هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عرفت البشرية خلال الحرب العالمية الثانية مآسي عدة، لكن تلك الفترة لم تخل من بعض القصص الإنسانية المشوقة التي لا تزال حية لحد يومنا هذا.
ومن بين تلك القصص، حادثة "شطيرة الخبز" التي جمعت الجندي البريطاني "ريغ باي" بالصبية الفرنسية "هوغيت".
وذكر تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن الجندي "ريغ" احتفظ بصورة الفتاة الفرنسية لقرابة ثمانين عاما.
وأوضح التقرير أن هوغيت تركت صورتها في شاحنة ريغ، تعبيرا عن شكرها له لمشاركته معها شطيرة من المربى، أثناء انتظاره التقدّم في فرنسا مع احتدام الحرب العالمية الثانية، حيث حصل اللقاء صدفة بالقرب من شواطئ النورماندي لكن الذكرى استمرت مدى الحياة.
وأراد البريطاني ريغ، البالغ من العمر 99 عاما، أن يجتمع مرة أخرى بالفرنسية هوغيت، حيث التقيا في موعد عاطفي بعد 78 عاما.
وقال ريغ، بعد رؤيته هوغيت في دار رعاية خاصة بها في شمال فرنسا: "ها هي شطيرة المربى".
وردّت هوغيت، 92 عاما، ضاحكة: "من الجيد رؤيتك مرة أخرى بعد هذا الوقت الطويل. لقد تقدمنا في السن لكننا ما زلنا على حالنا".
وأشارت بي بي سي إلى أن ريغ سافر من غرب ويلز، للتعريف عن نفسه، حيث كان لقاؤهما العابر في صيف عام 1944، عندما كان في العشرين من عمره وكانت هوغيت في الرابعة عشرة من عمرها، واستمر بضع ثوان فقط.
اقرأ أيضا: تلطيخ تمثال بلفور احتجاجا على وعده بإقامة وطن لليهود بفلسطين
تفاصيل اللقاء الأول
هبط الجندي البريطاني على شاطئ سوورد، لمساعدة غزو الحلفاء للبر الرئيسي لأوروبا ضد القوات الألمانية.
وآنذاك كان ريغ يعمل سائق شاحنة عسكرية، حيث قال: "التقينا سيارة نقل يقودها شاب يُدعى جوردي وقدّم لنا علبة من السردين".
وحينها التقى الجندي البريطاني بالمراهقة الفرنسية في تلك القرية المجهولة في منطقة عُرفت أثناء الحرب باسم فاليز غاب.
وأضاف: "كانت هناك أيضا شريحة من الخبز، وبعض المربى الأحمر".
وتابع: "عدنا إلى حيث كنت قد أوقفت شاحنتي، وتشاركت (الطعام) مع الشاب الآخر.. ثم نظرت فوجدت فتاة تقف أمامي. لم أرها قادمة".
وأردف: "كانت ترتدي، لا ينبغي أن أقول ذلك، فستانا أبيض رثا. لم تكن تريد السردين.. كانت تحدق في وجهي وفكرت في ما تحدق به. نظرت إلى الأسفل وكان الخبز. لذلك قدمت لها الخبز".
وأوضح أنه لا يتذكرها وهي تتناول الخبز، لكنه يتذكرها حينما "ركضت عبر ساحة القرية ودخلت الكنيسة" مضيفا: "لم أرها بعد ذلك".
ومضى بالقول إنه في صباح اليوم التالي، كان في عربتي مع كمية الحليب، صورة للفتاة، لافتا إلى أن "هذه هي الصورة التي احتفظت بها في محفظتي طوال ذلك الوقت".
ولم تكن مجرد صورة بالأبيض والأسود لهوغيت خارج الكنيسة الفرنسية التي بقيت قريبة من ريغ طوال هذا الوقت، بل كان الأمل في تعقبها يوما ما.
وأضاف ريغ، من ميناء بيري في كارمارثنشير، "في أحلك الأوقات، ترك هذا الجزء من التفاعل الإنساني أثرا كبيرا في حياتي".
ومرارا، حاول ريغ، الذي توفيت زوجته ميروين عن 72 عاما في عام 2015، تعقب هوغيت بمساعدة ابنه الوحيد، لكنهما فشلا.
وهذه المرة، بمساعدة جمعية تاكسي للمحاربين القدامى، تمكن ريغ مرة أخرى من مشاركة شطيرة المربى مع هوغيت، وهي الآن أم لثلاثة أطفال.
قال ريغ وهو يسلمها الصورة القديمة الباهتة: "أملك هذه منذ 78 عاما".
زواج بعد صداقة
وبالإضافة إلى الخبز والمربى، أحضر ريغ أيضا علبة من السردين، ومثلما حدث في عام 1944، رفضتها هوغيت مرة أخرى بابتسامة.
وقالت هوغيت إنها "متأثرة للغاية" لمحاولة ريغ العثور عليها.
وعلق ريغ مبتسما: "هي لا تزال على قيد الحياة!.. لأنني اعتقدت أنها ماتت الآن، لأنهم مروا بأوقات عصيبة عندما كانوا صغارا".
وأضاف: "لقد كانت رائعة ولائقة للغاية. لقد حظينا بترحيب جيد، أفضل 45 ساعة في حياتنا".
وقالت العجوز الفرنسية إنه "سيتعين علينا الزواج الآن"، حيث وافق ريغ على ذلك، بينما تعهدت هوغيت بأنها ستبقي صديقها الحالي في دار الرعاية، فيما أضاف ريغ: "هذا ما قالوه من خلال المترجم الفوري، إنها ستتزوجك".