هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بدأت الحكومة المصرية، الأربعاء، في توفير دقيق القمح للمخابز الحرة (الخاصة) بسعر 10 آلاف جنيه للطن، في إجراء نادر، بعد أن قفز سعر طن الدقيق إلى أكثر من 15 ألف جنيه في الأسواق، (الدولار يساوي 19.73 جنيها).
وأصدرت وزارة التموين والتجارة الداخلية قرارا يقضي بتسليم الدقيق للمخابز المرخصة لإنتاج الخبز السياحي والأفرنجي (غير المدعم)، بعد أن شهدت أسعار الخبز ارتفاعا كبيرا، ولجأ أصحاب المخابز إلى خفض وزن رغيف الخبز وتقليل عدده.
وذكرت وزارة التموين - في بيان - أن القرار نص على أن يكون ذلك لمدة شهر واحد، بدءا من السبت الماضي 15 تشرين الأول/أكتوبر، حيث تأمل الحكومة في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي وتوفير حزمة من الدعم المالي تسمح بإدخال آلاف أطنان القمح المتراكمة بالموانئ.
واشترط القرار الحكومي التزام المخابز التي ستحصل على الدقيق من المطاحن المرخصة، وأن يكون الخبز السياحي الحر زنة 75 جراما بسعر 100 قرش والفينو زنة 40 جراما بسعر 75 قرشا، والفينو زنة 60 جراما بسعر 100 قرش.
وأكد القرار ضرورة قيام المخابز السياحية والإفرنجية المرخصة المشتركة في هذه المنظومة بالإعلان في مكان واضح على باب المخبز عن أسعار وأوزان رغيف الخبز الحر المنتج، منوها بأنه سيعاقب كل من حصل على دقيق لإنتاج الخبز السياحي أو الإفرنجي من الوزارة ولم يلتزم بالأسعار أو الأوزان المقررة بدفع غرامة تصل إلى 10 آلاف جنيه.
اقرأ أيضا: إلغاء دعم الخبز العيني بمصر.. لماذا تعيد الحكومة طرح القضية؟
من المستفيد من القرار؟
رحب بعض أصحاب المخابز بالقرار لكن البعض الآخر أكدوا أن هناك جزءا كبيرا من المخابز لن يستفيدوا منه لعدم حصولهم على تراخيص حيث تنتشر الأفران والمخابز في غالبية الشوارع والأحياء على مستوى الجمهورية وتعمل بدون رخصة.
وقال أحد أصحاب تلك المخابز لـ"عربي21": "هناك الكثير من المخابز لم تحصل على رخصة لأسباب تتعلق بشروط الترخيص؛ وبالتالي لن يحصلوا على الدقيق من المطاحن المتعاقدة مع وزارة التموين بالسعر المعلن، لكنه في نهاية المطاف إجراء مؤقت لمدة شهر في ظل نقص الدقيق وتراجع إنتاج الكثير من المخابز والأفران".
وأضاف أن "سعر طن الدقيق العام الماضي كان نحو 7 آلاف جنيه فقط وكان مرتفعا مقارنة بالعام الذي سبقه، واليوم تجاوز سعر طن الدقيق للمخابز والمصانع 15 ألف جنيه؛ بسبب نقص المعروض وعدم توفر الدقيق الحر لدى المطاحن الخاصة، وأي زيادة يتحملها المستهلك".
فيما رحب رئيس الشعبة العامة للمخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية، عبد الله غراب، بتلك الخطوة، ووصف القرار "بالجيد"، مضيفا في تصريحات صحفية: "سعر طن الدقيق المحلي وصل إلى 14 ألف جنيه وتوفيره بـ 10 آلاف جنيه سوف يساعد على توفير الخبز بحجم وسعر معقولين".
حلول مؤقتة
في سياق تعليقه، يقول مستشار وزير التموين المصري سابقا، إسماعيل تركي، إن "الحكومة المصرية وفرت مخزونا للخبز المدعوم وأجبرت الفلاحين على توريده بسعر 5400 لطن القمح، والتجار كان ممنوعا عليهم الشراء فقاموا بالاستيراد من الخارج ونظرا لارتفاع الأسعار عالميا وعدم وجود دولار حصل عجز كبير في الدقيق الحر وارتفع سعره ما بين 13 و14 ألف جنيه للطن وبناء على ذلك ارتفع سعر الفينو والخبز السياحي وأصبح هناك شح في المعروض".
اقرأ أيضا: WSJ: ارتفاع أسعار الخبز بمصر يثير مخاوف من اضطرابات سياسية
وأكد في حديثه لـ"عربي21": "هذا الإجراء جاء على حساب الفلاحين، وقامت ببيع القمح للمطاحن بسعر 8700 جنيه للطن والذي سبق واشترته من الفلاح بالإجبار والقهر من شهرين بـ 5400 جنيه وعرضت على المخابز ومصانع المكرونة شراء الدقيق بسعر 10 آلاف جنيه للطن بشرط بيع الفينو وزن 45 بـ75 قرشا و60 جراما بجنيه واحد وبيع الرغيف السياحي وزن 75 جراما بسعر جنيه، وأن تبيع مصانع المعكرونة إنتاجها للشركة القابضة للصناعات الغذائية بسعر 12 جنيها للكيلو لتوزيعها على بطاقات التموين".
واستبعد تركي أن يتم الالتزام بهذا القرار من قبل الطرفين، "هذا حل مؤقت لمدة شهر وقد سبق وحددت الحكومة في بداية أبريل الماضي في قرار لوزير التموين التزمت فيه الحكومة بتسليم الدقيق للمخابز بسعر 8700 جنيه للطن وحددت بناء عليه سعر الخبز السياحي والفينو وكان القرار لمدة 3 أشهر ولم توف الحكومة بهذا الالتزام ولم تلتزم الأفران بالتسعيرة".
استغلال الأزمة لصالح الحكومة
من جهته، قال الصحفي والإعلامي المتخصص في الشأن الزراعي المصري، جلال جادو، "للأسف النظام في مصر يستغل أزمة الدولار ويتاجر في القمح لأنه ببساطة اشترى القمح من الفلاحين خلال الموسم الذي انتهى في 31 أغسطس الماضي بسعر متدن جدا، وهناك شح في المعروض ومخاوف من توقف عمل بعض المخابز".
وأوضح لـ"عربي21": "كان سعر توريد أردب القمح المحلي من 865 إلى 885 جنيها حسب درجة النظافة أي الطن بحوالي 5.750 جنيها في حين هي تبيع القمح الآن للقطاع الخاص بعد عجزه عن إدخال ما تم استيراده من الموانئ بـ 10 آلاف للطن أي ضعف الثمن تقريبا وهذه عملية سرقة علنية للفلاح المصري الذي لولا ما أنتجه من قمح هذا العام لأصابت مصر المجاعة".
وأضاف جادو، كان ينبغي للوزارة ألا تتربح من الأزمة التي تمر بها مصر وتبيع القمح بسعر شرائه من الفلاحين لأفران القطاع الخاص حتى يخفضوا سعر منتجاتهم للمستهلكين خاصة بعد أن قاموا بخفض الأوزان وتقليل عدد الأرغفة بسبب ارتفاع أسعار الدقيق.
ولفت إلى أن "هذا الإجراء الحكومي يثير نقطة مهمة جدا، وتساؤلا يحتاج الفلاح المصري لإجابة عليه هل تعيد الحكومة النظر في تسعير القمح في الموسم المقبل بعد وصول سعر القمح لهذا المستوى أم يتكرر ما جرى هذا الموسم، وتستغله الحكومة؟".