هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في سياق تحديدنا لأهداف هذا المقال الاستراتيجي في أهدافه ومحتواه ومداه الزمني والمكاني:
1 ـ من توجيه ميول النخب المخلصة والموهوبين اليقظين إلى الأزمة والواجب فعله معرفيا 10%.
2 ـ وبيان الواجب فعله وأولوياته وترتيبه فيما أطلق عليه بفتح الفتوح 20%.
3 ـ وتعريف الموهوبين المخلصين بدليل معيارى وخريطة طريق واضحة نحوبناء وتأهيل أنفسهم لأداء مهمتهم في إنتاج وتمكين المعرفة الجديدة 70%.
تناولنا في المقال السابق:
ـ أزمتنا العربية والإسلامية وعمقها في ضعف المنتج البشري في الطبقات الثلاث: الفكر والتخطيط والتنفيذ.
ـ وأهم الأمراض التي أصابت الطبقة الأهم وهي الأولى الفكرية، والآثار الكارثية لذلك.
ـ ثم الواجب فعله بإنتاج جيل فتح الفتوح من الباحثين ومنتجي المعرفة الجدد، وأهم سماتهم الأساسية.
ـ وبيان السياسات العامة الضامنة لإعداد فتح الفتوح لنفسها في بيت الفرعون، وأبرز التحديات التي ستواجهم وكيفية التعاطي معها.
لننتقل إلى الجزء الأهم والذي سنجيب فيه على سؤال الكيف؟
نؤكد في بداية الطريق أن:
1 ـ تطور المجتمعات والدول يحتاج إلى نظرة فكرية ورؤية إستراتجية ومنهج عمل، وإنتاج المعرفة وتوثيق العلم وبناء الفكر، وهو بلاشك فن المستحيل، وأصعب وأهم المغامرات البشرية والتي يكللها النجاج عندما يختبر إنتاجها المعرفي الجديد، ويطبق بنجاح وتوثق لتقدم المجتمعات البشرية حلولا مبتكرة، وتنجز للإنسانية نقلات نوعية، وتضيف للرصيد الفكري الإنساني جديدا للمستقبل.
وحين لا يكون الممكن ممكنا، كما في حالتنا العربية والإسلامية الحالية، عندها لابد من اتخاذ المستحيل طريقا، لتتقدم فئة الرواحل الكبرى ـ فتح الفتوح ـ لإنقاذ الأمة معرفيا وعمليا . مع الإيمان بأن الشطحات العقلانية أحد أهم مفاتيح إنتاج المعرفة، والتي تتطلب الإلتزام الكبير بالعقلانية التنويرية لتؤتي ثمارها المعرفية المتجددة.
2 ـ وفي القلب نتسلح ببوصلتنا الرسالية لله تعالى وحده لا شريك له رحمة للعالمين وطلبا لرضاه وعفوه، واعين بأن إنتاج المعرفة والعلم وبناء الفكر ليس غاية في ذاته وإنما هو وسيلة لتحسين حياة الأنسان، وإعلاء الرسالة الحق في هذا العالم، وهي رسالة الإسلام العظيم، ولذلك فإن كل علم في عقل أي عربي ومسلم لم يستخدم في تحرير الشعوب العربية والإسلامية وتنميتها ونهضتها فلا قيمة له عند رب العالمين، بل هو حجة ووبال على صاحبه يوم القيامة، لما لم تستخدمه في تحريرونهضة العرب والمسلمين والناس جميعا من استبداد وطغيان الظالمين المتألهين على البشر من دون الله تعالى، فالعلوم المتجددة شاء من أنتجها أو لم يشأ هي الوقود المحرك للمشاريع السياسية الجارية عالميا .
3 ـ الوعي بأن عدم وضع العلم والفكر الجديد في سياق مشروع عربي إسلامي جيوإستراتيجي كبير بلا شك سيجعله عرضة وفريسة للسرقة والتحول لاستخدامه ضمن المشروع الجيوإستراتجي للخصوم أعداء الله تعالى، وإن كذبوا وخدعوا وقالوا للأسرة الإنسانية كافة .
مراحل الإعداد والتأهيل
أولا ـ التأهيل العلمي التأسيسي الخاص: من منظومة علوم الأداة والغاية والمكملة والتي قمت بتطويرها وبيانها ورسم خريطتها الحديثة المعاصرة وفق علوم العصر، بعد الجهود الطيبة لعلمائنا في القرون السابقة والتى توقفت على العلوم الدينية فقط.
ثانيا ـ التأهيل الأكاديمي وشروطه ومعاييره وأماكنه وكيفية تحقيق بأفضل وأسرع ما يمكن، وتحديد المجال والإطارالعام للدراسات العليا بما يخدم الغاية الكبرى.
ثالثا ـ التأهيل الواقعي بالواقع العالمي ومدارس بناء الإنسان والمجتمع فيه، وبالواقع المحلي وأزماته التاريخية العميقة وتحدياته ومشاكله وعقباته الحالية والمتجددة، بمعنى المتابعة المستمرة لحالة المريض المستهدف علاجه، ومسارات وأنواع العلاج الحديث عالميا.
رابعا ـ التأهيل العلمي التأسيسي الخاص لفتح الفتوح صناع ثورة المعرفة العربية والإسلامية القادمة بفهم أنواع العلوم وإمتلاك الأساسي واللازم منها بحسب مجال التخصص، وقديما قدم العلماء تقسيما للعلوم اقتصروا فيه على العلوم الدينية فقط دون الذهاب إلى بقية العلوم الإنسانية المنتجة بشريا، ناهيك عن العلوم الكونية، حيث قسموا العلوم إلى :
ـ علوم الأداة أو الآلة: اللغة العربية وعلوم القرآن ومصطلح الحديث وأصول التفسير وأصول قواعد الفقه.
ـ وعلوم الغاية: التفسير والحديث والعقيدة والفقه.
ـ وعلوم المكملات: الفكر والمنهج والتراجم والطبقات والشعر والأدب والتاريخ والسير.
التقسيم الحديث للعلوم نموذجا
وفي سياق ما بلغته البشرية من تطور في العلوم والمعارف قمت بتطوير نظرية تقسيم العلوم على ثلاثة قواعد :
ـ القاعدة الأولى: شمول العلوم الدينية وغير الدينية والإنسانية والكونية القديمة والحديثة المتجددة.
ـ القاعدة الثانية: عملا بمبدأ وحدة منظومة العلوم الإنسانية، وكذلك وحدة العلوم الكونية، ووحدة العلوم الإنسانية والكونية معا، والتوسع لشمول كافة مفردات منظومة العلوم الإنسانية والكونية بحسب التخصص.
ـ القاعدة الثالثة: الدورالوظيفي لهذه العلوم كعلوم وظيفية لإنتاج معرفي لازم لعلوم الغاية الخاصة بالفعل والإنجاز الحضاري المباشر..
تقسيم الديب للعلوم المعاصرة:
في هذا السياق على طلاب العلم الذين يعدون أنفسهم للبحث العلمي والإنتاج المعرفي في التخصصات المختلفة عليهم تأسيس فهم معرفي بأكبر قدر من العلوم الوظيفية الداعمة لتخصصهم في علوم الغاية التي سيتخصصون فيها، وبقدر تأهليهم معرفيا من العلوم الوظيفية بقدر قدرتهم على استيعاب علوم الغاية والإبحار والبحث فيها واستكمال مسيرة البحث والإنتاج المعرفي المتجدد فيها .
مثال: طلاب العلم الساعين للتخصص في علوم التربية والتعليم وبناء الإنسان والمجتمع الحضاري الحديث وتحقيق نقلات نوعية في بناء الإنسان والمجتمع وإنجاز تحولات اقتصادية وجتماعية وسياسية كبرى عليهم تأسيس أنفسهم في العلوم الوظيفية التالية :
1 ـ العلوم الدينية الأساسية
2 ـ علم فلسفة تراجم الأعلام البشرية
3 ـ علم الإجتماع البشري والسياسي
4 ـ علم فلسفة التاريخ
5 ـ علم الإحصاء والتحليل
6 ـ علم اللغة
7 ـ علوم الكمبيوتر وتكنولوجيا الإتصال
8 ـ علوم الإدارة المؤسسية والتربوية
9 ـ علوم التفكير والإبتكار
10 ـ علم التخطيط والإستشراف المستقبلي.
بالإضافة إلى علوم الفكر الديني وتطبيقاته الحضارية في مجال التربية وبناء الإنسان والمجتمع، ستشكل بنية معرفية تأسيسية قوية لولوج علوم التربية والتعليم، وكلما اتسعت وتعمقت درجة الاستيعاب والإداراك المعرفي لهذه التخصصات كلما تعززت قدرة الباحث على الإنتاج المعرفي المتجدد الفاعل في مجال التربية وبناء الانسان والمجتمع.
وللحديث بقية إن شاء الله عن التأهيل الأكاديمي والواقعي العملي للباحثين ومنتجي المعرفة رواد ثورة المعرفة القادمة.