هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال
رئيس منظمة "عدالة وحقوق بلا حدود" الفرنسية، فرانسوا دوروش، إن قمة المناخ،
المعروفة بمؤتمر الأطراف (cop 27)، والتي ستنعقد خلال
شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء المصرية
"ستُجمّل الوجه القبيح للديكتاتور العسكري النازي عبد الفتاح السيسي".
وأشار،
في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "نظام السيسي سيستغل تلك القمة
المرتقبة في محاولة غسل يديه من الجرائم البشعة التي ارتكبها على مدى السنوات الماضية،
بل إنه سيسعى من خلالها لتعزيز موقعه السياسي في منطقة الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي
سيسمح له بمواصلة انتهاكاته دون رادع داخلي أو خارجي".
وأوضح
دوروش أنه "منذ سيطرة السيسي على مقاليد الحكم في مصر بعد قيامه بانقلاب عسكري
عنيف في صيف 2013، شهدنا ورصدنا آلاف الجرائم من قتل واعتقالات واختفاء قسري وتعذيب،
وحتى إعدام للمتظاهرين السلميين".
وشدّد
دوروش، الذي شغل سابقا منصب رئيس "الاتحاد الوطني للأطباء الفيدراليين" في
فرنسا، على أن "الجرائم غير المعروفة والتي لم يتم توثيقها في مصر تبلغ أضعافا
مضاعفة مقارنة بالجرائم التي أمكن توثيقها حتى الآن".
واستطرد
قائلا: "مما يثير بالغ القلق أن يختار العالم الغربي مصر كمكان لعقد أكبر محفل
دولي حول تغير المناخ، ونحن ندرك جيدا أن تلك الخطوة تتعارض إلى حد كبير مع منظمات
حقوق الإنسان وحرية التعبير".
وتابع
الحقوقي الفرنسي: "لا نعرف ما هي الأسس والمعايير التي تم اختيار مصر على أساسها
كمستضيف لهذا المؤتمر الكبير، خاصة أن سجل مصر في احترام البيئة سيء كذلك".
مشاركة
ماكرون
وتوقع
دوروش أن يحضر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، القمة "وسيكون حضوره ليس فقط
من أجل هذه القمة، بل من أجل التباحث حول ما يحدث من تطورات دولية وإقليمية، وخاصة
القضايا المتعلقة بأزمة الغذاء والطاقة".
وذكر
دوروش أن "ماكرون خلال وجوده بمصر سيشير، ولو في حواراته الصحفية، إلى تأكيده
للسيسي على ضرورة تحسين ملف حقوق الإنسان".
وتابع:
"نعلم جميعا أن العالم يمر بأزمة كبيرة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وقد نرى
أن فرنسا لم تعطِ نتائج مرضية في ملف حقوق الإنسان، لكنها أيضا حرصت على التأكيد عليها
في كل مناسبة، لأن قيم فرنسا تحثها على ذلك".
وشدّد
دوروش على أن "الأنظمة العربية لطالما قدمت لفرنسا وأمريكا ما تريده، والمصالح
الاقتصادية والاستقرار في المنطقة يُقدّم على حقوق الإنسان للأسف".
وطالب
السلطات المصرية واللجنة التي تشرف على تنظيم فعالية مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي
باحترام الحق في التظاهر وحرية التعبير في مصر، وألا يتم منع أي احتجاجات ربما تتزامن
مع انعقاد تلك القمة الهامة، لافتا إلى أنهم بعثوا رسائل بهذا الصدد إلى المسؤولين
الحكوميين المصريين، واللجنة المنظمة للقمة، ووسائل الإعلام والمنظمات المعنية.
وكان
وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد صرّح، في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"،
في 24 أيار/ مايو الماضي، بأن حكومته تسعى لتخصيص "مرفق مجاور لمركز المؤتمرات"
في مدينة شرم الشيخ، كي يتمكّن النشطاء من تنظيم الاحتجاجات والتعبير عن آرائهم.
وذكر
شكري أيضا أن الحكومة ستوفر للمشاركين "إمكانية الوصول، كما هو معتاد في يوم واحد
من المفاوضات، إلى قاعة المفاوضات نفسها"، وفق قوله.
فيما
أثارت تعليقات شكري قلق المنظمات حيال تداعياتها المحتملة على النشاط السلمي في مؤتمر
"كوب 27"، وذلك بالنظر إلى القيود الحالية على الاحتجاج والتجمع في مصر،
والتي "ترقى إلى تجريمها الفعلي"، وفق منظمات حقوقية.
جدير
بالذكر أنه تم اختيار مصر رسميا لاستضافة النسخة 27 من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ
خلال مؤتمر غلاسكو الذي عقد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021.
محاكمة
السيسي أوروبيا
على
صعيد آخر، كشف دوروش أن "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أقدمت على التعليق على
قرار القضاء الفرنسي بكل درجاته بخصوص القضية المرفوعة ضد عبد الفتاح السيسي بتهم التعذيب
وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقد فتحت المحكمة باب النظر في تلك القضية، وهذه خطوة
هامة سيكون لها ما بعدها".
وأوضح
أن "المحكمة الأوروبية اعتبرت تمسك القضاء الفرنسي بمسألة حصانة الرؤساء الأجانب
لا يمنع من الشروع في فتح التحقيق لتحديد المسؤوليات وترتيب المساءلة، وأن الامتناع
عن ذلك يعتبر اعتداءً على حق الضحايا في اللجوء إلى القضاء".
ولفت
الحقوقي الفرنسي إلى أن "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وجهت أيضا عدة استفسارات
قانونية إلى فرنسا حول التزاماتها الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان، خاصة الاتفاقية
الدولية لمناهضة التعذيب، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".
وبحسب
دوروش، "تساءلت المحكمة الأوروبية: هل رفض القضاء الفرنسي التحقيق في مزاعم التعذيب
يعتبر انتهاكا للحق في الوصول للمحكمة بالمعنى المقصود من المادة السادسة في فقرتها
الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب؟ وما المانع في فتح التحقيق خاصة أن الدعوى القضائية
تم رفعها أمام القضاء الفرنسي حينما كان السيسي وزيرا للدفاع ولم يكن يتمتع بحصانة
رئاسة الجمهورية بعد؟".
وحول
فرص نجاح الدعوى القضائية ضد السيسي، قال: "نأمل أن تكلل تلك الجهود بالنجاح،
وهذه القضية واضحة بخصوص مدة التقاضي، حيث أن القضاء الفرنسي ينظر فيها منذ العام
2014، ولولا جديتها والأساس القانوني المتين الذي بُنيت عليه لرُفض حتى النظر فيها،
والمنظمات التي رفعت هذه الدعوى القضائية متأكدة من عدالتها وتريد أن تؤسس لاجتهاد
قضائي دولي في مثل هذه القضايا".
ولفت
إلى أن "المحكمة الأوروبية ألزمت القضاء الفرنسي بفتح الدعوى القضائية ضد السيسي
على خلفية مجزرة فض اعتصام رابعة، وعللت ذلك بأن الحصانة تمنع محاكمة السيسي، لكن هذا
لا يمنع وجود متورطين آخرين ما يحتم فتح القضية".
كما
أشار دوروش إلى أن "مسألة الحصانة تُعد قضية خلافية، خاصة أن هناك مبدأ قانونيا
دوليا بأنه لا حصانة في الجرائم ضد الإنسانية أو في جرائم الحرب".
واختتم
دوروش بقوله: "فتح القضية وقبولها أمام القضاء الفرنسي بحد ذاته يعتبر إنجازا
كبيرا، لأنه سيكشف عن جرائم مختلفة ومرتكبي تلك الجرائم، وإن لم يُحاسب السيسي اليوم
فيمكن توقيفه فور رفع الحصانة عنه".