هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "نيوزويك" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه، عن ما قد تحمله انتخابات التجديد النصفي الأمريكية من تهديد لمستقبل أوكرانيا وحربها مع روسيا في حال فوز الجمهوريين بالأغلبية، خاصة مع إعراب المزيد من المرشحين الجمهوريين عن وقف دعمهم لتقديم المساعدات لأوكرانيا، مع تفضيلهم تبني سياسة "أمريكا أولًا" التي تدفع باتجاه إيلاء المشاكل الداخلية الاهتمام الأكبر على حساب المشاكل الخارجية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن أعضاء مجلسي النواب والشيوخ دعموا بأغلبية ساحقة حزم مساعدات بقيمة مليارات الدولارات لأوكرانيا في عدة مناسبات هذه السنة.
وفي الوقت نفسه؛ تم التغاضي عن التحويلات الإضافية للتمويل العسكري التي وافقت عليها إدارة الرئيس جو بايدن من جانب واحد؛ حيث دعمت القيادة الجمهورية في الكونغرس إلى حد كبير الاستمرار في مقاومة التوغل الروسي في قلب أوكرانيا.
وفي الشهر الماضي؛ قال زعيم الأقلية في مجلس النواب، كيفين مكارثي، إن أوكرانيا لن تتمتع بحرية كاملة إذا استعاد حزبه الأغلبية.
وعلى الرغم من أن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، كان من أشد المؤيدين لتقديم المساعدات لأوكرانيا إلا أنه كان هناك بعض المعارضين في صفوف أعضائه؛ حيث بدأ الرأي العام يتأرجح ببطء ضد المساعدات الإضافية.
من جانبه؛ نشر السيناتور الجمهوري عن ولاية ميسوري، جوش هاولي، تغريدة على تويتر في 24 أيار/ مايو، بعد وقت قصير من تصويته هو و11 جمهوريًا آخرين ضد حزمة مساعدات بقيمة مليارات الدولارات للبلاد، قال فيها إنه "يجب على الجمهوريين أن يكونوا بمثابة حزب القومية، وليس بناء الدولة".
وفي حين أن استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة "إبسوس" في تشرين الأول/ أكتوبر تظهر أن أغلبية واضحة من البلاد تدعم استمرار المساعدة لأوكرانيا، فإن هذا المستوى من الدعم آخذ في التراجع، مع وجود اتجاه واضح بين الناخبين بأنهم أقل استعدادًا لدعم المرشحين الذين يدعمون تقديم مساعدات إضافية للدفاع عن البلاد. وفي الوقت الراهن؛ يؤيد حوالي 59 بالمئة من الأمريكيين استمرار المساعدة لأوكرانيا، بينما يعارض 41 بالمئة ذلك.
وكانت هذه الإشارات كافية لإثارة قلق القائد العام للقوات المسلحة نفسه، الذي تقول التقارير الإعلامية إنه من المرجح أن يطلب مساعدة إضافية قبل نهاية السنة.
وفي حين اقترح مساعدون لمنافذ إعلامية مثل "بوليتيكو" أنه سيكون قادرًا على إبرام صفقة في الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، قال بايدن للصحفيين إنه "قلق" بشأن إمكانية تقديم مساعدة أمريكية مستقبلية لأوكرانيا إذا فاز الجمهوريون بأغلبية وسيطروا على أي من المجلسين في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، وذلك أثناء الحملة الانتخابية في بيتسبرغ لمرشح مجلس الشيوخ الأمريكي في ولاية بنسلفانيا، جون فيترمان.
وقد ظهرت التناقضات مؤخرًا في جورجيا؛ حيث كانت وجهات نظر الرئيس الديمقراطي، رافاييل وارنوك، حول تدخل الولايات المتحدة في الصراع ضد منافسه الجمهوري، هيرشل ووكر، واضحة تمامًا في نقاش أخير في سافانا.
وكان وارنوك قد صوت لإرسال مساعدات إلى أوكرانيا في مناسبات عديدة، وقد صوّت في السابق لفرض عقوبات على خط أنابيب الغاز الطبيعي نورد ستريم 2 الروسي لردع الأعمال العدائية الروسية تجاه أوكرانيا.
وخلال الحملة الانتخابية؛ شدد على سجله في التراجع عن الجهود التي تبذلها إدارة الرئيس جو بايدن لسحب التمويل لمركز الاستعداد القتالي في سافانا.
اقرأ أيضا: "انتخابات مزورة".. ترامب يشكك بنزاهة "التجديد النصفي"
ومنذ بداية الحرب، فإنه شدد على دعمه لاستمرار المساعدة لأوكرانيا كحصن منيع ضد التوغل الروسي في أوروبا الشرقية.
وقال خلال مناقشة أخيرة: "علينا تقوية حلفائنا وحلف الناتو كما فعلنا سابقًا، والتأكد من أننا نتصدى للعدوان الروسي، فلا شيء يمكن أن يكون أكثر أهمية من ذلك".
لقد كانت قراءة ووكر أكثر صعوبة إلى حد ما، ففي أعقاب بيان صدر في بداية الحرب يلقي فيه باللوم على بايدن على نطاق واسع في انعدام الاحترام العالمي للقوة الأمريكية، فإنه نادرًا ما غامر ووكر بذكر تفاصيل سياسته الخارجية، قائلاً في خطاب ألقاه في شباط/ فبراير إنه يعتقد أن على الولايات المتحدة "تنظيف منزلها أولاً قبل أن تبدأ الحديث عن تنظيف منزل شخص آخر".
ومع ذلك، فقد بدا أن تصريحاته في الأشهر التي تلت ذلك تظهر فهمًا واسعا للوضع الجيوسياسي في أوكرانيا. ورغم أنه قال في مقابلة حديثة مع شبكة "إن بي سي نيوز" إنه لم يوافق على إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا، فقد أكد والكر بشكل غير صحيح أن الناتو لم يفعل ما يكفي لردع العدوان الروسي في المنطقة، على الرغم من تقديم مساعدات عسكرية للتحالف العسكري بقيمة مليارات الدولارات ودورها الحيوي في الصراع. وبالتحديد، فقد أدت المشاركة المباشرة لحلف الناتو إلى تصعيد أكبر للنزاع.
ولا يقدم موقع حملة ووكر على الإنترنت أي ذكر لأوكرانيا وتفاصيل قليلة عن السياسة الخارجية، وعندما سُئل ووكر عن موقفه بشأن تورط الولايات المتحدة في الحرب وما إذا كانت روسيا ستستخدم الأسلحة النووية خلال نقاش أخير في جورجيا، تهرب والكر بشكل أساسي من السؤال، واستخدمه بدلاً من ذلك لشن هجوم على خصمه الديمقراطي.
ويقدم السباق القريب في البلاد، سباق مجلس الشيوخ الأمريكي في ولاية نيفادا بين الجمهوري آدم لاكسالت والديمقراطية الحالية كاثرين كورتيز ماستو، أحد أوضح التناقضات بين شاغل منصب ديمقراطي ومرشح شعبوي محافظ يسعى ليحل محلها.
فبعد وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا في وقت سابق من هذه السنة، أوضح لاكسالت حسن نوايا سياسته الخارجية في خطاب موجز في مؤتمر العمل السياسي للمحافظين، حيث سخر من بايدن لظهوره في موقف ضعيف لبقية العالم.
ومثل أقلية من الجمهوريين في الأشهر التي تلت ذلك، هاجم لاكسالت النائبة كورتيز ماستو لدعمها حزمة مساعدات لأوكرانيا بقيمة 40 مليار دولار صدرت بدعم واسع من الحزبين في أيار/ مايو، واصفا إياه بأنه "اقتراح بغيض بشكل صادم".
وقال المتحدث عن حملة لاكسالت في ذلك الوقت: "لمرة واحدة، يجب على السيناتور ماستو أن ينأى بنفسه عن سياسات واشنطن الفاشلة وأن يركز في الواقع على المشاكل المحلية".
وردًّا على ذلك، قال المتخدث عن الحملة لرينو كولو تي في، إن لاكسالت "انحاز باستمرار إلى فلاديمير بوتين وأعداء أمريكا"، مضيفًا أن لاكسالت "برز باعتباره المرشح الأكثر تأييدًا لبوتين في مجلس الشيوخ في جميع أنحاء البلاد".
لكن لاكسالت ليس وحده، فقد كان جي دي فانس عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية أوهايو ينتقد تقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا في ولاية تضم جالية أوكرانية كبيرة. وفي ولاية أريزونا؛ حافظ الجمهوري بليك ماسترز - وهو منتقد آخر للصفقة - على خط قوي مناهض للتدخل في الشؤون الخارجية.
من جانبه؛ صرح جيمس كارافانو، الخبير البارز في الأمن القومي الأمريكي وتحديات السياسة الخارجية في معهد هيريتيج، لمجلة نيوزويك، إن هذه التصريحات قد لا تشير بالضرورة إلى رغبة الطبقات الجديدة في معارضة مؤسسة السياسة الخارجية للبلاد.
بدلاً من ذلك؛ يمكن أن تكون علامة على وجود دافع بين الجمهوريين لتحسين الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في النزاعات الخارجية، لا سيما أنها تعمل على جعل العالم أكثر أمانًا تحت قيادة الحزب الجمهوري.
وعارضت مؤسسة هيريتيج، التي يعمل بها كارافانو، بشكل صريح في يوم من الأيام حزمة مساعدات بقيمة 40 مليار دولار لأوكرانيا، ووفقًا للبيانات التي جمعها معهد كيل للاقتصاد العالمي؛ ساهمت الولايات المتحدة بأكثر من ربع إجمالي المساعدات العسكرية المقدمة لأوكرانيا هذا العام، في حين تفوقت مساعداتها الإنسانية والمالية على المساعدات المقدمة من قبل الاتحاد الأوروبي، مما ترك البعض يفكر فيما إذا كان ينبغي على الدول الأخرى أن تضاعف مجهوداتها الإنسانية.
وأضافت المجلة أنه في انتخابات بنسلفانيا بين الديمقراطي جون فيترمان وخصمه الجمهوري محمد أوز، فقد أكد المرشح الجمهوري دعمه لتسليح أوكرانيا، وأثناء ظهوره مؤخرًا في حملته الانتخابية في يورك، أكد أن الصين تراقب عن كثب الوضع في أوكرانيا وهي تفكر في غزو تايوان.
لكن يبدو أن مؤيدي تقديم الدعم لأوكرانيا التزموا الصمت فيما مضى بشأن هذه القضية، لكن خلال السباقات الانتخابية فقد باتت تهيمن مثل هذه القضية على السياسة المحلية.
ففي ولاية كارولينا الشمالية؛ صوّت المرشح الجمهوري في مجلس الشيوخ تيد بود لصالح تقديم 40 مليار دولار إضافية من المساعدات الأوكرانية في أيار/ مايو الماضي، لكن وفقًا لمراجعة أجرتها نيوزويك لصفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن أيا من حملته وصفحاته الرسمية على تويتر وفيسبوك لم تذكر أوكرانيا أو بوتين مرة واحدة.
ونوهت المجلة إلى أنه من المحتمل أن ذلك يرجع لعدم اهتمام الناخبين الأمريكيين بالسياسة الخارجية.
وفي هذا السياق، أوضح كريغ لين، وهو أستاذ مساعد زائر في العلوم السياسية في كلية إليزابيث تاون ومسؤول سابق في الشؤون الخارجية بوزارة الخارجية الأمريكية، لمجلة نيوزويك إنه "في حين أن السياسة الخارجية تصبح قضية رئيسية في سباق مجلس الشيوخ في بنسلفانيا، فإنها كانت منسية على الصعيد المحلي".
واختتمت المجلة تقريرها مع تصريحات لين الذي شدد على أن هناك قضايا أخرى تثير اهتمام سكان بنسلفانيا أكثر، مثل الاقتصاد والتضخم والجريمة؛ موضحًا أنه قد يكون من الأفضل استراتيجيًّا بالنسبة للمرشحين المحافظين التركيز على مثل هذه القضايا لأن الديمقراطيين لا يأبهون بمدى أهميتها المحورية في كسب المزيد من الناخبين. وثانيًا، فإنه في فترة التضخم، قد لا يرغب بعض الناخبين في دعم التدخلات الأجنبية الباهظة الثمن".