هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
رغم الترحيب الإسرائيلي بما أسفرت عنه اتفاقيات التطبيع مع عدد من الدول العربية، لكن ما تحقق منها حتى الآن بعد مرور عامين على توقيعها ما زال أقل من المتوقع.
وتشهد العلاقات الاقتصادية السياسية رفيعة المستوى تزايدا لافتاً، لكن القناعة السائدة في تل أبيب أن الإمكانات لم تستنفد بعد، والتحديات لم تتضاءل، مما قد يستدعي من تل أبيب العمل بجدية أكبر لتعزيز الاتفاقات، بل وتوسيعها، خشية تراجعها أو انخفاض وتيرتها.
في مثل هذا اليوم، 13 آب/ أغسطس يمر عامان على توقيع الاتفاقات التطبيعية مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين، والتي جاءت نتيجة جهود دبلوماسية محمومة وسرية، وبعد أربعة أشهر من توقيعها، انضمت دول عربية أخرى، مثل المغرب والسودان، صحيح أن التقدم منظم حتى الآن، والصورة العامة متفائلة وواعدة، بنظر الإسرائيليين، لكنهم يعتقدون أن الإمكانيات الكامنة في الاتفاقيات لا تزال بعيدة عن أن تُستنفد.
مائير بن شبات رئيس مجلس الأمن القومي السابق، وديفيد أهارنسون المسؤول في معهد اتفاقات أبراهام، ذكرا أنه "توجد إمكانات كبيرة وقابلة للتحقيق لمشاريع إقليمية للطاقة والغذاء والماء؛ والصحة الرقمية والطب؛ من شأنها منع تشكيل الزخم السلبي، وانسحاب الدول من هذه الاتفاقيات، من خلال افتتاح بعثات دبلوماسية، وخطوط طيران، وتسيير رحلات جوية مباشرة بين تل أبيب والعواصم العربية، وزيارة كبار الوزراء والمسؤولين المتبادلة، وتوقيع اتفاقيات للتعاون في مجموعة واسعة من المجالات".
وكشفا في دراسة مشتركة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ترجمتها "عربي21" أن "اتفاقيات التعاون الاقتصادي والتجاري أسفرت عن زيادة كبيرة في أرقام التجارة بين إسرائيل والدول المطبّعة، والاستثمارات المباشرة بينها، وتزايد الطلب على دراسة اللغة العبرية، والإعفاء من التأشيرة، والتأشيرة الإلكترونية، بجانب تعزيز وتوسيع العلاقات الأمنية بينها، وإجراء مناورات مشتركة، في ضوء المخاوف من التهديدات".
اقرأ أيضا: خيبة أمل إسرائيلية من مستوى العلاقات التجارية مع الإمارات
ورغم ما يعتبره الإسرائيليون إنجازات تم تحقيقها خلال عامين من التطبيع مع عدد من الدول العربية، لكنهم يخشون في الوقت ذاته من حصول انتكاسات سياسية لها، لا سيما مع استمرار اندلاع المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية، رغم الجهود التي تبذل لتحييد هذه الدول عنها، والاكتفاء بمواقف إعلامية شكلية، لكن تل أبيب لا تضمن أن يستمر العمل بهذه الطريقة.
مع العلم أن أحد المشاريع الكبيرة التي تعوّل عليها دولة الاحتلال يتمثل في فتح طريق التجارة البرية إلى دول الخليج، لأن العشرات من الرحلات الجوية المباشرة التي تتم كل يوم، تساعد بالفعل في التجارة، وتسمح بشحن البضائع بينها، ولكن إلى حد محدود، لأن الشحن الجوي غير مناسب للمنتجات الكبيرة أو الثقيلة بشكل مفرط، وهو مكلف، وقد منعت قوانين الحظر المفروضة سابقًا على إسرائيل في الإمارات والبحرين نقل الشحنات عبرها، وبالتالي اضطرت الدول الأوروبية لسنوات لتصدير الشحنات البرية إلى الخليج عبر تركيا أو لبنان أو قناة السويس.
في الوقت ذاته، فإن حرب أوكرانيا أجبرت الدول الأوروبية على إيجاد مصادر إضافية للطاقة والغذاء، وفي هذه الحالة يأمل الإسرائيليون أن تتمكن دول الخليج أن تكون جزءًا من حل مشكلة نقص النفط، وإسرائيل من جانبها تكون مصدرا محتملا لصادرات الغاز الطبيعي، على أن تحوز اتفاقيات التطبيع على جزء من مجال توريد الغاز والنقل، وهو ما ينطبق على أزمة الغذاء، بحيث يمكن الاستفادة من المعرفة والخبرة التي اكتسبتها إسرائيل كشركة رائدة في مجال البروتين البديل لمنتجات اللحوم.
ولا تخفي المحافل الإسرائيلية خشيتها من تغير قد تشهده الدول العربية المطبعة معها، وبالتالي إمكانية طي صفحة هذا التطبيع، مما يدفعها للحديث عن بناء دعم شعبي للتطبيع، بما في ذلك إرساء شرعية دينية- شعبية للعلاقات مع دولة الاحتلال، وهو ما بدأ عملياً في المغرب، في ضوء نهج الملك التقليدي تجاه الثقافة اليهودية والمجتمع اليهودي.