هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر
اقتصاديون من تداعيات سلبية لقرار مصرف سوريا المركزي تخفيض سعر صرف الليرة
السورية أمام الدولار في نشرة صرف العملات الأجنبية الرسمية، إضافة إلى رفع سعر
صرف الدولار في النشرة المخصصة لدفع البدل النقدي "البدلات" للخدمتين
العسكرية والاحتياطية.
وبارتفاع
مقداره نحو 200 ليرة لكل دولار، بلغ سعر الأخير في النشرة الأولى التي يخصصها
المركزي لتمويل المستوردات الخارجية عند 3015 ليرة مرتفعاً من 2814 ليرة سورية.
ورغم
ادعاء حكومة النظام السوري أن رفع سعر الدولار لن يؤثر إلا على أسعار عدد محدود من
المواد وهي "القمح والأدوية النوعية وحليب الأطفال"، فقد شهدت الأسواق
السورية ارتفاعاً كبيراً في الأسعار.
وقالت
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، الثلاثاء، إن نشرة المصرف المركزي لا
تؤثر إلا بالمواد التي يتم تمويلها من قبل المصرف، وهي حصراً القمح والأدوية النوعية
وحليب الأطفال، ولا تؤثر إلا على مستوردات الدولة من هذه المواد.
وهددت
في بيان أن رفع سعر أي مادة أو منتج غذائي أو غير غذائي، يعرض من يرفع سعره
لعقوبات القانون رقم 8 لعام 2021 وغراماتها الحبس لمدة 7 سنوات، وطلبت من جميع من
رفع سعره إعادته إلى ما كان عليه.
وعن
الأسباب التي استدعت قرار المركزي، يشير الخبير الاقتصادي الدكتور محمد حاج بكري،
إلى تزامن الخطوة مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وتجاوزه حاجز الـ4500
ليرة سورية لكل دولار.
ويوضح
لـ"عربي21" أن النظام يريد ضبط الأسعار، من خلال تثبيت سعر الصرف عند
مستوى معين، رغم أن الأسعار في الأسواق غير مقيدة في الأصل بنشرة سعر العملات
الأجنبية الصادرة عن المصرف.
ومع
ذلك، يؤكد حاج بكري أن الفرق ما يزال كبيراً بين سعر الدولار الرسمي وسعر السوق
السوداء، ويقول "حتى سعر الدولار في السوق السوداء (4500 ليرة لكل دولار) هو
سعر غير حقيقي، لأن التسعير يأتي نتيجة القرارات الأمنية، أي منع تداول الدولار،
وليس وفق العرض والطلب".
ويقول
الخبير الاقتصادي، إن النظام اليوم لم يعد قادراً على توجيه السوق، وخاصة بعد أن
فقدت الليرة وظائفها الأساسية (التداول، الادخار، التسعير).
الحوالات
الخارجية والمنظمات الدولية
وبحسب
حاج بكري "يحاول النظام من خلال رفع سعر صرف الدولار الرسمي سد الفجوة بين السعر
الرسمي وسعر السوق السوداء، لأهداف عديدة منها الحوالات الخارجية التي تصل من
المغتربين للداخل السوري، وذلك بهدف الحد من الإقبال على قنوات التحويل المالي غير
الرسمية".
وفي
السياق ذاته، يقول الباحث الاقتصادي السوري، أدهم قضيماتي، إن أسبابا عديدة
متضافرة أدت إلى قرار تخفيض سعر صرف الليرة رسميا، منها الأزمة الاقتصادية التي
يعيشها العالم، وانخفاض قيمة عدد كبير من العملات المحلية.
وفي
حديثه لـ"عربي21"، يشير قضيماتي إلى الضغط الكبير من المنظمات الإنسانية
الدولية العاملة في سوريا، حيث يتم حصر التدفقات النقدية لهذه المنظمات بالمركزي
السوري ووفق التسعيرة الرسمية في حين أن سعر الدولار في الأسواق يتجاوز ذلك بكثير،
وهو ما زاد من شعور المنظمات بـ"الغبن".
اقرأ أيضا: أمريكا: جيش روسيا بسوريا أصبح أكثر عدوانية منذ غزو أوكرانيا
التداعيات
على السوق
وحول
تداعيات الخطوة على السوق، يقول قضيماتي إن تأثير خفض قيمة أي عملة رسمياً يعني
زيادة نزيفها على المدى القريب.
ويوضح
أن الدولار سيتجه إلى مزيد من الارتفاع في الأيام القادمة، ومن الطبيعي أن يزداد
التضخم بنسب كبيرة، وبالتالي زيادة العجز في القدرة الشرائية لدى غالبية السوريين.
من
جانبه، يقول الدكتور محمد حاج بكري إن السوريين يحاولون حماية ما تبقى من مدخراتهم
بالاستحواذ على العملات الأجنبية، والقرار الأخير سيؤدي إلى زيادة الطلب على
الدولار، وزيادة ارتفاع الأسعار، الذي سيفاقم من الأوضاع المعيشية الصعبة.
ما علاقة
روسيا؟
من
جهة أخرى، يربط حاج بكري بين تخفيض سعر الليرة الذي يعد اعترافاً صريحاً من النظام
بتدهور قيمة عملته، وبين الأزمة الاقتصادية التي تعيشها روسيا جراء تداعيات غزوها
أوكرانيا.
ويقول
إن "الاقتصاد السوري يرتبط بالاقتصاد الروسي، وهناك مخاوف من وصول الاقتصاد
السوري إلى الانهيار فعلاً، وخاصة أن مصارف سوريا تكاد تكون فارغة".
وتقول
أرقام اقتصادية، إن احتياطي العملات الأجنبية في مصرف سوريا المركزي تراجع من 20
مليار دولار قبل اندلاع الثورة السورية في العام 2011 إلى ما دون المليار دولار
حالياً.
وقبل
اندلاع الثورة كان الدولار الأمريكي يعادل نحو 50 ليرة سورية، والآن وصل السعر إلى
نحو 4500 ليرة.