صحافة دولية

"ذا سبيكتيتور": الغضب الصيني في تايوان يأتي بنتائج عكسية

غضب على مواقع التواصل الصينية من تراجع الصين عن تهديداتها- جيتي
غضب على مواقع التواصل الصينية من تراجع الصين عن تهديداتها- جيتي

عجّت وسائل التواصل الاجتماعي الصينية بالغضب والإحباط، لأن الجيش لم يسقط طائرة نانسي بيلوسي، أثناء توجهها إلى تايوان؛ حيث أثار الحزب الشيوعي الصيني موجة من القومية على الإنترنت.

وقالت مجلة "ذا سبيكتيتور" البريطانية في تقرير نشرته، وترجمته "عربي21"، إن القوميين يتمتعون بالكثير من الحرية على الإنترنت الخاضع لسيطرة مشددة في الصين، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى وجهات النظر المعلنة من قبل الحزب الشيوعي الصيني ذي التوجه الشوفيني المتزايد؛ حيث غضب القوميون رافضين التدريبات العسكرية التي أعقبت زيارة بيلوسي باعتبارها متأخرة جدًا وعلامة ضعف، وقد كافح الحزب، الذي يتعامل بالفعل مع اقتصاد متعثر، لكبح جماحهم.

وأضافت أنه من المرجح أن يظهر الزعيم الصيني باعتباره الخاسر الأكبر من نوبة الغضب العسكرية الصينية حول تايوان؛ حيث يمكن للأزمات أن توضح الأحداث، ولا يمكن أن تؤدي هذه الأزمة إلا إلى تعزيز العزيمة التايوانية، كما أنها ستزيد من الوعي العالمي بأهمية الجزيرة والطموحات العدوانية للحزب الشيوعي الصيني، والتي تتجاوز مضيق تايوان.

وبينت المجلة أن السفن والطائرات الصينية عبرت مرارًا وتكرارًا الخط الفاصل في مضيق تايوان ولعبت السفن الحربية الصينية والتايوانية لعبة القط والفأر؛ حيث أوقف جيش التحرير الشعبي المناورات بعد أربعة أيام بهدف استئناف المزيد من التدريبات المحدودة في اليوم التالي، مما يشير إلى أنهم سيبقون على نفس الوتيرة على الأقل خلال الأسابيع المقبلة.

على الأرجح؛ كان هدف الحزب الشيوعي الصيني من هذه المناورات هو أن يُظهر قدرته على حصار تايوان وليس إجراء تدريب كامل على الغزو الذي يتطلب قوة تصل إلى مليوني جندي. ومع ذلك؛ كان الاضطراب الذي أصاب عمليات الشحن وشركات الخطوط الجوية طفيفًا، ويشك الخبراء في قدرة جيش التحرير الشعبي على تحمل مثل هذا الضغط.

وبحسب ذا سبيكتيتور، فمهما كان الهدف الإستراتيجي، فإن عرض القوة الذي يقوم به شي هو تعبير عن فشله السياسي، ومن الأفضل النظر إلى هذه المناورات على أنها تصعيد لترهيب الجزيرة الذي اشتد في ظل حكمه حيث أن "استعادة" الجزيرة يعتبر دعامة أساسية لـ "حلمه الصيني" بالتجديد الوطني وتزايد إحباطه مع تلاشي هذا الهدف. كان من المحتمل أن تكون عمليات الترهيب المتزايدة مطروحةً مع أو بدون زيارة بيلوسي.

وأضافت المجلة: "لا يمكن للبلطجة الصينية إلا أن تلفت الانتباه العالمي إلى الفجوة السياسية الآخذة في الاتساع التي تفصل بين جانبي مضيق تايوان، ويمكن القول إن تايوان هي أكثر ديمقراطيات العالم نجاحًا؛ حيث إن تايوان تتشابه مع برلين الغربية، التي تخوض معركة وجودية ضد الدكتاتورية المحيطة بها، أصبح أمرًا لا يقاوم".

وأشارت المجلة إلى أن الوعي بالدور المحوري الذي تلعبه تايوان في اقتصاد التكنولوجيا الفائقة العالمي يتزايد؛ فهي تهيمن على إنتاج المعالجات الدقيقة الضرورية لحياتنا الرقمية، وتحتل مركز الصدارة في كل شيء من السيارات والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى الطائرات وأنظمة الأسلحة.

ولفتت إلى أن الترهيب الذي مارسته بكين مؤخراً سيؤدي إلى تسريع إعادة التفكير في تايوان في الدفاع عن نفسها، ولقد تأثر هذا الأمر بالفعل بالحرب في أوكرانيا، والتي أظهرت كيف يمكن لدولة مستضعفة ذكية وحازمة أن تحبط طموحات خصم أكبر وأقوى بكثير، وتسمي تايبيه هذا السياسة بـ "إستراتيجية النيص" المبنية على أنظمة أسلحة صغيرة ومتحركة وفتاكة للغاية، مثل الطائرات بدون طيار والألغام الذكية وأنظمة الصواريخ المصممة لزيادة تكلفة غزو صيني للجزيرة.

وذكرت المجلة أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت حذرة في استجابتها للأزمة الأخيرة، إلا أنه من المرجح أيضًا أن تعزز دعمها، وهناك بالفعل نقاش في واشنطن حول قيمة "سياسة صين واحدة" التي تعود إلى عقود من الزمن، والتي يمكن اعتبارها على أفضل وجه اتفاقية للاختلاف حول وضع تايوان، وأيضًا حول "الغموض الإستراتيجي"؛ حيث كان موقف الولايات المتحدة غامضا بشأن الدفاع عن تايوان في حالة حدوث غزو.

واختتمت تقريرها قائلة إنه إذا كان أحد أهداف الحزب الشيوعي الصيني هو تثبيط المزيد من الزيارات رفيعة المستوى إلى تايوان، فمن المحتمل أن يفشل ذلك أيضًا؛ حيث يعتزم مسؤولون حكوميون من ليتوانيا زيارة تايبيه هذا الأسبوع، ومن المتوقع أن يقود توم توجندهات مجموعة من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم في زيارة مؤجلة في وقت لاحق من هذا العام، ومن المرجح نشوب المزيد من نوبات الغضب وحصول المزيد من الزيارات؛ لأنه بفضل الصين، أصبحت تايوان وجهة "لا بد من الذهاب إليها" لأي ديمقراطي يحترم نفسه.

 

التعليقات (0)