مقابلات

وزير بحكومة معارضة سوريا: بقاء النظام يمنع تحسن الواقع

هناك ضعف استثمار في مناطق سيطرة المعارضة - الحكومة المؤقتة
هناك ضعف استثمار في مناطق سيطرة المعارضة - الحكومة المؤقتة

أكد وزير الاقتصاد في "الحكومة السورية المؤقتة" (المعارضة) عبد الحكيم المصري، أن بقاء رئيس النظام بشار الأسد على سدة الحكم يمنع أي تحسن للواقع الاقتصادي في سوريا، موضحا أن البلاد تعاني من البطالة وتدني الأجور والفقر.

وحول الواقع الاقتصادي في مناطق المعارضة شمال سوريا، أوضح المصري في مقابلة مع "عربي21"، أن هناك ضعف استثمار في المنطقة، إذ لا يوجد قناعة لدى المستثمرين بتوجيه أعمالهم إلى الداخل، على الرغم من توفر عدد من المناطق الصناعية.

وشدد على أن توفير البيئة الاستثمارية الآمنة والملائمة لرؤوس الأموال تحتاج عملا كبيرا لتأمينها، بينما تعمل وزارة الاقتصاد على توفير بيئة استثمارية مناسبة من خلال نص تشريعات تسهل استيراد وتصدير المواد إلى المناطق الصناعية في شمال غربي سوريا.

وفيما يتعلق بتأثير التعامل بالليرة التركية بدلا عن الليرة السورية، بين المصري أنه على الرغم من التعامل بالليرة التركية إلا أن التعاملات التجارية تتم بالدولار الأمريكي، ما يجعل فرق سعر صرف الليرة ينعكس على الأسعار ونسب التضخم.

وفيما يلي نص المقابلة الكامل:

كيف ترى الواقع الاقتصادي في الشمال السوري؟

توجد معاناة للواقع الاقتصادي في الشمال السوري في ظل وجود أربعة ملايين شخص بينهم أكثر من مليون شخص في المخيمات، وسط أزمة في توفر فرص العمل ووجود نسبة بطالة مرتفعة وانتشار للفقر، إضافة إلى انخفاض الأجور قياسا مع مستوى دخل الفرد.

طبعا بالإضافة إلى ذلك تعاني المنطقة من الجفاف وعدم توفر المياه الجوفية وعدم وجود أقنية ري أو مياه سطحية في معظم المناطق، ما ينعكس على الواقع الزراعي في المنطقة، حيث تعتمد المواسم الزراعية على الأمطار، وهذا السبب الأبرز لعدم وجود إنتاج زراعي جيد خلال السنوات الماضية.

ويجب التأكيد أن البيئة الاستثمارية الآمنة ليست متوفرة بشكل كبير في شمال غربي سوريا، ويتطلب الأمر القيام بعمل كبير من كل الجهات لتأمين بيئة ملائمة للمستثمرين، لكن رأس المال ما يزال جبانا وغير متقبل لفكرة الاستثمار في المنطقة.

ما مهام وزارة الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة؟


وزارة الاقتصاد تعمل على توفير البيئة الاستثمارية من خلال نص تشريعات تسهل استيراد وتصدير المواد للمستثمرين والصناعيين في المنطقة، بهدف تأمين حاجة السوق المحلي، إضافة إلى حماية المنتجات المحلية والمساعدة في إيجاد طرق للتسويق.

وتدعم وزارة الاقتصاد بالحكومة المؤقتة عددا من المخابز في المنطقة، لتأمين مادة الخبز بسعر يناسب دخل العائلات في الشمال السوري، إذ لا يتجاوز سعر الـ600 غرام ليرة تركية واحدة، بينما يباع نفس الوزن في باقي الأفران بأضعاف السعر المدعوم.

ومن مهام الوزارة شراء بعض المواد الاستراتيجية مثل القمح وتسويق المنتجات، والإشراف على إيجاد مؤسسات تأمين وتشجيعها والإشراف عليها.

ما العوائق التي تمنع تحسن الواقع الاقتصادي بمناطق المعارضة؟


العوائق كثيرة، هناك ضعف استثمار، حتى الآن المستثمرون ليس لديهم قناعة للاستثمار في الداخل، نتيجة الأوضاع الأمنية وعدم وجود تسويق لمنتجاتهم وعدم الاعتراف بشهادة المنشأ من قبل معظم الدول العالمية، فضلا عن عدم توفر البنوك التي تعتبر شرطا أساسيا لعمليات البيع والشراء.

تحسن الوضع الاقتصادي مرتبط بالاستثمار بينما يعاني المستثمرون من صعوبة تصريف المنتجات، وعند وجود الاستثمار يمكن الحد من ظاهرة البطالة من خلال توفير فرص العمل ما ينعكس بشكل إيجابي على اقتصاد المنطقة.

كيف أثر التعامل بالليرة التركية على اقتصاد الشمال السوري؟


كان التعامل بالليرة السورية وبدأت تشهد انخفاضا حادا وأصبح سعر الصرف غير مستقر ومتقلبا بشكل كبير وهي الآن تتجاوز 5200 ليرة للدولار الواحد، واليوم تتعامل المنطقة بالليرة التركية التي تعاني أيضا من سعر الصرف أمام الدولار.

حتى الآن التعاملات في المنطقة تقاس على سعر صرف الدولار سواء بالليرة السورية أو التركية، وفرق سعر الصرف انعكس على الأسعار ما أدى إلى ارتفاعها لأن المعاملات التجارية مرتبطة بالدولار.

المشكلة الأساسية في قضية التعامل بالليرة التركية تتمثل بأزمة الأجور لأن العامل الذي كان يحصل على راتب بالليرة التركية لم يرتفع أجره بنفس نسبة انخفاض سعر الليرة التركية أمام الدولار بينما الأسعار كانت مرتبطة بالدولار وشهدت ارتفاعا كبيرا.

لو أن التعامل ما يزال في الليرة السورية لازدادت المعاناة أكثر، لأن المواطن سيخسر الكثير من قيمة الأجور عند إجراء التحويلات إلى الليرة التركية أو الدولار من أجل عمليات الشراء والأجور وغيرها.

ويجب أن لا ننسى أن مشكلة ارتفاع الأسعار عالمية وليست في الشمال السوري فقط، في تركيا التضخم تجاوز 65 بالمئة ومن المتوقع أن يصل لأرقام أعلى، بينما نشهد حاليا نسب تضخم في أوروبا والولايات المتحدة لم نرها منذ 40 عاما بعدما تجاوزت 14 في المئة، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة وتكاليف الشحن والحرب الروسية الأوكرانية.

ما الذي يحتاجه الشمال السوري للنهوض بالواقع الاقتصادي؟


ما يحتاجه الشمال السوري يتعلق بتحسين أسلوب الإدارة والاستثمار، لأن الاعتماد على المنظمات الإنسانية يزيد من تدهور الأوضاع، بينما يزيد الاستثمار من فرص العمل ويرفع الأجور وصولا إلى تحسن المستوى الاقتصادي.

يوجد في المنطقة مجال للمنافسة حيث يستطيع أي تاجر استيراد المواد التي يرغب العمل بها، ما يتيح المنافسة في المنطقة ويساهم في خفض التضخم، كما أن الحكومة المؤقتة تعمل على تأهيل البنى التحتية بالمناطق الصناعية في اعزاز ومارع وصوران والباب والراعي، عبر فرش الطرقات بالأسفلت وتأمين المياه والكهرباء للمعامل والورشات.

ويتم بيع الأرض للمستثمر بسعر منخفض جدا يقدر بـ 20 – 30 دولارا فقط، لتسهيل استقطاب المستثمرين، وزيادة الطاقة الإنتاجية في شمال غربي سوريا، على الرغم من أن التصنيع المحلي يكفي حاجة المنطقة.

وتضم المناطق الصناعية معامل أسمنت ومعامل أسفلت وألبسة ومسامير وأحذية وتصنيع أنابيب صرف صحي وغيرها.

ما أسباب انهيار العملة السورية وكيف ترى مستقبلها؟


من خلال مراجعة الموازنات العامة نجد أن العجز تجاوز 20 تريليون ليرة سورية، بينما تجاوزت الديون الداخلية 4 تريليونات ليرة.

الديون الخارجية لا يتم الكشف عنها، ولكن يرجح أنها تتجاوز 200 مليار دولار، في حين تقدر تكلفة إعادة الإعمار بنحو 600 مليار دولار.

قيمة الناتج المحلي قبل عام 2011 كانت تقدر بنحو 60 مليار دولار كل سنة بينما لا تتجاوز الآن 18 مليار دولار، لأن المناطق المنتجة في سوريا تقع خارج سيطرة النظام السوري وخاصة فيما يتعلق بالإنتاج النفطي والزراعي.

الناتج المحلي الموجود عند النظام هو عبارة عن قيمة الخدمات ويغطي أجور العاملين في مؤسسات النظام، والآن يتم تغطية العجز بالموازنة العامة في حكومة الأسد بإصدار نقد بدون وجود إنتاج وبالاقتراض، ما يؤدي إلى التضخم بشكل كبير.

كيف يتم تغطية عجز الموازنة؟

 

الاقتراض لتغطية عجز الموازنة يتم بأذونات الخزينة أو ودائع قصيرة الأجل، عادة أذونات الخزينة عمرها أقل من سنة تستخدم لتغطية تمويل أو تمويل عجز الموازنة ونفس الأمر للودائع.

النظام خلال العام الحالي قام بتغطية العجز عبر سندات الخزينة التي تعتبر قروضا طويلة الأجل لتمويل عجز الموازنة قصير الأجل، وبدل أن يعمل النظام على التنمية المستدامة والمحافظة على الأجيال القادمة، هو يورث الأجيال حتى عام 2040 ديون الدولة.

ما مستقبل الليرة السورية؟


الليرة السورية لا مستقبل لها، والمعاناة في مناطق سيطرة النظام تتفاقم، في ظل الظروف الداخلية لحلفائه روسيا وإيران ما انعكس سلبا على موارد رئيسية كانت تعتمد عليها حكومة الأسد.

ما يفعله النظام من الحجز الاحتياطي على التجار ورجال الأعمال المقربين منه كما حصل مع رامي مخلوف خلق تخوفات لدى رؤوس الأموال السورية التي بدأت بنقل أموالها إلى الخارج.

ما دام بشار الأسد موجودا فإن الاقتصاد السوري سيبقى بحالة انهيار، وحتى إن شهد الاقتصاد السوري أي تحسن فإنه سيكون مؤقتا ولا يمكن العودة إلى واقع الاقتصاد السوري قبل عام 2011 في ظل وجود النظام.

التعليقات (0)