هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وتابع الشريف: "التجديد الذي نسعى إليه، يبدأ بمراجعة كل محاولات النهوض الإسلامي منذ سقوط الخلافة العثمانية، ولا ينتهي عند تقييم الأداء الإسلامي والحضور الشعبي منذ الربيع العربي وحتى اليوم؛ فهي المحطة الأخيرة ضمن سياق طويل يسعى لتحرير المنطقة من قبضة الاستبداد والتبعية المهينة".
طرح الحلول
وأردف: "لا يقف التجديد عند المراجعة والتقويم، بل يشتبك مع الأهم من ذلك، وهو طرح الحلول والمعالجات اللازمة لمواجهة الإشكاليات والمعضلات التي ظهرت على مدى المسيرة، وتسبّبت في تعويقها ومحاصرة فاعليتها أحيانا، وفي إجهاض بعض مراحلها أحيانا أخرى".
واستطرد الشريف، قائلا: "لهذا، فإن التجديد الذي سنتعامل معه لن يقف عند التجديد السياسي، بل سيمتد ليشمل في الفاعليات القادمة إن شاء الله، التجديد الفكري والاستراتيجي والفقهي والدعوي والشبابي والمؤسسي والاقتصادي والحقوقي والخيري والإعلامي والجماهيري والتقني والبيئي".
وزاد: "ليس هناك شك أن حركات التغيير أو الإصلاح الحيّة، لا بد وأن تمتلك فضيلة النقد الذاتي الدوري ونظرية للمراجعة المستديمة، وذلك حتى تحتفظ بامتلاكها لناصيتها أولا، ثم تمتلك القدرة على تجديد ذاتها وتنمية قدراتها ثانيا، حتى تصبح أقرب لتحقيق أهدافها والوفاء لجمهورها ثالثا".
وواصل حديثه بالقول: "كما أن التغيرات الكبرى داخل ساحات المجتمعات والتطورات المذهلة على الساحات الدولية، توجب تجديدا وتطويرا يضمن لحركات التغيير أو الإصلاح أن تبقى على قيد الحياة، فضلا عن امتلاك قدرتها على التأثير اللازم والمتناسب مع أهدافها وتطلعاتها الكبرى، ومن هذا المنطلق فإن المراجعات الإسلامية ضرورة وواجب، كما أن التجديد والتطوير لازم وحتمي".
مراجعات شاملة
بدوره، ذكر الباحث السوري، عباس شريفة، أنه "بعد عقد على مرور الربيع العربي، باتت الجماعات الإسلامية بحاجة لحسبة استراتيجية ومراجعات شاملة في نقد الذات، والتجربة السياسية التي مرت بها في الفترة الماضية".
وأضاف، في كلمته: "لم يقرأ الإسلاميون المزاج الدولي، ولم يدركوا معادلة اللعب بورقة الإسلاميين بين الأنظمة العربية والغرب. ولم تكن آلية اتخاذ القرار المصيرية وفق الشورى، وإنما غلبت الطريقة البطريركية الأبوية".
ولفت إلى أن "أحد أهم إشكاليات الممارسة السياسية والفكر السياسي هو التصور الطوباوي عند الإسلاميين للدولة المتخيلة وفق النموذج الراشدي، بالإضافة إلى جعل فكرة الحكم والدولة الإسلامية قضية مركزية في برنامجها وخطابها، مع إهمال للقواعد التربوية والاجتماعية التي تُشكّل العضدات الأساسية في حمل أي مشروع سياسي".
"هوس السلطة"
ورأى شريفة، أن الأهداف والأولويات السياسية التي يجب تعظيمها، تتمثل في وجوب "الانتقال من هوس السلطة إلى هوس بناء القوة بكل أبعادها، والدخول في مرحلة كمون استراتيجي لا بالمعنى الانسحابي والثبات في عالم الأحلام، وإنما كمون يتبعه عمل في تنمية الخمائر ورعاية الموارد البشرية، وفق فكر جديد في فهم العالم وإدارة الصراع".
وشدّد على ضرورة "الحذر من الدور الوظيفي الذي يقوم به الإسلاميون بخدمة العسكر في كل مرة يثور به الشعب ليعود إلى السلطة على ظهر الإسلاميين"، داعيا لـ "عدم الإصرار على المواقف الأخلاقية في الأحداث الدولية، وعدم مخاطبة العالم بلغة سياسية تعود علينا بخسارة قواعدنا الشعبية".
وأوضح شريفة، أن "الحكم لا يكفي فيه المشروعية الشعبية والنجاح في صناديق الاقتراع، لكنه يحتاج إلى الكفاءات والتحالفات السياسية الصلبة"، مُستشهدا بمقولة رئيس حركة النهضة التونسية، الشيخ راشد الغنوشي؛ إن "الإسلاميين أكثرية عددية، لكنهم أقلية نوعية".
وشدّد الباحث السوري على أن "المراجعات الفكرية باتت ضرورة ملحة، خصوصا في الجدليات الكبرى كعلاقة الدين بالسياسة، والموقف من الديمقراطية، وعما إذا كانت التنظيمات وسائل أم غايات، فضلا عن الخطاب السياسي الجديد".
ونوّه إلى أن "خطاب الجماعات الإسلامية مع الحلفاء، خطاب يتسم بالسذاجة والحب من طرف واحد، وعدم إدراك تحول المصالح لدى الحلفاء والبحث عن البدائل لدرجة أننا نضع البيض كله في سلة واحدة، وهذا واضح في تحول العلاقات التركية مع الجماعات الإسلامية"، وفق قوله.
علاقة الإسلاميين بالدولة
وتحدث الباحث المصري، عمار فايد، عن علاقة الإسلاميين بالدولة، مشيرا إلى أن تجربة ما بعد الربيع العربي وضعت الإسلاميين في مأزق كبير، خاصة أنهم اصطدموا بقوة الدولة بعد تجلي وجودهم المجتمعي كقوى سياسية فاعلة في المشهد، الأمر الذي أدى لقمعهم والتنكيل بهم لاحقا.
ولفت إلى أنه "لأول مرة نشهد قدرة غير مسبوقة لدى الدولة والأنظمة الحاكمة على التحكم في المجتمعات، في ظل توافر العديد من الأدوات المتاحة لهم في الوقت الراهن، وهو ما لم يكن موجودا لأي حاكم في التاريخ العربي والإسلامي".
وأوضح فايد أن "التحدي الرئيسي بخصوص قضية ممارسة الإسلاميين للسياسية، هو كيفية تعاملهم مع الدولة وقدرتها على التحكم في المجتمع نفسه، وتشكيل الثقافة العامة، وهذا التحدي يحتاج لنقاشات أطول ومُعمّقة، من أجل مواصلة مشروعهم لإصلاح المجتمع دون الاصطدام بالدولة".
كما دعا الباحث المصري، سمير العركي، إلى "إعادة تعريف الحركة الإسلامية من جديد بأنها تيار داخل المجتمع والأمة، حتى لا تبقى تنظيما مُغلقا كما كانت في السابق"، مشدّدا على أهمية تطوير أداء الحركة الإسلامية.
ونوّه العركي إلى أن "هناك فرقا واضحا بين الجماعة المُغلقة التي تقوم على السمع والطاعة، والتي لها بنية داخلية ونظام داخلي مُغلق لا يعرفه كثيرون من المجتمع، وبين أن تتحول إلى تيار كالذي عرفناه في عصور الإصلاح السابقة".
وحذّر العركي من خطورة ما وصفه بانعزال الإسلاميين عن المجتمع، قائلا: "هذه آفة خطيرة؛ فلا يصح أن يعيش الإسلاميون في جيتو منغلق أو تنظيم سري بعيدا عن المجتمع"، مؤكدا أن "الأمة البديلة التي أنشأها الإسلاميون بعد الربيع العربي، فشلت في أن تحكم الأمة الحقيقية، وأن تحكم الشارع العربي والإسلامي".