نشرت مجلة "
تايم" الأمريكية مقال رأي
للكاتبة أنجيلا هوبت تحدثت فيه عن مزايا قطع الاتصال بالإنترنت والتخلي عن استخدام
الهواتف الذكية.
وقالت الكاتبة، في مقالها الذي ترجمته
"عربي21"، إن الأبحاث تكشف أن الإفراط في استخدام
الهاتف الذكي مرتبط
بمجموعة واسعة من مشاكل الصحة الجسدية والنفسية مثل التعب والاكتئاب والقلق. تشتت
الهواتف الانتباه وتعرّض حياتنا للخطر عند القيادة، إلى جانب التنمر عبر الإنترنت،
وذلك بحسب آدم ألتر، أستاذ التسويق في كلية ستيرن للأعمال بجامعة نيويورك.
وأضاف ألتر: "أعتقد أن قطع الاتصال مهم
للجميع وخاصة الأطفال الذين يطورون مهارات وعلاقات اجتماعية أقوى عندما لا يكونون
خلف الشاشات. كما أنه مهم للبالغين، الذين من المرجح أن يتواصلوا مع الآخرين بشكل أفضل
بدلاً من التصاقهم بهواتفهم". وفي ما يأتي، إليك ما يجب معرفته عن أعراض إدمان
الهواتف الذكية وآثاره الصحية والطرق الأكثر فاعلية للتخلص من هذه العادة..
أعراض إدمان الهاتف
ذكرت الكاتبة أن استخدام هواتفنا على مدار
الساعة وطوال أيام الأسبوع لا يعتبر من أعراض الإدمان بحسب الدليل التشخيصي
والإحصائي للاضطرابات النفسية. بدلاً من ذلك، يستخدم العديد من الخبراء في هذا
المجال مصطلح "استخدام الهاتف الذكي المثير للمشاكل".
ووفقا لجاي أولسون المتخصص في علم النفس بجامعة
ماكغيل: "نعني بكلمة "المثير للمشاكل" أن استخدام هاتفك الذكي يؤثر
على مجالات مختلفة من حياتك مثل قدرتك على التركيز. وقد تشعر أنك غير اجتماعي عند
استخدام هاتفك. ومن المحتمل أن تنام لساعات أقل لأنك تسهر لوقت متأخر متصفحا
هاتفك".
يعتمد بحث أولسون على مقياس إدمان الهواتف
الذكية، الذي تم تطويره في كوريا الجنوبية منذ حوالي عقد من الزمان ويستخدم الآن
على مستوى العالم، والذي يقوم على أسئلة مثل "هل تتعثر خطة عملك بسبب استخدام
الهاتف الذكي؟ وهل تشعر بالقلق عندما لا تكون ممسكًا بهاتفك؟ وهل تتحقق من هاتفك
باستمرار حتى لا يفوتك ما يحدث على
التطبيقات الاجتماعية مثل تويتر أو إنستغرام؟
هل يخبرك الناس أنك تستخدم هاتفك الذكي كثيرًا؟ وهل أنت مدرك لمقدار الوقت الذي
تقضيه عند استخدام الهاتف؟".
نقلت الكاتبة عن الدكتورة آنا ليمبك، أستاذة
الطب النفسي والعلوم السلوكية في جامعة ستانفورد، أن استخدام الهاتف الذكي الذي
ينطوي على مشاكل ربما يؤثر على معظم البالغين في الولايات المتحدة، وهو "يؤثر
تقريبًا على أي شخص لديه جهاز في هذا العصر لأن المحتوى الرقمي جذاب للغاية ونتمتع
بوصول سهل إليه".
كيف يؤثر إدمان الهاتف على الصحة الجسدية
والنفسية؟
حسب الدكتور جيسون ناجاتا، الأستاذ المساعد في
طب الأطفال في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، فإن "الهواتف ليست بطبيعتها
جيدة أو سيئة. توفر أجهزتنا الكثير من الوظائف المهمة مثل التواصل والاتصال التي يمكن أن تفيد صحتنا.
لكن عدم القدرة على الانفصال عن شاشتك قد يكون له آثار ضارة".
وقد وجد الباحثون أن استخدام الهاتف الذكي
المثير للمشاكل يؤثر على وقت النوم، فضلاً عن انخفاض جودته. وقال ناجاتا إنه
"يمكن للضوء الأزرق أن يثبط إنتاج هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم.
ومن المؤكد أن تؤدي إشعارات أو رنين الهاتف طوال الليل إلى قطع نومك".
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي إدمان الهواتف
الذكية إلى تضييع الكثير من الوقت وفقدان التركيز، مما يؤدي إلى تقليل الوقت الذي
تقضيه في ممارسة الأنشطة الصحية. في سنة 2021، قضى البالغون حول العالم ما معدله
4.8 ساعة يوميًا على هواتفهم، وذلك وفقًا لشركة مراقبة التطبيقات "أب
آني". وحذر ناجاتا من أنه "إذا كان الأشخاص يقضون وقتًا طويلاً على
هواتفهم، فإن ذلك يمنعهم من ممارسة أنشطة مهمة أخرى، مثل الرياضة والتواصل بشكل مباشر مع الأشخاص".
وتشير الأبحاث إلى أن استخدام الهواتف الذكية
يمكن أن يكون مضرا لاسيما للمراهقين والأطفال. وقد توصلت دراسة أجريت سنة 2021
شارك في تأليفها ناجاتا أن وقت الشاشة مرتبط باضطراب الشراهة عند الأكل بالنسبة
للأطفال بين سن 9 و10 سنوات. وقد نبّه إلى أنه "يمكن للمراهقين الإفراط في تناول
الطعام حتى في حالة عدم الجوع عندما يتشتت انتباههم أمام الهواتف والشاشات، مما
يؤدي إلى زيادة وزنهم".
ووفقًا لمراجعة نُشرت في سنة 2022، فإنه يمكن أن
يؤدي الإفراط في استخدام الهاتف الذكي - الذي اشتد خلال فترة الجائحة - إلى تفاقم
القلق والتوتر والاكتئاب. وخلصت دراسة حديثة أخرى إلى أن استخدام الهاتف الذكي
المثير للمشاكل يرتبط بالتفكير الانتحاري وحتى محاولات الانتحار.
كيف يمكنك قطع الاتصال بهاتفك؟
ذكرت الكاتبة أن إجراء بعض التغييرات الصغيرة
يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا. ويوصي الخبراء بهذه الاستراتيجيات المدعومة بالأبحاث:
تجميع الإشعارات
أولا، قم بتعطيل الأصوات واللافتات التي تومض
عبر شاشتك لإعلامك بأن لديك رسالة جديدة على فيسبوك أو البريد الإلكتروني أو فيديو
تيك توك لمشاهدته. بدلاً من ذلك، قم بتجميعها لتصلك إما كل ساعة أو أقل في كثير من
الأحيان. وتشير الأبحاث إلى أن القيام بذلك يمكن أن يقلل من التوتر واحتمال إمساك
هاتفك ثم الوقوع في دوامة التصفح دون إدراك مرور الوقت ـ على حد تعبير أولسون.
اجعل الوصول إلى هاتفك أقل سهولة
ومن أفضل الطرق لقطع الاتصال بهاتفك خلق مسافة
مادية بينك وبينه. وينصح أولسون بقلب هاتفك أو إبقائه في غرفة أخرى أثناء النوم.
إخفاء تطبيقات الوسائط الاجتماعية
يقترح أولسون وضع جميع تطبيقات التواصل
الاجتماعي والبريد الإلكتروني في مجلد واحد مخفي، وبذلك سيكون من الصعب الولوج
إليها. والأفضل من ذلك، حذفها من هاتفك والوصول إليها فقط عبر الكمبيوتر المحمول
الخاص بك، مما يمكن أن يقلل بشكل كبير من مقدار الوقت الذي تقضيه على الهاتف.
جعل فتح هاتفك أكثر صعوبة
بدلاً من الاستفادة من تقنية التعرف على الوجه،
استخدم رمز مرور يتعين عليك إدخاله يدويًا. وجد الباحثون أن وجود مثل هذه العقبة
لفتح هاتفك يمكن أن يقلل من وتيرة استخدامه.
تحديد قائمة بما ستقوم به على الهاتف
قبل أن تلتقط هاتفك، ضع قائمة بما تريد تحقيقه
بالضبط باستخدامه: ربما التحقق من بريدك الإلكتروني والعثور على وصفة عشاء ومراسلة بعض الأصدقاء.
اضبط شاشة هاتفك على التدرج الرمادي
يمكن أن يساعد التلاعب في إعدادات ألوان شاشتك
في تقليل وقت الشاشة والتخفيف من القلق الناجم عنه.
اختر التكنولوجيا القديمة
لطالما كان أولسون بطيئًا في تبني التكنولوجيا؛
وعندما أصبحت الهواتف الذكية شائعة لأول مرة في أوائل سنة 2010، قرر الانتظار
ومعرفة تأثيراتها قبل الحصول على واحد. لقد استخدم جهاز 'آيفون إس إي"، وهو
طراز قديم للجهاز ظهر لأول مرة في سنة 2016، لمدة خمس سنوات تقريبًا. وهو يقول إنه
يشتري أصغر هاتف ممكن ثم يحتفظ به لأطول فترة ممكنة حيث يكون من الصعب أن يكتب
عليه ولا يحتوي على أفضل التطبيقات والتحديثات - لأنه لا يريد أن يصبح محور حياته.