورك تايمز أن الانتقادات التي يواجهها القطريون والعرب مؤلمة بالنسبة لهم؛ لأنها تضاعف قرونا من الصورة الضارة التي تبناها الأمريكيون والأوروبيون.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن المنظمين القطريين حاولوا استخدام كأس العالم لتعريف الزائرين بثقافتهم، وعلى نطاق أوسع، بالدين الإسلامي، حيث عرضت ترجمات للأحاديث النبوية في جميع أنحاء العاصمة الدوحة.
ويرى المسؤولون القطريون أن
مونديال 2022، هو أول بطولة كأس عالم في منطقة مليئة بعشاق كرة القدم، وفقا للصحيفة.
وقال علي الأنصاري، الملحق الإعلامي القطري في الولايات المتحدة، في بيان مكتوب: "بالنسبة إلى 450 مليون عربي، هذا شيء اعتقدوا أنهم لن يروه أبدا في حياتهم".