هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ميديا لينز" البريطاني مقالا مشتركًا لديفيد كرومويل وديفيد إدواردز تحدثا فيه عن سلسلة الجزيرة الوثائقية الأخيرة المكونة من أربعة أجزاء بعنوان "ملفات حزب العمال" والصمت شبه التام الذي قابلته به وسائل الإعلام البريطانية، وهو ما يكشف وهم "الديمقراطية" في المملكة المتحدة.
وقال الكاتبان، في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21"، إنه استنادًا إلى أكبر تسريب في التاريخ السياسي البريطاني كشفت وحدة التحقيق في الجزيرة كيف قام مسؤولو حزب العمال بتشويه وترهيب المنافسين من الشق اليساري في الحزب.
وتتكون البيانات المسربة لحزب العمال من 500 غيغا بايت من وثائق ورسائل البريد الإلكتروني وملفات صوت وصورة، يعود تاريخها إلى الفترة من 1998 إلى 2021. وأهم النقاط التي عرضتها هي:
تسليح معاداة السامية من قبل الجناح اليميني لحزب العمال لعرقلة فرص جيريمي كوربين في أن يصبح رئيسًا للوزراء.
"تسلسل هرمي للعنصرية" في العملية التأديبية لحزب العمل التي تعطي الأولوية للتحقيق في قضايا معاداة السامية المزعومة على أي أشكال أخرى من العنصرية.
أمثلة مروعة عن الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد السود داخل الحزب.
سحق المعارضة داخل الحزب تحت قيادة السير كير ستارمر.
في بداية الوثائقي الأول، وعدت قناة الجزيرة بالكشف عن كيفية قيام كبار المسؤولين في أحد حزبي الحكومة في المملكة المتحدة بتنفيذ انقلاب خفي ضد الزعيم المنتخب للحزب، واستبعاد أعضاء حزبه في حملة قاسية لتدمير أي فرص لجيريمي كوربين في أن يصبح رئيس وزراء بريطانيا. هذا إلى جانب تبديد آمال العديد من أنصار الحزب الجدد، واستخدام وسائل الإعلام لتدمير حركة سعت إلى تغيير المجتمع البريطاني.
كشف تحقيق قناة الجزيرة عن توجيه اتهامات كاذبة بالسلوك المسيء إلى أنصار كوربين من أجل إيقافهم أو طردهم من الحزب، بالإضافة إلى البحث في منشورات الأعضاء على وسائل التواصل الاجتماعي للعثور على ما يدينهم، لا سيما أي مادة يمكن اعتبارها "معادية للسامية". وقالت حليمة خان المسؤولة عن التسريبات والتي عملت ضابطة تحقيقات في حزب العمال إن مصطلح "فلسطين" كان أحد معايير البحث المستخدمة للعثور على أدلة تجريم، واصفةً العمل داخل مقر الحزب بأنه بيئة سامة وشائكة بالنسبة إلى شابة مسلمة تدعم القضية الفلسطينية. وتشير الدلائل إلى دعم ستارمر لإسرائيل ورفضه تسميتها "دولة فصل عنصري"، ناهيك عن قوة اللوبي الإسرائيلي داخل حزب العمال.
صرح أعضاء سابقون في الحزب كيف تغيرت الأمور عندما خلف ستارمر كوربين كزعيم للحزب، بين التوجيه المباشر للمواضيع التي يُسمح بنقاشها في الاجتماعات ومنع حرية التعبير، والتهديد الدائم بتلقي الاتهامات، بالإضافة إلى تقويض القوانين في القضايا التأديبية الداخلية.
كما سلطت الجزيرة الضوء على الصعوبات التي واجهها كوربين مع البيروقراطية المركزية التي قاومت التحول اليساري الذي بدأه بعد انتخابه زعيما لحزب العمال منذ 2015، ورغم تمكنه أخيرًا من تعيين أحد مواليه بمنصب سكرتير عام للحزب في سنة 2018، ظهرت مشكلة المعالجة البطيئة للقضايا التأديبية بشأن معاداة السامية التي كانت بمثابة عصا ضخمة استخدمتها وسائل الإعلام للتغلب على كوربين.
وفقًا للناشط الحقوقي المخضرم أندرو فاينشتاين، هناك العديد من الأمثلة على الحالات التي "لم تكن معاداة للسامية على الإطلاق" وإنما انتقادًا لإسرائيل على جرائمها، التي بدا وكأنها محاولات لتجنب إلقاء أي لوم على إسرائيل في انتهاكاتها المروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ولاحظ الكاتبان كيف تحسنت العملية التأديبية في الحزب بشكل كبير - حسب الأدلة - في عهد كوربين مما يشكك في السرد الإعلامي السائد. كما تظهر البيانات أن إخفاقات حزب العمال بشأن معاداة السامية حدثت في الفترة قبل أن يسيطر جيريمي كوربين على بيروقراطية الحزب. ومع ذلك، تحمل كوربين كل اللوم وليس خصومه من داخل الحزب فقط.
برنامج بانوراما على البي بي سي ومعاداة السامية؟
تطرق الكاتبان إلى دور قناة البي بي سي في تشويه صورة كوربين وافتقارها الواضح للمصداقية في بث برنامج "بانوراما" في تموز/ يوليو 2019 الذي تم تقديمه على أنه تحقيق "محايد'' يطرح السؤال المحمّل "هل حزب العمال معاد للسامية؟''، من تقديم الصحفي جون وير المعروف بعدائه لسياسة كوربين. وقد كُشفت تفاصيل التحيز والتشويه والتحريف المنهجي لتقرير وير من قبل الصحفي السابق في صحيفة الغارديان جوناثان كوك.
ومن بين الجوانب المقلقة في برنامج "بانوراما" عرضه لشهادة الناشطة اليهودية في حزب العمال إيلا روز التي زعمت تغلغل معاداة السامية داخله دون ذكر منصبها كمسؤولة مهمة في حركة العمل اليهودية التي كانت في طليعة الهجمات على كوربين، أو حقيقة عملها في السفارة الإسرائيلية في لندن كمسؤولة شؤون عامة.
كشفت سلسلة قناة الجزيرة لسنة 2017 بعنوان "اللوبي" عن قوة اللوبي الإسرائيلي في السياسة البريطانية، وكيف تواطأت روز مع الجاسوس الإسرائيلي شاي ماسوت، الذي تم تصويره وهو يحاول الإطاحة بوزير الحكومة البريطانية آلان دنكان، كما حاول إنشاء شبكة من المؤيدين لإسرائيل في حزب العمال لمنع كوربين من أن يصبح رئيسًا للوزراء.
أشار تقرير مارتن فورد لسنة 2022 حول العنصرية والتنمر في حزب العمال إلى أن استخدام برنامج بانوراما لرسائل البريد الإلكتروني الداخلية لحزب العمال لتصوير كوربين بأنه تدخل لتقويض التحقيق في معاداة السامية كان "مضللاً تمامًا".
كما سلطت سلسلة "ملفات حزب العمال" الضوء على جانب آخر مثير للقلق من برنامج بانوراما الذي عرض ادعاءات بن ويسترمان، وهو عضو يهودي في فريق نزاعات حزب العمال، بشأن تعرضه شخصيًا لمعاداة السامية خلال اجتماع تأديبي مع أحد نشطاء حزب العمال. وادعى أنه سُئل عن أصوله، وعندما رفض الإجابة، سُئل عما إذا كان من إسرائيل.
وحسب ما كشفته قناة الجزيرة، أجرى ويسترمان مقابلة مع الناشطة اليهودية هيلين ماركس، ورافقها إلى الاجتماع صديقتها ريكا بيرد - وهي أيضا يهودية - وهي التي سألت ويسترمان عن الفرع المحلي لحزب العمال الذي ينتمي إليه، ولم تسأله أبداً عما إذا كان من إسرائيل.
وأشار الكاتبان إلى أن المراسل جون وير والعديد من الشباب الذين تمت مقابلتهم رفعوا دعوى تشهير قانونية ضد حزب العمال الذي ينتمي إليه كوربين. لكن عندما تولى ستارمر منصب القائد تجاهل المشورة القانونية الواضحة من محامي الحزب. وقدرت تكلفة القضية لحزب العمال بحوالي 600 ألف جنيه إسترليني مع حوالي 180 ألف جنيه إسترليني كتعويضات تم دفعها إلى الأفراد الثمانية.
وحسب الخبير القانوني فإنه "بالنسبة للمراسل الذي قدم فيلما وثائقيا نقديا جداً (فيلم إداني بالواقع) عن حزب سياسي لتلقي مبلغ من ستة أرقام كتعويض، أعتقد أن له تأثيرا مخيفا للغاية وغير متناسب مع حرية التعبير". وكون ستارمر قد تابع الأمر ونظراً لهذا المبلغ الضخم فإن ذلك يعد علامة واضحة مرة أخرى على أنه يريد أن ينأى بنفسه قدر الإمكان عن سلفه كوربين. إنه أمر حيوي لهذا السياسي البليري ألا يُنظر إليه على أنه تهديد للمؤسسة.
اقرأ أيضا: كاتبة: هل يتستر حزب العمال البريطاني على العنصرية داخله؟
"التسلسل الهرمي للعنصرية"
من بين الجوانب الأكثر إثارة للقلق في تحقيق قناة الجزيرة في حزب العمال هو المزيد من الأدلة التي تدعم أحد استنتاجات تقرير فورد التي تقول: "حزب العمال ليس مكانًا يرحب بالملونين".
نُشر تقرير فورد الذي تأخر كثيرًا في شهر تموز / يوليو 2022. وقد كتبه المحامي مارتن فورد الذي كلفه ستارمر بالتحقيق في الانقسامات داخل حزب العمال. جاء هذا بسبب تسريب سنة 2020 لوثيقة العمال المكونة من 860 صفحة، "عمل وحدة الحكم والقانون التابعة لحزب العمال فيما يتعلق بمعاداة السامية، 2014-2019"، التي سُربت لأول مرة إلى سكاي نيوز.
وأوضح الكاتبان أن التقرير الداخلي المسرب كشف أن شخصيات كبيرة من حزب العمال من اليمينيين حاولت منع حزب العمال من الفوز في الانتخابات العامة من أجل الإطاحة بكوربين. وتضمن التقرير أمثلة دامغة لمراسلات البريد الإلكتروني والواتس آب بين مسؤولي حزب العمال للتعبير عن ازدراء كوربين وأي شخص يدعمه، بما في ذلك موظفو حزب العمال ونوابه وحتى الجمهور.
حاول ستارمر قمع مناقشة حزب العمال للوثيقة المسربة في محاولة لنزع فتيل الجدل من خلال التكليف بإجراء تحقيق مستقل. لكن تقرير فورد كان سيجعل المقاربة غير مريحة لستارمر والإدارة الحالية لحزب العمال.
وحسب ما خلص إليه جوناثان كوك فإنه "على الرغم من صياغته الحذرة ونزاهته الزائفة، أقر تحقيق فورد بأن اليمين العمالي قد شن بالفعل حربًا قذرة ضد كوربين والشق اليساري في الحزب مستغلًا معاداة السامية لتشويه سمعتهم". كما كشف تقرير فورد بناء على رسائل واتساب المسربة: "العنصرية الواضحة والضمنية والتحيز الجنسي".
أخبر أليكس نانز، وهو كاتب الخطابات السابق في حزب العمال في عهد كوربين، قناة الجزيرة، بأن "ما يثير القلق هو أنه في الرد على تقرير فورد تم تجاهل هذا الاتهام بشكل كامل وهم ليسوا على استعداد للاعتراف به أو التحدث عنه".
وقالت مارسيا هاتشينسون، وهي مستشارة سوداء سابقة في حزب العمال في مانشستر: "لقد سلط الضوء على بعض ما كان يحدث. أخشى أن قيادة السير كير ستارمر تقدم العون للعنصريين داخل الحزب"، مضيفة: "لقد واجهت عنصرية في سنواتي الخمس مع حزب العمال أكثر مما واجهته في بقية حياتي مجتمعة".
حدد تقرير فورد "التسلسل الهرمي للعنصرية" وكيف كانت الأسبقية للتحقيقات في معاداة السامية المزعومة في حزب العمال على حساب الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد السود. وذكرت حليمة خان، عضو فريق التحقيق في حزب العمال: "عندما كنت أتحدث إلى زملائي ورؤسائي حول سبب عدم تعاملنا مع الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد السود بنفس الشراسة التي كنا نتعامل بها مع معاداة السامية، كان الرد دائمًا أن معاداة السامية هي أولوية المنظمة".
كشفت سلسلة "ملفات حزب العمال" عن الحالة الفظيعة للمقر العمالي الذي استهدف نشطاء حزب العمال المسلمين في نيوهام بشرق لندن. تم إرسال ملف عن أعضاء حزب العمال المسلمين وأسرهم المقيمين في نيوهام يحتوي على معلومات خاصة عن حياتهم وأنشطتهم إلى مقر حزب العمال في لندن. وضع الملف لمحة عنصرية عن أعضاء حزب العمال في نيوهام، وتفاصيل شخصية عن حياتهم.
وأظهرت الوثيقة، التي تم وضعها على ما يبدو من قبل عضو محلي سابق في حزب العمال، قلقا بشأن "تسلل" المسلمين. وقد نصح ديفيد إيفانز، الأمين العام لحزب العمال، بتعليق عمل الأحزاب المحلية في نيوهام وقادتها المسلمين. وفي شهر آذار/ مارس 2021، تم تعليق فرعي الحزب في نيوهام وبهذا حُرم أكثر من 5 آلاف عضو معظمهم من المسلمين من أن يكون لهم صوت في ديمقراطية حزب العمال.
لماذا يتصرف حزب العمال التابع لستارمر بهذه الطريقة المروعة؟ قدّمت "ملفات حزب العمال" تفسيرًا واحدًا معقولاً وهو على وجه التحديد مناشدة ناخبي "الجدار الأحمر"، الذين يُنظر إليهم عادةً على أنهم من الطبقة العاملة من البيض، وربما يكونون متعصبين إلى حد ما بل وعنصريين أيضًا. وتجنب عزلة هؤلاء الناخبين هو، كما اقترح من تمت مقابلتهم في قناة الجزيرة، يقف وراء النهج المهين لحزب العمال في معالجة الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد السود.
يقول لوي ميندي، وهو المساعد السياسي لحزب العمال من السود من 2018-2022:
"إنهم يحاولون العثور على منصب يرضي ناخبا ليبراليا من المدينة وكذلك شخصا من مقاعد الجدار الأحمر، حيث يعتقدون أنهم أشخاص معظمهم من البيض، والذين لن يدافعوا عن قضايا من شأنها تعزيز المساواة في هذا البلد".
الصمت الإعلامي
كان رد الفعل "السائد" لوسائل الإعلام بخصوص النتائج المؤلمة لتحقيق دقيق ومعمق لقناة الجزيرة هو غطاء شبه كامل من الصمت. إنه حقًا عرض رائع للسلوك شبه الشمولي "للصحافة" البريطانية. ويمكن القول إنه لم يكن هناك سوى مقال واحد في الصحافة الوطنية بأكملها وهي مقالة مخففة في صحيفة "إكسبرس"، ويُحسب لبيتر هيتشنز أنه ذكر على الأقل أفلام قناة الجزيرة في قسم موجز من مدونة "ميل أون ذا صانداي" الخاصة به في 2 تشرين الأول / أكتوبر.
وفي مقال بعنوان "ملفات عمل الجزيرة أحدثت فجوة في سرد كوربين لوسائل الإعلام البريطانية" نشره موقع "ميدل إيست آي" الإلكتروني، قال بيتر أوبورن إن "الوثائق بشأن مزاعم بأن كوربين كان عنصريًا، تجاهلت جميعًا تقارير قناة الجزيرة. الأمر نفسه ينطبق على بي بي سي، التي لعبت دورًا رئيسيًا في تأطير رواية كوربين ومعاداة السامية في الفترة التي سبقت انتخابات 2019".
وأضاف: "من المستحيل تبرير الصمت الإعلامي حول وثائقيات الجزيرة. إنه يذكرني بالرفض الطويل لوسائل الإعلام البريطانية الرئيسية الانخراط في فضيحة قرصنة الهاتف التي تنطوي على الجرائم التي تحدث عبر أقسام كبيرة من وسائل الإعلام البريطانية منذ أكثر من عقد".
ونوه الكاتبان بأنه تم التطرق للفيلم الوثائقي في جملة واحدة في مقال بقلم جيسيكا إلجوت، نائبة المحرر السياسي لصحيفة الغارديان: بعنوان "اليسار مهمش بينما يهيمن حلفاء ستارمر في مؤتمر العمل.
تساءل الكاتبان عن أوين جونز، صوت الغارديان اليساري وموقفه من المعاملة المروعة للأقليات العرقية والناشطين اليساريين داخل حزب العمال. في عمود له، رحب بخطاب ستارمر في مؤتمر حزب العمال، لم يستطع جونز حتى أن يذكر نفسه بسلسلة الجزيرة بشأن حزب ستارمر.
في 2 تشرين الأول/أكتوبر، نشرت صحيفة الغارديان مقال رأي بقلم الكاتبة نسرين مالك التي أشارت فيه إلى أنه: "يبدو أن هناك تسامحا غريبا ومقلقا بشأن الاتهامات التي طالت حزب كير ستارمر الصاعد". وأشارت بإيجاز إلى تحقيق الجزيرة في الفقرة قبل الأخيرة: "كان هناك صمت على ادعاءات الجزيرة بشأن حزب العمال، والتي زعمت أن ادعاءات العنصرية تم تسليحها ومبالغ فيها بل وملفقة، كجزء من الجهود المبذولة لتطهير أنصار كوربين".
وبطبيعة الحال، فإن الصحيفة التي ظهر فيها عمودها لم تتطرق أبدا في صفحاتها الإخبارية للفيلم الوثائقي. ولم يكن هناك أي رد من الصحيفة عندما تم تحدي كبار المحررين.
في فضاء تويتر، بدا أن الصحفيين والمعلقين "العاديين" يعتبرون "ملفات حزب العمال" مشعة. سلطت كلوديا ويبي، النائب المستقل عن ليستر إيست، الضوء على سلسلة الجزيرة على تويتر متسائلة: "لماذا لا نتحدث عنها؟". وأشاد بها محامي الدفاع الجنائي محمد أكونجي قائلاً: "يجب الإشادة بها باعتبارها السياسية الوحيدة التي تطرقت إلى فيلم الجزيرة" إنه لأمر مأساوي أن نلاحظ العديد من "الأسلحة الكبيرة" في مؤتمر حزب العمال وهم يبذلون قصارى جهدهم لتجنب الرد على "ملفات حزب العمال".
في تموز/ يوليو 2019، نشر كريس ماسون، المحرر السياسي حاليًا في بي بي سي، 12 تغريدة في يوم واحد قبل بضعة أيام من بث برنامج بانوراما، لكن لم يصدر أي رد عن ماسون بشأن "ملفات حزب العمال".
بصفة استثنائية، غرد مايكل كريك، الذي كان يعمل سابقًا في كل من بي بي سي والقناة الرابعة البريطانية بعد بث الجزء الأول من سلسلة الجزيرة: "يجب على كل صحفي سياسي أن يشاهد الفيلم ويقرر بنفسه.
أتفق مع بيتر أوبورن في أن وسائل الإعلام - بما في ذلك نحن - كان ينبغي أن تنظر في هذا الأمر. وتتمثل المشكلة في أن كل المعلومات الواردة في الفيلم كانت معقدة للغاية ومتنازعا عليها ومن الصعب كشف الحقيقة".
لكن تصريحاته التي تقول إنه "كان من الصعب كشف الحقيقة" تندرج ضمن موجة الانسحاب الكبرى التي طالت فيلم الجزيرة. لم يتطلب الأمر قدرات كبرى لمعرفة أن الجمهور يتعرض لحملة دعائية لتدمير فرص كوربين الانتخابية أو أن خليفته، ستارمر، كان يسحق المعارضة والديمقراطية داخل حزب العمال.
رد كريغ موراي، سفير المملكة المتحدة السابق، على كريك قائلا: "لم تحاول أن تجد الحقيقة، وقمت بتضخيم الأكاذيب. لديك مؤسسة إخبارية كبرى وراءك. أنا مجرد رجل عجوز مع جهاز كمبيوتر محمول ويمكنني أن أتعرف على الحقيقة، بما في ذلك بشأن بعض الحوادث ذاتها التي تحدثت عنها قناة الجزيرة في سنة 2016".
في سلسلة من التغريدات، تحدّت الناشطة اليهودية العمالية نعومي ويمبورن إدريسي، إحدى من أجرت معها قناة الجزيرة مقابلات، مارثا كيرني، محررة راديو بي بي سي 4 توداي بقولها: "صمت بي بي سي بشأن ملفات حزب العمال أمر صادم ... بصفتي امرأة يهودية منتخبة في حزب العمال وتم تعليق عضويتها الأسبوع الماضي من قبل الحزب ... لقد صُدمت لأنك فشلت في استجواب كير ستارمر في برنامج توداي هذا الصباح حول محتوى الأفلام الوثائقية للجزيرة ... الحلقات الثلاث التي تم بثها خلال الأيام الستة الماضية تظهر انتهاكات عنصرية خطيرة تم ارتكابها على أعلى المستويات في حزب ستارمر. أنا من الذين ظهروا في السلسلة. يرجى الاتصال بي لترتيب مقابلة".
وأكد الكاتبان أنه لم يكن هناك أي رد من هيئة الإذاعة البريطانية. لخص كوك سلوك وسائل الإعلام الفظ والقمع لأي تقرير أو مناقشة حول مسلسل الجزيرة: "عندما يكون برنامج التحقيق الإخباري الرائد في بي بي سي "بانوراما" متورطًا في التسريبات التي كشفت عنها الجزيرة. فسيكون على بي بي سي في الواقع التحقيق في ممارساتها المشينة".
وأضاف: "وبالنسبة لصحيفة الغارديان، من شأن التحقيق في الوثائق المسربة أن يدين الصحيفة - التي ينظر إليها عادة من قبل العديد من ناخبي حزب العمال على أنها الجريدة المدافعة عنهم - بالتواطؤ في رواية زائفة معادية للسامية ضد اليسار العمالي والتي لعبت دورًا رئيسيًا على الساحة السياسية. ستظهر الغارديان ليس كما ترغب في أن يُنظر إليها - كصحيفة شجاعة ومستقلة تواجه المؤسسة البريطانية بحقائق - وإنما باعتبارها ركيزة أساسية لتلك المؤسسة بالذات".
وأكد كوك أن العديد من اليهود والآسيويين والسود وغيرهم داخل حزب العمال عوملوا بشكل مروع. لا تمس القضايا التي حققت فيها قناة الجزيرة فقط الطريقة التي يعمل بها حزب العمال، بل تكشف عن ممارسات مشينة للغاية داخل الديمقراطية البريطانية نفسها. وتسلط الضوء على الحرب الطبقية داخل حزب العمال - الذي يهيمن عليه اليمين في الوقت الحالي.