هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت مجلة
إيكونوميست، عددا من الحجج التي يسوقوها مهاجمو قطر، التي تستضيف كأس العام 2022،
والتي قالت إنها ستستمر لمدة شهر حتى انتهاء البطولة.
وقال المجلة
في تقرير ترجمته "عربي21"، إن المهاجمين لقطر يدعون أنه "كثيرا ما
يتعرّض العمال المهاجرون فيها لمعاملة سيئة للغاية"، و"الحرية الجنسية
أقل بكثير مما هي عليه في الدول الغربية"، و"قطر ليست ديمقراطية"، مشيرة
إلى أن ذلك ينطبق على روسيا، التي استضافت كأس العالم السابقة، والصين، التي
استضافت الألعاب الأولمبية الأخيرة، في الشتاء الماضي. وفي الواقع، تعد قطر دولة
أكثر ملاءمة لاستضافة مثل هذا الحدث الرياضي الضخم من أي من هذين البلدين.
وتابعت: "في
أحسن الأحوال، فإن الانتقادات الغربية لقرار منح استضافة الألعاب لقطر تفشل في
التمييز بين الأنظمة البغيضة والأنظمة المعيبة فقط. ففي أسوأ الأحوال، تنم
الانتقادات عن تحيز أعمى؛ حيث يبدو أن الكثير من النقاد الساخطين لا يحبون ببساطة
المسلمين أو الأغنياء".
وقالت المجلة
إنه قد لا تكون قطر دولة ديمقراطية، لكنها ليست المستبد البغيض للافتتاحيات؛ فقد
أدخل الأمير السابق، دون أي ضغط شعبي على الإطلاق، نوعًا من الانتخابات، كما أنشأ
قناة الأخبار، "الجزيرة"، التي تعدّ أكثر صراحة من منافسيها العرب، ولو
أنها كانت تتهاون مع قطر.
وهذا بعيد كل البعد عن روسيا تحت حكم فلاديمير بوتين؛
حيث قد يتم إرسالك إلى السجن لوصف ما يحصل في أوكرانيا بأنه حرب، ناهيك عن التنديد
بها، كما أن قطر عالم مختلف عن الصين، التي لا تسمح بأي معارضة سياسية، علمًا أن
المجلس العسكري الأرجنتيني الذي استضاف كأس العالم عام 1978 قام برمي النقاد من
طائرات الهليكوبتر.
وقالت المجلة إن العالم ينظر أيضا إلى
العمال المهاجرين في قطر من خلال عدسة مشوهة، وذلك لسبب واحد، وهو أن الإمارة أكثر
انفتاحًا على العمالة الأجنبية من أمريكا أو أي دولة أوروبية؛ حيث يشكل القطريون
الأصليون 12 بالمئة فقط من السكان، وهي نسبة لن تتسامح معها الدول الأكثر استنارة
على الأغلب.
وعلى الرغم من سوء معاملة هؤلاء المهاجرين في بعض الأحيان، فإن الأجور
التي يكسبونها هي التي تغير حياتهم، ولهذا السبب يرغب الكثيرون في القدوم في
المقام الأول، وعلى الرغم من أن استضافة الألعاب الأولمبية مرتين لم تجعل الصين
أكثر ديمقراطية، فقد ساهمت فرصة تنظيم كأس العالم إلى تحسين قوانين العمل في قطر.
علاوة على ذلك، فإن الادعاء بأن قطر
وكر لرهاب المثلية هو أيضًا ادعاء مضلل، وصحيح أن الجنس المثلي غير قانوني في قطر،
لكن كذلك جميع أنواع الجنس خارج إطار الزواج. ومع ذلك، هناك عدد قليل من الملاحقات
القضائية لمن يخالفون هذه القوانين. تعدّ هذه القوانين المحافظة، التي نادرًا ما
يتم تطبيقها، شائعة في معظم أنحاء العالم النامي، وفي جميع البلدان الإسلامية تقريبًا،
وقطر لا تختلف عنهم.
وهناك أيضا مزاعم بأن قطر استخدمت
الرشوة للحصول على مجد استضافة كأس
العالم. قد يكون هذا صحيحًا، على الرغم من عدم الكشف عن أي دليل واضح على الإطلاق،
ولكن إذا كان ذلك صحيحا بالفعل، فإنه يكشف الكثير عن الفيفا، الهيئة التي تحكم كرة
القدم الدولية، أكثر مما يكشفه عن قطر؛ فستكون هناك دائمًا دول غنية، لذلك يحتاج
العالم إلى سلطات رياضية قادرة على حماية نفسها من التأثير غير المبرر.
ومن أقوى الحجج المستخدمة ضد قطر كمضيف
هي البيئة، إذ إنه مع ارتفاع درجة حرارة العالم، يبدو من الجنون الطيران باللاعبين
والمشجعين والمعلقين إلى قطر للركض في الملاعب الجديدة المكيفة على العشب الذي
تغذيه المياه المحلاة، كما أن ادعاء المضيفين بأن الحدث سيكون خاليًا من انبعاثات
الكربون أمر مشكوك فيه، لكنه -نوعا ما- عيبٌ من عيوب الأحداث الرياضية الكبرى.
ولكن بفضل الهندسة الذكية، لن يكون تبريد الملاعب ملوثًا للبيئة كما قد يتخيل
البعض؛ حيث إن 3.6 ملايين طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تزعم الفيفا أن
البطولة ستسببها لا تمثّل سوى 0.01 بالمئة فقط من الانبعاثات العالمية هذا العام.
وما لم ترغب الفيفا في أن يتم التناوب
على البطولة بين فنلندا والنرويج والسويد، فلا يمكنها دائمًا إقامتها في مكان خالٍ
من اللوم تمامًا. وفي الواقع، تبدو فكرة منح فرصة استضافة كأس العالم إلى بقية
أنحاء العالم مناسبة للغاية؛ فالشرق الأوسط مليء بالمعجبين، لكنه لم يستضف هذا
الحدث من قبل، كما لم يفعل أي بلد مسلم من قبل، وإذا كان من المقرر إقامة بطولة
كأس العالم في مثل هذا المكان، فإن قطر تُعد اختيارًا مناسبًا.