هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن الأزمة الدبلوماسية التي تسبب فيها الرئيس التونسي قيس سعيّد مع المغرب باستقباله رسميا زعيم جبهة البوليساريو قبل انعقاد "مؤتمر تيكاد".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قيس سعيّد استقبل إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية منذ عقود. وقد أثار ذلك حفيظة المملكة المغربية إلى أجل غير مسمى.
وذكرت الصحيفة أن الجزائر من الدول التي تدعم غالي بينما تعتبره الرباط إرهابيًا، وبسبب هذا الصراع يطغى التوتر والقطيعة على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي سنة 2021، دفعت إسبانيا الثمن باهظًا لإيوائها سرا الزعيم غالي في عيادة خاصة في مدريد. وعلى خلفية ذلك، استدعى المغرب سفيره في مدريد لأسابيع طويلة وسمح بتسلل سبعة آلاف مهاجر إلى جيب سبتة الإسباني في غضون ساعات قليلة.
الرباط و"العداء" المتزايد من قبل تونس
في 26 آب/أغسطس، جاءت الإهانة هذه المرة من بلد قريب يعرف بدبلوماسية "الحياد الإيجابي". منذ عهد الرئيس بورقيبة، أول من توقع الضرر الذي قد يلحقه الصراع بين الجزائر والمغرب بالمنطقة، مارست تونس سياسة الامتناع وعرضت مساعيها الحميدة لهذا النموذج. لكن قيس سعيّد خرق عقيدة احترمها جميع أسلافه، من الديكتاتور بن علي إلى الرؤساء المنتخبين ديمقراطيًا. لذلك كان لخبر استقبال إبراهيم غالي وقع مزلزل في المنطقة المغاربية المفككة.
وبينما كانت كل الأنظار متجهة إلى الجزائر العاصمة، مقر زيارة إيمانويل ماكرون الرسمية، تحولت الأضواء فجأة إلى تونس عندما قرر المغرب استدعاء سفيره للتشاور وعلّق زيارته إلى "تيكاد" (منتدى التعاون الياباني الأفريقي).
أشارت الصحيفة إلى أن وسائل الإعلام المغربية، على غرار موقع ميديا 24، لم تتردد عن قول إن "تونس قيس سعيّد ألقت بنفسها بالكامل في أحضان الجزائر" وأن "المواقف والأفعال السلبية تجاه المملكة المغربية ومصالحها العليا تضاعفت مؤخرا". ويبدو أن قرطاج ستدّعي أن استقبال إبراهيم غالي كان في إطار تيكاد، وهي حجة لن تقنع أحدا.
التأثير المتزايد للجزائر على قرطاج
في 20 آب/ أغسطس، كان الخطاب السنوي لمحمد السادس حازما تضمن رسالة واضحة للعالم مفادها أن "قضية الصحراء هي العامل الذي يأخذه المغرب بعين الاعتبار فيما يتعلق بعلاقاته الدولية". بالنسبة للمغرب، ليس هناك مجال للمراوغات والخطأ الدبلوماسي فالصحراء الغربية إما مغربية أم لا. وبينما تلقت الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وصربيا وهولندا والبرتغال والمجر وقبرص ورومانيا بالفعل التهاني من الملك على "موقفهم البناء"، لم يكن الأمر كذلك في تونس.
أوردت الصحيفة أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية غير مسبوقة مع رئيس يسيرها دون ضوابط وتوازنات منذ انقلابه على الدستور في 25 تموز/ يوليو 2021، وفتح جبهة ضد المغرب في هذه الظروف مغامرة محفوفة بالمخاطر. لطالما اعتبر سعيّد مقربًا من النظام الجزائري. ومن جهتها، لم تفتح الجزائر حدودها مع تونس سوى في منتصف تموز/ يوليو 2022 - بعد إغلاق تم توضيحه رسميًا لأسباب صحية.
اقرأ أيضا: أزمة مغاربية.. تونس تسحب سفيرها ردا على "مغالطات" المغرب
وأشارت الصحيفة إلى أن العلاقات بين البلدين تدهورت على إثر زيارة قيس سعيد للجزائر خلال احتفالات الذكرى الستين لاستقلال الجزائر. وتسبب استقبال الرئيس التونسي لإبراهيم غالي في المطار ولقائه في قصر قرطاج في أزمة دبلوماسية سيكون من الصعب حلها. ومهما كانت الأسباب، فقد عرف الرئيس سعيّد رد الفعل السريع للمملكة المغربية.