هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال رئيس جبهة الخلاص الوطني في تونس، أحمد نجيب الشابي، إن للجبهة برنامج تحركات جديدة واتصالات سياسية مكثفة مع مختلف القوى، وستعلن عنها تباعا في وقتها المناسب، موضحا أنهم نجحوا في "توسعة وتنمية رقعة المعارضة الداخلية وفي إلحاق الهزائم بسلطة الانقلاب، ونحن نتهيأ اليوم لإسقاط الانتخابات التشريعية القادمة".
وأوضح الشابي، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن "الجبهة تتهيأ حاليا لتنظيم مظاهرة ضخمة بالعاصمة تونس يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر للدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، ودعم القضاة في دفاعهم عن استقلاليتهم ووقوفهم ضد توظيف القضاء لتصفية القيادات السياسية ومصادرة الحريات الفردية والعامة".
ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية، التي دعا لها الرئيس قيس سعيّد، في 17 كانون الأول/ ديسمبر المقبل، في حين بلغ عدد الأحزاب التي أعلنت مقاطعة تلك الانتخابات 11 حزبا حتى الآن.
وشدّد رئيس جبهة الخلاص الوطني على أن "نظام قيس سعيّد لا تتوفر له مقومات البقاء. بينما الأزمة السياسية ستجد حلها، وحلها الطبيعي والوحيد هو العودة للشرعية الدستورية مهما كان السيناريو المرجح، لكن إذا ما استمر الأمر على هذا الحال فالتطور مفتوح على كل الاحتمالات".
وحول احتمالية تشكيل حكومة إنقاذ بتونس، أضاف: "هذا يقتضي توافقا وطنيا حولها، ولا يمكن لها أن تصدر سوى عن حوار وطني جامع يُقرّ الإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية العاجلة، ويُكلّف شخصية مقتدرة تحظى بثقة واسعة تتولى تشكيل فريق مضيق يدير المرحلة الانتقالية حتى قيام انتخابات مبكرة".
ولفت الشابي إلى أن "العمل على انعقاد مؤتمر للحوار الوطني شامل وناجز يُمثل الطريق المُمهد لقيام حكومة الإنقاذ، وهو ما تسعى إليه الجبهة"، مضيفا: "حكومة الإنقاذ لا يمكن أن ترى النور إلا في سياق الاتفاق على حل الأزمة".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف تقيم أداء "جبهة الخلاص الوطني" بعد مرور نحو 5 أشهر على تأسيسها؟ وما مدى تأثيرها اليوم في المشهد التونسي؟
تشكّلت الجبهة في وقت كان يتسم بالفراغ السياسي الداخلي وبانقسام حاد وسط النخبة السياسية وفي الرأي العام. خلال بضعة أشهر تمكنت الجبهة من توحيد جزء فاعل من الحركة السياسية، وهي تطمح إلى تحقيق مستوى أرقى من وحدة قوى المعارضة.
وفي خلال هذه المدة الوجيزة نسبيا تميزت الجبهة بتحرك ميداني لافت في الجهات الداخلية وفي العاصمة، كما تميزت بحضور إعلامي واسع في الداخل والخارج وبوضوح الموقف السياسي، ووضوح الهدف ووضوح خارطة الطريق المؤدية للخروج من الأزمة، وهو ما ساعد على توسع وتنامي رقعة المعارضة الداخلية وفي إلحاق الهزائم بسلطة الانقلاب، وخاصة بمناسبة الاستشارة الشعبية ثم الاستفتاء على الدستور.
ونحن نتهيأ اليوم لإسقاط الانتخابات التشريعية القادمة، والتي أعلنت الجبهة عن مقاطعتها، وهو الموقف الذي سارت عليه بقية القوى السياسية. إن هذه المعارضة لمبادرات السيد قيس سعيّد تنخرط في أفق الدفاع عن الحريات والمؤسسات الدستورية، وعودة الشرعية، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني تدير المرحلة الانتقالية إلى حين قيام انتخابات مبكرة.
وحقيقة، نحن نتقدم بثبات على الطريق الصحيح، ونتهيأ للقيام بدور فعّال في حل الأزمة السياسية المرشحة للتفاقم جراء تفاقم الأزمة الاجتماعية الحادة التي نعيشها اليوم.
ما سبب استمرار انقسام المعارضة التونسية حتى الآن؟
انقسامات المعارضة سببها التباين الأيديولوجي في جانب، وهي تعبير عن الانقسامات الحادة التي تولّدت عن الأزمة السياسية التي عاشتها البلاد من جانب ثان. الخلاف بينها يتعلق بتقييم المرحلة السابقة للانقلاب، لكنها تتفق اليوم في التشخيص وفي الهدف: العودة إلى الشرعية الدستورية، وإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية الحادة، وإيقاف مسار العودة بالبلاد إلى مربع الاستبداد والحكم الفردي المطلق. وحدة الهدف إذن قائمة، وهي تُمهد تحت ضغط الأحداث إلى تحقيق وحدة الصف ولو في شكل تنسيق ميداني بين قوى تعمل معا وتحافظ في ذات الوقت على هوياتها المختلفة.
هل هناك تقدم في مساعي تشكيل "حكومة الإنقاذ"؟ ومتى سترى النور؟
حكومة الإنقاذ تقوم بالضرورة على برنامج إنقاذ يتطرق إلى الإصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية العاجلة، وهو ما يقتضي توافقا وطنيا حولها. لذلك، لا يمكن لحكومة الإنقاذ أن تصدر سوى عن حوار وطني جامع يُقرّ هذه الإصلاحات، ويُكلّف شخصية مقتدرة تحظى بثقة واسعة تتولى تشكيل فريق مضيق يدير المرحلة الانتقالية حتى قيام انتخابات مبكرة.
لذا، فإن العمل على انعقاد مؤتمر للحوار الوطني شامل وناجز يُمثل الطريق المُمهد لقيام حكومة الإنقاذ، وهو ما تسعى إليه الجبهة.
وبكلمة فإن حكومة الإنقاذ لا يمكن أن ترى النور إلا في سياق الاتفاق على حل الأزمة.
لو طُلب منك أن تكون رئيسا لحكومة "الإنقاذ الوطني" هل ستقبل بذلك؟
من أسباب الأزمة شخصنة الحياة السياسية. لذلك، فإن المهم اليوم هو التوصل إلى جمع مؤتمر الحوار الوطني الذي يعود إليه ترشيح الشخصية التي ستتولى قيادة المرحلة الانتقالية لحين عودة الشرعية وقيام الانتخابات المبكرة.
هل من المحتمل أن تخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة سواء جرت تلك الانتخابات في موعدها الدستوري أو قبل ذلك؟
يقول المثل التونسي: "لا تشتري الحصير قبل بناء الجامع"، وبناء الجامع هنا يتمثل في إيقاف عجلة الاستبداد وإعادة البلاد إلى حالة من الشرعية الدستورية، كما تتمثل في الاعتناء بشروط حياة الناس الذين يواجهون خطر المجاعة، أما شراء الحصير فيأتي وقته من بعد، وقانونه التنافس الشريف بين كل مَن يقرأ في نفسه القدرة على قيادة البلاد، وتكون كلمة الحسم فيه لصناديق الاقتراع.
كيف ترى المرسوم الانتخابي الجديد في تونس الذي أثار جدلا واسعا في البلاد؟
إنه مرسوم يُصادر حرية الترشح ويقيدها بقيود مجحفة، وهو يقوم على نظام اقتراع لم يسبق التشاور في شأنه، وهو مرسوم يُصادر دور الأحزاب السياسية في إدارة العملية الانتخابية، وهو مرسوم يخضع العملية الانتخابية إلى إشراف هيئة غير مستقلة وثبت ولاؤها للسلطة أثناء الاستفتاء، وهو مرسوم ينتهي إلى إقامة مجلس نيابي مسخ مُجرد من كل سلطة رقابية وينافسه رئيس السلطة التنفيذية في صلاحياته التشريعية.
هناك بعض الأحزاب والقوى السياسية أعلنت اعتزامها المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة.. فما وزن هذه القوى؟
ليس لي أن أُقيم وزن هذه الأحزاب. كل ما يمكن أن أشير إليه هو أن كل الأحزاب الفاعلة وبدون استثناء أعلنت عن مقاطعتها للانتخابات القادمة.
اقرأ أيضا: "الخلاص" تعلن مقاطعة الانتخابات وتحذر من انهيار تونس
هل نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية ستكون كنسب المشاركة في الاستفتاء على الدستور؟
كل شيء يدل على أن العزوف الشعبي سيستمر، لأن المواطن فقد ثقته في العملية السياسية، وهو مهموم بالبحث عن لقمة عيشه في الأسواق (عن السكر والزيت والأرز والسميد والأدوية المفقودة من الأسواق)، ومهموم بأسعار اللحوم والخضر وسائر حاجياته الأساسية التي يزداد لهيبها كل يوم.
الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أعرب مؤخرا عن تطلعه إلى نجاح الانتخابات القادمة في تونس، مؤكدا أن المنظمة الدولية ستقف دائما إلى جانب البلد العربي.. فما فرص نجاح الانتخابات المقبلة؟ وما تقييمكم لمواقف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من تطورات الأزمة التونسية؟
الانتخابات وُلدت ميتة بسبب المقاطعة الشاملة التي أعلنت عنها مختلف القوى السياسية، وكذلك بسبب الإطار الدستوري الذي تتنزل فيه، إطار يؤسس لاختلاط السلطات بين يدي رئيس الجمهورية الذي ينفرد بالحكم المطلق.
وقد قمنا بتثمين المواقف الداعمة للديمقراطية التي صدرت عن المجتمع الدولي: عن الولايات المتحدة، ومجموعة الدول السبع (G-7)، والاتحاد الأوروبي، ولجنة البندقية، والاتحاد الدولي للقضاة، والمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، وحتى عن الأمم المتحدة ذاتها التي عبّرت في العديد من المناسبات عن قلقها حول مستقبل الديمقراطية في تونس، وهي مواقف تُعزّز علاقة الثقة بين البلدان والشعوب، وتُعدّ دعما معنويا قويا لقضية الديمقراطية في تونس التي أثارت الكثير من الأمل.
لكن الواقعية تقول إن للدول قيمها ومصالحها، وقد تتفق هذه القيم والمصالح وقد تختلف. أما نحن فإن قيمنا ومصالحنا واحدة: إما أن نعيش أحرارا أو نعيش عبيدا تحت سياط الاستبداد، إما أن نشارك في صنع مستقبلنا أو نتفرج على الآخرين يقررون في شأننا ما يريدون.
والموقف الدولي إجمالا حتى الساعة مُنحاز للديمقراطية ولقيمها، ولكن قد تتهيأ بعض الدول إلى التطبيع مع الاستبداد، وهو أمر لن يغير من تصميمنا وعزيمتنا في أي شيء. سنظل نكافح كما كافحنا أوقات الاستبداد حتى ننتصر.
إلى أين تتجه الاحتجاجات الاجتماعية التي تشهدها البلاد؟
الوضع الاجتماعي متفجر في تونس. الدولة تواجه أزمة مالية حادة وغير مسبوقة في التاريخ التونسي الحديث. تعجز الدولة اليوم عن الوفاء بالتزاماتها إزاء المزودين ما يجعل البواخر المحمّلة بالمواد الأساسية ترسو لأسابيع في عرض البحر قبل تفريغ حمولتها وبعضها يقفل راجعا بحمولته.
أبواب الاقتراض من السوق الدولية موصدة بسبب مستوى المديونية العمومية الناجم عن العجز المزدوج لميزانية الدولة وميزان التبادل الخارجي (الحساب الجاري). الدولة تلجأ اليوم إلى السوق المالية الداخلية في عمليات أشبه ما تكون بعمليات طبع الأوراق النقدية ما يسهم في التضخم ويُهدّد قيمة العملة الوطنية.
والمستقبل أدهى لأن ديونا خارجية ثقيلة سيحل موعد دفعها مع افتتاح السنة القادمة (2023)، ومستقبل البلاد متوقف اليوم على اتفاق مع صندوق النقد الدولي يعطي الحكومة جرعة من الأكسيجين دون أن يحل الأزمة الهيكلية، بل قد يتسبب في تأجيج الأزمة، نظرا للكلفة الاجتماعية الموجعة للإصلاحات الاقتصادية التي يشترطها الصندوق.
التذمر الاجتماعي يُعبّر عن نفسه بشكل عفوي، لأنه محكوم بظروف حياة الناس في الأحياء والجهات، ومن المتوقع أن يستمر عفويا بسبب ضعف الموقف النقابي، والخطر كل الخطر أن يخرج عن السيطرة إذا لم تسارع القوى السياسية والمدنية بالاجتماع والاتفاق على حلول تنقذ الوضع من الانهيار والمجتمع من التفكك.
لماذا لم تعلن "جبهة الخلاص الوطني" المشاركة في هذه الاحتجاجات واكتفيتم فقط بإعلان التعاطف معها؟
"جبهة الخلاص الوطني" تسند التحركات الشعبية وتؤيدها، لأنها سلمية ومشروعة وتعمل على إيجاد حل سياسي للأزمة، لأنه لا مخرج للأزمة الاقتصادية والاجتماعية دون حل الأزمة السياسية، ما يعني أن تتولى شؤون البلاد قيادة مقتدرة وتحظى بمساندة عريضة.
ما الخطوات التي تعتزم "جبهة الخلاص الوطني" اتخاذها خلال الفترة المقبلة؟
بعد الاستفتاء بشهر عادت الجبهة إلى التعبئة الميدانية؛ فعقدت مهرجانا شعبيا بولاية بن عروس (شمال) يوم السبت غرة تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وهي تتهيأ حاليا لتنظيم مظاهرة ضخمة بالعاصمة تونس يوم 15 تشرين الأول/ أكتوبر للدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، ودعم القضاة في دفاعهم عن استقلاليتهم ووقوفهم ضد توظيف القضاء لتصفية القيادات السياسية ومصادرة الحريات الفردية والعامة.
وللجبهة برنامج تحركات جديدة واتصالات سياسية مكثفة مع مختلف القوى ستعلن عنها تباعا في وقتها المناسب.
ما الخيارات التي لا تزال أمام المعارضة؟ وهل أصبح الشارع الخلاص الأخير بالنسبة لكم؟
الحياة السياسية تقوم على تعديل علاقة القوى، حتى تصل إلى نقطة القطيعة التي تحدث تحولات نوعية. بدا الانقلاب في أول الأمر قويا وسط مباركة شعبية، وكان توازن القوى مختلا في السابق، لكن هذه العلاقة تدرجت إلى أن فقد قيس سعيّد شعبيته وانتهى اليوم معزولا في الداخل والخارج، وفي المقابل أخذت دائرة المعارضة والمقاومة تتسع وتعاظمت وشملت قطاعات عدة كالقضاة والنقابيين والصحافيين والأكاديميين والشخصيات العامة المستقلة والقوى السياسية أيضا.
اقرأ أيضا: "الخلاص" بتونس تحذر من "انفجار عام" مع تجدّد الاحتجاجات
في حين لم يبلغ مستوى تطور علاقة القوى اليوم إلى اللحظة التي يمكن أن يحدث معه تغيير، لأن أداء وانسجام المعارضة الآن لم يصل بعد إلى مستوى ودرجة قلب الطاولة وتغيير الأوضاع، ولكن التطورات قد تتسارع مدفوعة باحتداد الأزمة الاجتماعية. السلطة لا تحاور أحدا وتنفرد بسلطة القرار في كل صغيرة أو كبيرة، وبالتالي لم يبق إذن سوى الشارع في حركة سلمية للإنقاذ.
المفكر الفرنسي، فينسون جيسار، توقّع أن يتخلى الجيش التونسي عن حياده ويزيح الرئيس قيس سعيّد قبل أن يتولى إدارة شؤون البلاد.. إلى أي مدى تتفق معه في هذا التصور؟
السيد جيسار متابع للحياة السياسية في تونس منذ عقود، وله معرفة دقيقة بأوضاع البلاد، لكن تكهناته التي أشرت إليها لا تلزمه إلا هو. الجيش التونسي مؤسسة عريقة قامت على الحياد في الحياة السياسية وهي إلى حد الساعة ملتزمة بالانضباط والحياد. لكن هل يُدفع الجيش إلى التدخل في صورة إذا ما تعرضت البلاد إلى خطر الفوضى؟ لا أحد يعلم أو بإمكانه أن يتنبأ.
لو كانت هناك فرصة لإزاحة قيس سعيّد عن السلطة لكن بشرط أن يكون هناك "خروج آمن له".. هل تقبل بذلك أم أنك ستُصرّ على ضرورة إحالته إلى "محاكمة عادلة وعلنية"؟
في السؤال قفز على الأحداث، نحن لسنا في طور ما بعد عودة الديمقراطية، بل في ما قبلها ولا نطرح إلا القضايا التي تطرحها الأحداث الراهنة.
أخيرا، ما السيناريوهات التي تتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة؟ وما مستقبل نظام قيس سعيّد؟
نظام قيس سعيّد لا تتوفر له مقومات البقاء. الأزمة السياسية ستجد حلها، وحلها الطبيعي والوحيد هو العودة للشرعية الدستورية مهما كان السيناريو المرجح. الآن، يتميز الوضع بعزلة النظام داخليا وخارجيا كما يتسم بعجز النظام عن معالجة الأزمة المالية والاجتماعية، وبالمقابل لم تتشكل بعد قوة التغيير بمعنى أن قوى التغيير لا زالت مُشتتة، وهي بذلك عاجزة عن تقديم البديل والقيام بدور الولادة. وإذا ما استمر الأمر على هذا الحال فالتطور مفتوح على كل الاحتمالات.
أحمد نجيب الشابي في سطور
سياسي ومحام تونسي بارز، وُلد يوم 30 تموز/ يوليو 1944 لأسرة ميسورة الحال. درس الطب ثم القانون، لكنه التحق بسلك المحاماة في سن الأربعين على خلفية نشاطه السياسي الذي حال دون إنهاء دراسته للقانون إلا عام 1984.
منذ بواكير شبابه، تشبع بالفكر اليساري والاشتراكي وتبنى الفكر القومي الناصري، ومارس العمل السياسي منذ الستينيات، وشارك في تأسيس بعض الأحزاب والتنظيمات السياسية التونسية.
كان أحد أبرز المعارضين لنظامي الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. خاض معارك نضالية مختلفة من أجل الديمقراطية والحريات، وحُكم عليه بالسجن بسبب نشاطه السياسي البارز.
بدأت معاناته مع الاعتقالات منذ العام 1966، وقضت عليه محكمة أمن الدولة عام 1968 بالسجن لمدة 11 عاما، لكن صدر عفو عنه في آذار/ مارس 1970.
لكنه خضع للإقامة الجبرية عام 1971، الأمر الذي اضطره للجوء إلى النفي الاختياري للجزائر، ثم رحل إلى فرنسا وتفرغ للنضال ضمن حركة "آفاق العامل التونسي"، وهي منظمة غير قانونية محسوبة على أقصى اليسار.
عاد مرة أخرى إلى وطنه عام 1977، وأسّس الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض عام 1983، لكنه لم يحصل على الترخيص القانوني إلا عام 1988.
اقترب من الإسلاميين من خلال جبهة "18 تشرين الأول/ أكتوبر"، وهي إطار سياسي جمع الإسلامي باليساري بالعروبي عام 2005، وتشكّلت في أعقاب أشهر إضراب جوع في تاريخ المعارضة التونسية ضد الاستبداد.
دافع عن حق التونسيات في لبس الحجاب الذي كانت سلطة المخلوع "بن علي" تحاول منعه مطلقا في المدارس والجامعات.
سعى إلى الترشح للانتخابات الرئاسية عامي 2004 و2009، لكنه واجه عقبات دستورية حالت دون ذلك.
انضم إلى الحكومة الانتقالية الأولى التي تشكّلت عقب اندلاع ثورة الياسمين عام 2011، وتولى منصب وزير التنمية الجهوية قبل أن يستقيل منها بعد فترة وجيزة جدا، احتجاجا على اشتراط الباجي قايد السبسي أثناء تشكيل حكومته الجديدة على أعضائها عدم الترشح لانتخابات المجلس التأسيسي.
لاحقا، اُنتخب في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 عضوا في المجلس الوطني التأسيسي على قائمة "الحزب الديمقراطي التقدمي".
جرى انتخابه يوم 9 نيسان/ أبريل 2012 رئيسا للهيئة السياسية العليا للتحالف باسم "الحزب الجمهوري"، وذلك في أعقاب اندماج "الحزب الديمقراطي التقدمي" مع "حزب آفاق تونس" و"الحزب الجمهوري".
هذا التحالف تطور إلى تحالف "الاتحاد من أجل تونس" عام 2013، عقب انضمام أحزاب أخرى منها "حزب نداء تونس"، إلا أنه لم يستمر طويلا حتى انتهى عام 2014.
أما في 31 أيار/ مايو 2022 أعلن تأسيس جبهة الخلاص الوطني التي تجمع قوى سياسية معارضة للرئيس التونسي قيس سعيّد، وبات اسمه في صدارة المشهد التونسي المعارض.