هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد السياسي الفلسطيني أمير مخول، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتبع حاليا سياسية ممنهجة ومنسقة لقمع وتفريق الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، تحت شعار "فرق تسد"، رغبة منها في تصعيد عدواني جديد.
وقال مخول في مقال له بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني: "اتخذت السلطات الإسرائيلية مؤخرا خطوات على جانبي الخط الأخضر، بما في ذلك تشكيل قوة شرطية خاصة في بئر السبع، والتحذير من أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تحظر في الصدامات القادمة، وتركيب منظومة لتفريق الحشود، يُتحكم بها عن بعد في مدينة الخليل".
وأضاف الكاتب الفلسطيني: "كل ذلك يثبت أن الكيانات العسكرية والمدنية الإسرائيلية، إنما هي نتاج عقلية واحدة موحدة".
وتابع: "بينما تسعى لتفتيت الفلسطينيين بين من هم في قطاع غزة ومن هم في الضفة الغربية المحتلة ومن هم في مناطق 1948، تحاول إسرائيل ضرب جميع هذه الجبهات آنيا؛ للحيلولة دون حدوث أي تكامل فيما بينها، وهذا يؤكد رغبة إسرائيل في تصعيد العدوان".
وفيما يلي نص المقال كما ترجمته "عربي21":
يوجد الخط الأخضر خارج الذهنية السياسية الإسرائيلية، إلا أن السياسات الأمنية الوطنية لا تنتهي عند هذا الحد، الذي تمحوه إسرائيل يوميا من خلال ممارساتها.
اتخذت السلطات الإسرائيلية مؤخرا خطوات على جانبي الخط، بما في ذلك تشكيل قوة شرطية خاصة في بئر السبع، والتحذير من أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تحظر في الصدامات القادمة، وتركيب منظومة لتفريق الحشود يُتحكم بها عن بعد في مدينة الخليل، وكل ذلك يثبت أن الكيانات العسكرية والمدنية الإسرائيلية، إنما هي نتاج عقلية واحدة موحدة.
بداية ببئر السبع، يعود قرار المدينة تكليف شركات أمنية خاصة بالمساعدة في المهام الشرطية، الأمر الذي يكلف عشرات الملايين من الشيكلات كل عام، إلى إعلان رئيس الوزراء نفتالي بينيت هذا الصيف تشكيل "حرس وطني مدني" لمحاربة الإرهاب. ما لبث بينيت أن تبدد حضوره في المشهد السياسي، إلا أن إرثه القمعي مازال مستمرا، ويلقي بظلاله الكثيفة على كاهل الفلسطينيين.
يشتمل الحرس الوطني، الذي يعدّ جهازا موازيا للشرطة الإسرائيلية، على مكون تطوعي، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما هو نمط إجراءات الرقابة وآليات المحاسبة التي ستطبق في هذه الحالة. فحتى في حالة الشرطة الإسرائيلية، ثمة نقص حاد في المحاسبة، ويندر أن يعاقب ضباط الشرطة على ما يرتكبونه من عنف ضد المدنيين الفلسطينيين.
ابتداء من هذا الشهر، سوف يحمل الشعب تمويل الجهاز الأمني الجديد في بئر السبع، الذي يقال إن البلدية ستترأسه بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية. سوف يكلف البرنامج سبعة وعشرين مليون شيكل (7.6 مليون دولار) سنويا، وسوف يُجبر المواطنون الفلسطينيون العرب على تحمل جزء من التكاليف من خلال الضرائب التي يدفعونها.
عنصرية وعدوان
يثير استخدام الشرطة الخاصة العديد من المخاوف. ففي أثناء انتفاضة أيار/مايو2021، كشفت المليشيات المسلحة عن عنصرية وعدوانية شديدتين، تغذيهما العداوة العامة تجاه الوجود العربي، واعتناق فكرة منحرفة، مفادها أن العرب الفلسطينيين هم مصدر الجرائم والفوضى التي تشهدها البلاد.
زعمت بعض التقارير الأخيرة بأن قوة بئر السبع الجديدة سوف تتضمن عناصر من مجموعة "إم تيرتزو"، وهي جمعية غير ربحية تعمل "من أجل تعزيز قيم الصهيونية داخل إسرائيل". وفي السياق نفسه، تتمتع رابطة مدن إسرائيل بتفويض "لتعزيز قدرة المجتمع على التحمل وحماية الأمن الشخصي والعام داخل المدن المشاركة"، والتحضير من أجل التعامل مع "الأزمات والتحديات الأمنية" – وهي إشارة مقنعة إلى تعزيز المجتمع اليهودي في مواجهة ما يعدّ عدوانا عربيا.
بعد انتفاضة أيار/مايو 2021، أصدرت الرابطة تقريرا زعمت فيه أن زعماء الفلسطينيين هم من غذى الصراع، موجهين جل اللوم إلى لجنة المتابعة العليا للمواطنين العرب في إسرائيل، وهي مظلة تمثل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.
وفي جبهة السوشال ميديا، اقترح مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شباتي مؤخرا، أنه فيما لو اندلعت مواجهات عنيفة في المستقبل، فإنه ينبغي إغلاق شبكات السوشال ميديا. يبدو أن الدولة وجهازها المعادي مشغولان بقمع الفلسطينيين. في الوقت نفسه، تمثل تصريحات شباتي اعترافا صريحا بانتصار منصات التواصل والإعلام الجماهيرية الفلسطينية على منظومة وسائل إعلام الإسرائيلية العنصرية.
تجنب المحاسبة
وفيما يتعلق بالتطور الثالث، فإن نظام تفريق الحشود من خلال التحكم عن بعد، الذي ركب في مدينة الخليل، سوف يسمح بالإطلاق الآلي والتلقائي لقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المغطى بالإسفنج، وذلك طبقا لما أوردته صحيفة هآريتز. وجاء في تقرير الصحيفة ما يلي: "مازال النظام في مراحله التجريبية، وكان قد ركب في شارع الشهداء فوق نقطة تفتيش في المنطقة، كانت في الماضي هدفا للمتظاهرين، حتى باتت بؤرة للاشتباكات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي".
بالنسبة للجيش الإسرائيلي، يوفر ذلك أمرين أساسيين: أما الأول، فهو القدرة على حفظ حياة جنود الاحتلال من خلال تجنب المواجهات الحية. وأما الثاني، فهو القدرة على التخلص بسرعة من مقاتلي المقاومة الفلسطينية بمجرد الضغط على زر. كما يشكل الجهاز رادعا للشباب الفلسطينيين؛ لأنه يعزز لديهم الإحساس بأنهم رهن المراقبة والرصد طوال الوقت.
فعليا، تحولت مدينة الخليل إلى ما يشبه المختبر، حيث يتم إجراء الاختبارات على التقنيات القاتلة التي تجرب على المدنيين الفلسطينيين قبل نشرها في سائر أرجاء البلد، وفيما سواها، حيث يتم بيعها إلى الأنظمة الصديقة لإسرائيل.
كل التحركات المذكورة آنفا هي جزء من استراتيجية منسقة، حيث تسعى القوات الإسرائيلية جاهدة إلى تجنب الرقابة الدولية والمساءلة الشخصية على ما تستمر في ارتكابه من انتهاكات ضد الفلسطينيين.
بينما تسعى لتفتيت الفلسطينيين بين من هم في قطاع غزة ومن هم في الضفة الغربية المحتلة ومن هم في مناطق 1948، تحاول إسرائيل ضرب جميع هذه الجبهات آنيا؛ للحيلولة دون حدوث أي تكامل فيما بينها. وهذا يؤكد رغبة إسرائيل في تصعيد العدوان. ولكن تبقى بارقة أمل لدى الفلسطينيين الذين، رغم الوهن الذي أصاب قيادتهم السياسية، يستمرون في تحدي القهر الإسرائيلي ومقاومته.