هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر خبراء ومحللون من خضوع مصر للوصاية الدولية، بعد أن تضمن الاتفاق الموقع مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة تمويل جديدة، شرطا غير مسبوق.
وقال الصندوق في بيان له: "سيلعب شركاء مصر الدوليون والإقليميون دورا حاسما في تسهيل تنفيذ سياسات السلطات وإصلاحاتها"، دون أن يوضح من هم وما هو دورهم، إلا أن محللين اعتبروا ذلك تدخلا في شؤون البلاد، ووصاية عليها.
ويمهد الاتفاق إلى حصول القاهرة على تمويل إضافي يبلغ حوالي 5 مليارات دولار من الشركاء متعددي الأطراف والإقليميين، بما سيساعد على تعزيز الوضع الخارجي للبلاد.
وحصلت مصر على الحد الأدنى من القرض الذي كانت تطمح إليه، بعد مفاوضات صعبة وشاقة مع صندوق النقد الدولي استمرت أكثر من ستة أشهر لتوفير تمويل جديد لها، للمرة الرابعة منذ عام 2016.
اقرأ أيضا: رجل أعمال مصري: التخطيط لاقتصاد مصر لعام 2030 مستحيل
وأعلن صندوق النقد الدولي، الخميس، التوصل لاتفاق تمويل على مستوى الخبراء، مع مصر قيمته 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا، تزامنا مع خفض قيمة العملة المحلية بنسبة 15% لتهبط إلى أدنى مستوى لها في التاريخ عند 23.10 جنيها.
وأوضح الصندوق أن مصر قد تحصل كذلك على مليار دولار إضافية من خلال صندوق الاستدامة وهي آلية جديدة اعتمدها الصندوق لمساعدة الدول النامية، ليصبح إجمالي المبلغ 9 مليارات دولار.
— Nayel Shafei (@nayelshafei) October 28, 2022
— مزيد - Mazid (@MazidNews) October 28, 2022
على حافة الإفلاس
ويعد الاتفاق الجديد، رغم تواضع حجم القرض، بمثابة طوق نجاة للاقتصاد المصري، حيث تعتبر مصر، واحدة من خمس دول في العالم مهددة بعدم القدرة على سداد أقساط ديونها الخارجية البالغة أكثر من 155 مليارا، وفق وكالة موديز.
وكانت الحكومة المصرية تأمل في الحصول على قرض يتراوح بين 15 و20 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية في ميزان المدفوعات وسداد مديونيات خارجية، وسد العجز في المعاملات الجارية والتي تقدر بنحو 40 مليار دولار.
ومع استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تهدد استقرار أكبر بلد عربي (104 ملايين نسمة) هبط الجنيه المصري من مستوى نحو 8 جنيهات قبل التعويم عام 2016 إلى 23.10 جنيها الخميس الماضي بعد قرار البنك المركزي المصري اعتماد صرف مرن للجنيه.
— Passerby (@samanello) October 28, 2022
احتلال اقتصادي
في تفسيره للفقرة الخاصة بأن شركاء مصر الدوليين والإقليميين سيلعبون دورًا حاسمًا في تسهيل تنفيذ سياسات السلطات وإصلاحاتها، قال استشاري تمويل وتطوير المشروعات والأوقاف الاستثمارية، الدكتور علاء السيد: "هذا معناه أشبه ما يكون بتأسيس صندوق لديون مصر تشرف عليه الدول والمؤسسات التي أقرضت مصر التي تعد ثاني أكبر دولة مقترضة في العالم من الصندوق".
وأوضح لـ"عربي21": "هذا معناه تحكم هذه الدول التي أقرضت مصر بطريقة مباشرة وغير مباشرة والسماح بتدخلها في السياسات والإجراءات الحكومية والمالية وفرض وصاية على إدارة المشهد، وهذا سيذهب بنا إلى حصول تلك الدول والمؤسسات على أصول بدلا من النقود إذا لم تستطع مصر سداد تلك القروض، ولا تملك الحكومة المصرية أي رؤية واضحة لإصلاح هيكل الاقتصاد المصري وتحويله إلى اقتصاد إنتاجي".
اقرأ أيضا: هل يدفع "تعويم الجنيه" عموم المصريين للنزول في "11/11"؟
وحذر السيد من "استمرار انهيار العملة المحلية التي لن تقف عند رقم معين وسيضغط ذلك على قدرة مصر على السداد وعلى استمرار توسع التدخل الدولي والإقليمي في شؤون مصر، وهو بمثابة تسليم الملف الاقتصادي للدائنين، وهذا معناه احتلال اقتصادي وضياع أصول مصر ومواردها وتسليمها للدائنين وبالطبع لن يتحدث أحد عن هذا الشرط، وسنشهد خلال الأيام القليلة المقبلة تنازل مصر عن العديد من الأصول المملوكة للدولة بدعوى الاستثمار وتقييمها بأقل من قيمتها".
حجم قروض مصر
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، أقرض صندوق النقد الدولي مصر 12 مليار دولار على 3 سنوات لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وفي أعقاب موافقة الصندوق، قدم البنك الدولي وبنك التنمية الأفريقي ومؤسسة التمويل الدولية حينها تمويلات وصلت إلى 6.5 مليارات دولار لذات الغرض.
إلا أن مصر اعتادت القروض ولجأت للصندوق للمرة الثانية عام 2020 مع بداية أزمة كورونا بقيمة 2.8 مليار دولار، وللمرة الثالثة عام 2021 بقيمة 5.2 مليارات لمواجهة تداعيات جائحة "كورونا".
— عبدالله ضيف (@111111_abdallah) October 28, 2022
— SaYed ShaHiN (@Sayedshahin82) October 28, 2022
وصاية إقليمية ودولية
بدوره، قال المحلل السياسي والاقتصادي، محمد السيد، إن "الاتفاق الأخير مع صندوق النقد ستحصل مصر بموجبه على 3 مليارات دولار بعد فرض شروط مجحفة وضارة بالاقتصاد والمواطن المصري، وهذا ما جعل البعض في حالة غضب واستحضار ما حدث في عهد الخديوي إسماعيل؛ لأن مصر أصبحت تحت الوصاية الإقليمية والدولية شئنا أم أبينا فالدائنون كثر وعلى رأسهم دول الخليج".
وأضاف لـ"عربي21": "هذا يعني أن السياسات المالية لم تعد بيد الحكومة والإنفاق سيكون بحساب وستكون الأولوية لسداد الديون وفوائدها؛ بمعنى أوضح أن الإيرادات بالكامل لن تكون تحت تصرف وزارة المالية، وهذا يشكل فقدا للسيادة ويصبح الشعب تحت رحمة الوصاة، وهذا ما لم يكن يتوقعه أحد، لكن سوء الإدارة والتوسع في الاقتراض وعمل مشاريع لا عائد منها أوصلنا إلى هذه النتيجة الكارثية والمواطن هو المتضرر الأول وسينعكس كل هذا على الأوضاع الداخلية وفي كافة المجالات".
واستدرك السيد: "في المرات السابقة التي حصلت مصر فيها على أول قرض من صندوق النقد مع شروط التعويم التي حدثت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 كان للحكومة حرية التصرف في القرض، لكن الآن انتهى هذا الأمر بعدما علموا أن سوء إدارة الأموال صارت آفة وسياسة خاطئة لدى النظام واعتياده الحصول على قروض دون أن يكون هناك مراقبة أو محاسبة لتلك السياسات غير الرشيدة".