هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في تحريك شبه نسبي للمياه السياسية الراكدة في الأزمة العراقية، أكد الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، الجمعة، استعداد الإطار التنسيقي لإجراء انتخابات مبكرة والتجاوب مع التيار الصدري بخصوص تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
جاء ذلك في تصريحات تلفزيونية لأمين عام "عصائب أهل الحق" أحد مكونات الإطار التنسيقي خلال استضافته في برنامج لقاء خاص على شاشة العراقية الإخبارية.
وحتى إعداد هذا التقرير لم تصدر أية ردود سياسية أو تصريحات عن التيار الصدري حيال تصريحات الخزعلي، في الوقت الذي يترقب فيه كثيرون ردا إيجابيا يضع حدا لمتوالية الأزمات التي عطلت الحياة السياسية في العراق بعد بروز النتائج.
و"الإطار التنسيقي" (المقرب من إيران) ائتلاف سياسي عراقي تشكّل في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 من قوى شيعية بهدف تشكيل حكومة محاصصة توافقية، وعارضه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مطالبا بحكومة أغلبية سياسية.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن الخزعلي تأكيده خلال المقابلة المتلفزة أن "كل ما يطلبه التيار (الصدري) سيجد تجاوبا من الإطار لمناقشته".
وأشار إلى أن "الإطار منفتح على التيار الصدري وهو متجاوب معه لتجاوز الأزمة السياسية"، وأضاف: "إن كان التيار يريد العودة للبرلمان فتوجد انتخابات مبكرة، وإن كان يريد المشاركة بالحكومة فالإطار مرحّب ومستعد لأن يعطي نصف استحقاق المكوّن الشيعي إلى التيار الصدري للمشاركة".
ولفت الخزعلي إلى أنه "يعتقد أن محمد شياع السوداني مستعد للتنازل عن ترشيحه لمنصب رئيس الوزراء من قبل الإطار، إذا كان الحلّ باعتذاره".
وأضاف أن "الإطار على استعداد لأن يشارك التيار في الحكومة على مقدار الكتلة الصدرية التي استقالت".
وأكد أن "كل قوى الإطار التنسيقي موافقة على إجراء انتخابات مبكرة لإرضاء الإخوة في التيار الصدري، ويبقى تحديد موعدها منوطا بتقدير الأمور الفنية التي تحتاجها المفوضية".
وأضاف الخزعلي أن الإطار التنسيقي "مستعد للتعامل مع ما وصفها بالمطالب المنطقية لحل الأزمة"، واصفا الحديث عن تشكيل وفد للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لحل الأزمة بأنه "شائعة".
ولفت إلى أنه "بالنسبة للإطار التنسيقي لا فرصة لولاية ثانية لرئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي".
وأردف بأن "العراق دولة، ووجود الدولة يستلزم وجود عملية سياسية تتشكل خلالها الحكومة مع وجود البرلمان"، وشدد الخزعلي على أن "الإطار التنسيقي كان منفتحا على الحلول لإنهاء الأزمة السياسية".
وتابع: "هناك اختلاف سياسي معروف، وعملنا على تجاوز الخلافات لتشكيل حكومة مستقرة، وأن نمضي معا باتجاه تشكيل حكومة تستفيد من الوفرة المالية لتقديم الخدمة للناس".
ورأى الخزعلي، أنه "لا يمكن إعادة عقارب الساعة في إعادة نواب الكتلة الصدرية إلى البرلمان، ومن أجل عودتهم لا يوجد حلّ غير الانتخابات المبكرة".
ومنذ 30 تموز/ يوليو الماضي، زادت حدة الأزمة السياسية التي بدأت قبل نحو عام في العراق، حيث بدأ أتباع التيار الصدري اعتصاما داخل المنطقة الخضراء في بغداد، رفضا لترشيح تحالف "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء، ومطالبةً بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة.
وفي 5 أيلول/ سبتمبر الجاري، انتهت الجلسة الثانية للحوار الوطني إلى تشكيل "فريق فني" من القوى السياسية لمناقشة وجهات النظر بغية الوصول إلى انتخابات مبكرة.
وحالت خلافات بين تحالفي التيار الصدري (شيعي) والإطار التنسيقي (شيعي مقرب من إيران) دون تشكيل حكومة منذ إجراء الانتخابات التشريعية الأخيرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2021.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، ردّت، في 7 أيلول/ سبتمبر، الدعوى المقدّمة من عدد من قيادات التيار الصدري، التي تدعو إلى حلّ مجلس النواب، مرجعةً ذلك إلى أنّ حل المجلس ليس من اختصاصها.
وأتى ذلك بعد أن طالب زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، القضاء بحلّ البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة.
وكان رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، دعا بدوره إلى تضمين جدول أعمال جلسة الحوار الوطني تحديد موعد للانتخابات البرلمانية المبكّرة، وانتخاب مجالس المحافظات في موعد أقصاه نهاية العام المقبل.
اقرأ أيضا: هل تخلى حلفاء الصدر عنه بعد تأييدهم تشكيل حكومة بالعراق؟
توقيت دعوة الخزعلي
ولعل اللافت في دعوة الخزعلي أنها جاءت بعد قراره إغلاق مكاتب حركته في الأول من أيلول/ سبتمبر الجاري، عقب تحذيرات من مكتب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، تزامنا مع اشتباكات وقعت بين الطرفين في البصرة بجنوب البلاد.
وأمر حينها الخزعلي "العصائب" بغلق مكاتب الفصيل المسلح المحسوب على إيران حتى إشعار آخر، وقال حينها في بيان عبر حسابه على "تويتر": "هناك من يتربص بنا ويريد تأزيم الأمور، فوتوا الفرصة عليهم وأفشلوا مخططهم".
وأضاف: "أطلب من الإخوة في عصائب أهل الحق غلق كافة مكاتب الحركة بدءا من الآن وإلى إشعار آخر، وأي مكتب يراد حرقه فليحرقوه".
تحالف السيادة السني
وكان لإعلان تحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، منتصف أيلول/ سبتمبر الجاري، عن تأييدهما الذهاب نحو تشكيل حكومة جديدة تتمتع بكامل الصلاحيات، قد طرح تساؤلات عدة عن مصير تحالفهما مع التيار الصدري، ومدى ذهابهما للتحالف مع الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة.
وجاء قرار الطرفين حينها بعد اجتماع عُقد في أربيل، بين مسعود البارزاني وخميس الخنجر ومحمد الحلبوسي، أكدوا فيه أهميةَ إجراء انتخابات مبكرة بعد تهيئة المتطلبات القانونية ومستلزماتها وفق الآليات الدستورية يسبقها تشكل حكومة كاملة الصلاحيات.
ورأى السياسي العراقي المعارض أحمد الأبيض حينها أن "ما جرى تخل واضح عن الصدر من الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، وتحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر ومحمد الحلبوسي، والانصياع بشكل مباشر للأوامر الإيرانية".
وأوضح الأبيض في حديث لـ"عربي21" أن "ذلك يأتي في ظل تدفق أعداد كبيرة جدا من الإيرانيين إلى العراق حاليا، وهناك شكوك بأن قسما منهم ليسوا زوارا لأربعينية الحسين، وإنما تحسبا من طهران لأي طارئ قد يحصل في العراق بعد زيارة الأربعين في الأسبوع المقبل".
وتوقع السياسي العراقي أن "يحصل نوع من التصادم بين الجناح المسلح للتيار الصدري (سرايا السلام) وبين المليشيات المرتبطة بالإطار التنسيقي في حال مضى القوم في عقد جلسة البرلمان في الـ20 من الشهر الجاري، لأن هناك شبه اتفاق على ذلك وإن لم يعلن".
وبحسب الأبيض، فإن "الحلبوسي يبحث عن مصالح شخصية، لأنه يعتقد أنه إذا بقي في مواجهة خصومة مع الإطار الموالي لإيران، فإنهم سيعملون على إزالته من رئاسة البرلمان، لذلك فهو يعمل على إرضائهم بعقد جلسة البرلمان، وذهب إلى البارزاني لأخد موافقته".
ولفت إلى أنهم "اتفقوا على المضي في تشكيل الحكومة، دون المرور بموضوع حل البرلمان، وعندما يعِدون بإجراء انتخابات مبكرة، فلا أحد يعرف متى تجرى، بعد عام أو عامين! لكن هذه الخطوة تحتاج إلى حل البرلمان حتى يكون هناك إلزام بعد 60 يوما لإجراء الانتخابات".
ورأى الأبيض أن "الحلبوسي لا يريد حل البرلمان، وأن البارزاني يسعى إلى استخلاف برهم صالح بمرشح آخر لرئاسة الجمهورية وتبقى رئاسة الجمهورية للاتحاد الوطني الكردستاني، لذلك فقد تلاقت المصالح بينهم".
وكان النائب عن "الديمقراطي الكردستاني" جياي تيمور، أعلن أن "الإطار التنسيقي ليس خصمنا، وإن كان التيار الصدري حليفنا"، وذلك تعليقا على دعوة وزير الصدر لـ"السيادة" و"الديمقراطي"، إضافة إلى المستقلين للانسحاب من البرلمان، حتى "يفقد شرعيته ويحل مباشرة".
وقال "وزير الصدر" في بيان، إن "حل البرلمان ممكن بلا عودة الكتلة الصدرية ولا سيما مع وجود حلفائها وبعض المستقلين بالبرلمان"، داعيا إلى إبقاء "رئيس الجمهورية، برهم صالح، في منصبه بعد حل البرلمان، بينما يقود مصطفى الكاظمي حكومة لتصريف الأعمال والإشراف على الانتخابات المبكرة".
وفي آذار/ مارس الماضي، أعلن التيار الصدري مع "السيادة السني" و"الديمقراطي الكردستاني"، عن تشكيل تحالف "إنقاذ وطن" من 170 نائبا، وتسمية هوشيار زيباري مرشحا لرئاسة الجمهورية، وجعفر الصدري لرئاسة الحكومة، لكنهم لم يفلحوا في ذلك، ما دفع الكتلة الصدرية للاستقالة من البرلمان بعد ثلاثة أشهر من إعلان التحالف.
من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي الدكتور سعدون التكريتي لـ"عربي21" إن "قرار تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، المتمثل بالذهاب مع خيار تشكيل الحكومة والانحياز إلى الإطار التنسيقي، وعدم الانسحاب من البرلمان، كان أمرا متوقعا".
ورأى التكريتي أن "الموقف المفهوم من قرار السيادة والديمقراطي، ربما لوجود رضا إيراني ودفع تركي لذلك، وسط تأييد المجتمع الدول لعدم الانقلاب على النظام السياسي في العراق، بالطريقة التي يسعى إليها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر".