هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتصاعد الحديث في الأوساط السياسية الليبية عن جهود لتشكيل حكومة ثالثة "مصغرة"، مهمتها المعلنة الوصول للانتخابات المتعثرة، وذلك على ضوء استمرار الصراع على السلطة بين حكومتي عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، وفي ظل مخاوف من تحول ما يجري إلى مواجهات عسكرية في بلد مزقته الحروب والصراعات السياسية والعسكرية.
وتحدثت أنباء عن توافق بين رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري حول البحث عن بديل للسلطة التنفيذية الحالية بعيدا عن الدبيبة وباشاغا، إلا أن مصادر مقربة من رئيس البرلمان نفت الأمر، مؤكدة أن عقيلة أبلغ المشري بتمسكه بحكومة باشاغا.
وكان رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، قد ألمح إلى فكرة تشكيل حكومة "ثالثة" مصغّرة تجهز للانتخابات المرتقبة، قائلا: "الحكومتان (الدبيبة وباشاغا) لا تريدان الذهاب إلى الانتخابات حتى بعد 5 سنوات، وحكومة الدبيبة لا تستطيع إجراءها؛ لأن نفوذها مقتصر على طرابلس وبعض المدن. لذلك، علينا التوافق على قاعدة دستورية وحكومة مصغّرة هدفها إجراء الانتخابات فقط".
اقرأ أيضا: لقاء يجمع "عقيلة والمشري" في القاهرة لبحث "حكومة ثالثة"
وفي مقابلة تلفزيونية مع قناة محلية مؤخرا، طالب المشري، باشاغا، بتقديم استقالته، وكذلك الدبيبة بقبول التغيير من أجل إنقاذ العملية الانتخابية، متهما الحكومتين بعدم قدرتهما أو نيتهما في إجراء انتخابات في أجل قريب، على حد قوله.
لقاء في القاهرة
وكشف مصدر مسؤول بمجلس الدولة الليبي أن "رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة مساء أمس الأحد استعدادا للقاء رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح".
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "لقاء رئيسي المجلسين سيتناول استكمال ما تناوله الطرفان في اجتماعات تركيا ومنها مقترح بديل ثالث للسلطة التنفيذية المنقسمة بين الدبيبة وباشاغا".
وأكد أن "اجتماع القاهرة بين المشري وعقيلة سيفتح النقاش حول مقترح تقدم به نائب المجلس الرئاسي الليبي، عبد الله اللافي خلال زيارة تركيا وينص على حكومة ثالثة تقتصر على عشر وزارات برئاسة اللافي أو ربما برئاسة المشري نفسه، لكن هذا الطرح لا يلقى قبولا من عقيلة ولا من غالبية مجلس الدولة"، وفق معلوماته.
خروج من المأزق
ويرى الخبير الإيطالي دانييلي روفينيتي أنه يمكن إيجاد حل قريبا في ليبيا للخروج من المأزق المؤسسي يتمثل في حكومة ثالثة تكون مهمتها الوحيدة هي بناء المسار الانتخابي.
ووفقاً لموقع "ديكود 39" الإيطالي، فقد رجّح روفينيتي أن تكون هناك بين نهاية آب/ أغسطس وبداية أيلول/ سبتمبر أخبار مهمة في ليبيا؛ مشيرا إلى أن السيناريو الذي يجب بناؤه يتمثل في طريق ثالث وهو حكومة مصغرة يمكنها التغلب على المأزق بين حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة والحكومة المكلفة بقيادة فتحي باشاغا.
اقرأ أيضا: هل تنجح تركيا بالتقريب بين البرلمان الليبي ومجلس الدولة؟
ولفت روفينيتي إلى أن القاهرة وأنقرة أظهرتا رغبتهما في تهدئة العلاقات المتبادلة، فيما يعمل الملف الليبي كاختبار تشغيلٍ أيضًا لأنه يمثل مصلحة مباشرة للبلدين، معتبرا أن العمل التركي المصري قد يضفي شرعية على الحل الجديد قيد الإنشاء؛ لأن العديد من الفاعلين الليبيين يعتبرون البلدين مرجعية.
لكن عضو المجلس الأعلى للدولة، عادل كرموس قال في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن الحديث عن أي خيار ثالث القصد منه إطالة عمر الحكومة الحالية منتهية الولاية (حكومة الدبيبة)، مشددا على أنه من المستغرب أن يُطرح هذا الأمر على مجلس النواب الذي اختار الحكومة (حكومة باشاغا) ولا يوجد أي مبرر للمجلس أن يعدل عن قرار ويتجه نحو خيار آخر.
وحول لقاء المشري وعقيلة في القاهرة قال كرموس، إنه وفقا للمعلومات من رئيس المجلس، فإن اللقاء كان حول المسائل الخلافية بالقاعدة الدستورية ولم يتم التطرق إلى المسار التنفيذي بأي شكل.
مضيعة للوقت
في حين يعتقد الرئيس السابق للمؤتمر الوطني الليبي العام، ورئيس تيار "يا بلادي"، نوري أبو سهمين؛ أن ولادة حكومة ثالثة في البلاد تُعدّ "مضيعة للوقت، وهي وسيلة تحايل من أجل التجديد للأطراف والأجسام المنتهية الولاية"، وذلك في إشارة إلى مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري).
وأضاف أبو سهمين، في مقابلة سابقة مع "عربي21": "إذا لم ينهض الشعب الليبي لتقرير مصيره والخروج في جموع حاشدة لإسقاط المتمسكين بالسلطة؛ فالعاقبة لن تنتج خيرا لهذا البلد".
الكاتب والمحلل السياسي، فيصل الشريف قال في حديث متلفز، إن تشكيل أي حكومة جديدة وليس انتخابات يعني استمرار مخطط السيطرة، مشددا على أن مشروع عقيلة صالح وخليفة حفتر ومن خلفهما مخابرات مصر وفرنسا وروسيا لا زال يعتمد على الإطاحة بحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي، لأن ذلك سيعزز من شرعية "برلمان عقيلة ويمنحه التمديد وفي نفس الوقت يمكن عقيلة من السيطرة على صلاحيات الرئاسي بعد الإطاحة به، ليهيمن على منصب رئيس الدولة الليبية والقائد الأعلى للقوات المسلحة أعلى منصب سياسي وأعلى منصب عسكري".
وأكد أن هذا المخطط حال تنفيذه "سيضمن لعقيلة وحفتر السيطرة على المناصب السيادية في الحكومة وجميع مناصب المجلس الرئاسي لتنتقل الشرعية من العاصمة إلى حيث يجلس عقيلة وحفتر".