بعد
ثلاثة أشهر على آخر عملية فدائية في أيار/ مايو الماضي، شكلت عملية
القدس التي وقعت
في الساعات الأولى من فجر الأحد إنذارا للاحتلال كونها حصلت في البلدة القديمة من القدس
المحتلة، بزعم أن مثل هذه الهجمات يمكن أن تفرغ
حائط البراق من عشرات ملايين اليهود
الذين يترددون عليه لأداء الطقوس التلمودية، ما يجعل العملية تهديدا استراتيجيا.
والقناعة الاسرائيلية السائدة أن هجوم القدس لن يكون آخر الهجمات، فضلا عن كونه لا
يهدد فقط السلامة الجسدية للمستوطنين اليهود، بل إنه يستهدف جوهر الوجود اليهودي في البلدة
القديمة على حد تعبير
الاحتلال، كون هذه المنطقة التي وقعت فيها العملية تشهد توافد
اليهود كل عام.
نداف
شرغاي الكاتب في صحيفة "
إسرائيل اليوم"، ذكر أن "عملية القدس تعتبر
من وجهة نظر الفلسطينيين ناجحة تماما، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقدس ومقدساتها.
أما من وجهة نظر إسرائيل، فالعملية تعتبر تهديدا حقيقيا لجوهر الوجود اليهودي في القدس
القديمة وللأماكن المقدسة فيها، لأننا قبل أسبوعين فقط من شهر أيلول، حيث سيأتي عشرات
الآلاف من اليهود لزيارة حائط البراق في طقوس الغفران، ما يجعل من هذا الهجوم علامة
تحذير لهم".
وأضاف
في مقال ترجمته "عربي21" أن "مثل هذه الهجمات بالقرب من حائط البراق
وقد وقعت في الماضي خلقت تهديدا مماثلا لليهود، صحيح أن أجهزة الأمن والجيش تمكنت من
منع تقليد منفذي هذه الهجمات، وعدم تحويلها إلى موجة متلاحقة، لكن السياسة الإسرائيلية
بهذا الخصوص لم تتسم بالطابع الاستراتيجي، بل التكتيكي الآني فقط، ما جعل من عودة
هذه العمليات أمرا متوقعا في أي لحظة".
وأوضح
أن "عملية القدس وقعت بالتزامن مع حالة التوتر الأمني السائدة في المسجد الأقصى،
ولعل منفذها استلهم عمليته من أجواء تعظيم الشهداء في الساحة الفلسطينية، وأمهاتهم
اللواتي ودّعنهم بكلمات التشجيع، مع العلم أن السنوات الأخيرة شهدت استخدام قضايا القدس
والأقصى وحائط البراق لتوحيد كل الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم حول هدف مشترك".
توقف
الإسرائيليون مطولا عند أهم دلالات عملية القدس، تلك المتعلقة بمكانها، وهي القدس المحتلة،
التي تشهد في الآونة الأخيرة ذروة المشاريع الاستيطانية اليهودية؛ في محاولة مستميتة
لتغييب الحق التاريخي للفلسطينيين والعرب والمسلمين في أولى القبلتين وثاني المسجدين
وثالث الحرمين، ما جعل من عملية القدس رداً طبيعياً ومتوقعاً على هذه السياسة الإسرائيلية
الرسمية، على أمل أن تكبح جماحها، وتردعها عن المضي قدماً فيها، قبل أن يفوت الأوان.