ملفات وتقارير

بذخ حكومي مقابل تقشف شعبي بالأردن.. والأسعار بارتفاع (شاهد)

يطالب الشعب الحكومة بالتقشف بدلا من البذخ على حساب المواطن - جيتي
يطالب الشعب الحكومة بالتقشف بدلا من البذخ على حساب المواطن - جيتي
في الوقت الذي يكتوي فيه المواطن الأردني بارتفاع أسعار المحروقات والتضخم، يصدم الأردنيون بسلوك باذخ لحكومتهم ومجلس النواب، الذي صرف لنفسه مؤخرا مبلغ 200 دينار (282 دولارا) لكل عضو فيه بدل تنقلات.


ولم يتوقف البذخ عند السلطتين التنفيذية والتشريعية، إذ وصل إلى المجالس البلدية، حيث وجه النائب في البرلمان، سلمان أبو يحيى سؤالا إلى رئيس الحكومة، يستفسر عن شراء سيارة من نوع لاند كروزر 2022 بقيمة 140 ألف دينار لاستخدامات أمين عمان، في ظل عجز سنوي تعاني منه أمانة عمان بقيمة (200 مليون دينار)، أي ما يقارب 300 مليون دولار.


سبق ذلك شراء سيارة جديدة لوزير الاستثمار بقيمة 40 ألف دينار (56 الف دولار)، مما أثار غضبا عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول السلوك الباذخ، مطالبين الحكومة بتطبيق سياسة  شد الأحزمة والتقشف، والتوقف عن سياسة رفع الأسعار.


 
النائب في البرلمان، خليل عطية، قال؛ إن "صرف مبلغ 200 دينار كان لمدراء مكاتب النواب عن شهرين فقط، وليس زيادة على رواتب النواب، بل هو من ميزانية مجلس النواب المقررة، وصرفت منذ شهرين قبل الجلسة المغلقة مع الحكومة، وتصرف كدعم لمكتب النائب".

يتابع في حديث لـ"عربي21": "من حق المواطن الأردني الاعتراض، خصوصا في هذه الظروف الاقتصادية، لكن يجب الإشارة إلى أن هذا المبلغ لا علاقة له بالحكومة ولا هو ضمن اتفاق معها، ويأتي من مخصصات النواب، حيث تم تقليص سفر النواب لصرف هذا المبلغ".

وحددت الموازنة العامة للدولة لسنة 2022 موازنة مجلس الأمة (نواب وأعيان) بـ ( 24 مليون و403 آلاف دينار) منها ( 7 مليون و689 ألف دينار) لمجلس الأعيان، و ( 16 مليون و 359 ألف دينار ) لمجلس النواب.

تضخم النفقات الجارية.. ومحاولة تشخيص الواقع

هذا الإنفاق الجاري، يأتي في وقت تعاني الموازنة العامة في الأردن من تضخم النفقات الجارية، التي تتمثل بالرواتب والمكافآت على حساب النفقات الرأسمالية، إذ ارتفع إجمالي النفقات المقدرة في موازنة 2022 يبلغ 10.6 مليارات دينار (14.95 مليار دولار)، مقارنة مع 9.8 مليارات دينار (13.82 مليار دولار) عن 2021. بعجز يبلغ 1.7 مليار دينار (2.4 مليار دولار).

كما يأتي في ظل تصريحات حكومية، أكدت استمرارها في رفع أسعار المحروقات -حتى لو انخفضت عالميا- وعدم وجود نية لزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين، جاء ذلك خلال جلسة غير رسمية مع أعضاء مجلس النواب، الأسبوع الماضي.



وشهد الأردن في العشر سنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للأردنيين، حيث بلغت نسبة الفقر نحو 24% في آب/ أغسطس 2021 بحسب تقديرات لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، كما شهدت معدلات البطالة ارتفاعا ملحوظا، لتصل إلى 22.8% في نهاية الربع الأول من العام 2022، بعد أن كانت قد وصلت إلى حاجز الـ25% في نهاية الربع الأول من العام 2021.

الباحث الاجتماعي والاقتصادي، ليث العجلوني، يرى أن "الإنفاق العام في الأردن مبني على اعتبارات جهوية ومناطقية غير مدروسة، مما أدى إلى تبديد موارد الدولة بدلا من تأسيس شبكات حماية اجتماعية، تحسن من قدرة المواطنين على تحمل الصدمات الاقتصادية".

 

اقرأ أيضا: أين الشباب من الحياة السياسية في الأردن.. غياب أم تغييب؟

يقول لـ"عربي21": "الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطن غير مطمئن، مثلا لو تحدثنا على سبيل المثال عن رأس مال الأردنيين، وهو المهارات، نجد أن 52% من الطلاب في سن 10 سنوات في الأردن يعانون من فقر التعلم، حسب إحصائيات البنك الدولي. سبب ذلك هو تراجع الإنفاق العام على التعليم والصحة، إذ ينفق الأردن ما نسبته 3.35% من الناتج الإجمالي على التعليم".

حسب ورقة بحثية للعجلوني، "كان للاعتمادية الكبيرة للدولة الأردنية على المساعدات الخارجية دور في التوسع الكبير وغير مبرر بالإنفاق التنموي والجاري على حد سواء، وتوسع القطاع العام ودعم السلع، حيث وصلت نسبة الإنفاق العام إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة (1967-1989)، وهذا ما أدى بدوره إلى عدم قدرة الدولة لاحقا على استدامة الموارد اللازمة للإنفاق على الجانب التشغيلي".

وارتفعت فوائد الدين العام التي يدفعها الأردن إلى 13% من النفقات، لتتجاوز بذلك نسبة الإنفاق الرأسمالي. فيما حافظت النفقات العسكرية على نسب ثابتة تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي (بين 8.5% إلى 11%)، وهي من النسب الأكبر عالميا، حسب كتاب "الأزمة المالية والاقتصادية في الأردن" للباحث فهمي الكتوت.

وبالنظر إلى نصيب خمس من أهم الوزارات حسب موازنة الدولة، (التربية والتعليم، والصحة، والزراعة، والأشغال العامة، والعمل) نجد أنها 23% من النفقات الجارية فقط.

سوء إدارة

بدوره يرى وزير المالية الأسبق محمد أبو حمور، أن "الأردن خلال السنوات الماضية التي كان يعتمد بها على المساعدات الخارجية وخصوصا الخليجية، كان ينفق كثيرا ويحافظ على مستوى عجز محدد، لكن بعد انقطاع المساعدات زادت الحكومات من الإيرادات من خلال فرض الضرائب على المواطنين".

ويتابع: "هذه المساعدات الخليجية حيدت في العقود الماضية فرض الضرائب، وبعد انقطاع المساعدات أصبح الإنفاق الحكومي الرأسمالي أقل على قطاعات، مثل التعليم والصحة وصيانة البنية التحتية، المشكلة الحقيقية في ضعف الإدارة".

توسع القطاع العام

من جهة أخرى، قال مصدر رسمي فضل عدم ذكر اسمه، لـ"عربي21"؛ إن "المشكلة الكبيرة التي تواجه الأردن هي أن ما يقارب 65% من موازنة الدولة تذهب رواتب للعاملين في القطاع العام الذي تضخم كثيرا، ولم يعد قادرا على استيعاب المزيد، ويغذي رواتب هؤلاء العاملين الإيرادات المحلية من الضرائب وتحديدا ضريبة المبيعات".

وتبلغ قيمة الإيرادات العامة  في موازنة الدولة الأردنية 2022 8.9 مليارات دينار (12.55 مليار دولار)، مقارنة مع 8.1 مليار دينار(11.42 مليار دولار) في 2021، بينما بلغت المنح الخارجية 848 مليون دينار (1.195 مليار دولار).

إصلاح القطاع العام

وأطلق الأردن مؤخرا خطة التحديث الإداري وإصلاح القطاع العام تتضمن دمج عدد من الوزارات، وإلغاء وزارات مثل وزارة العمل، ضمن ما أسمته الحكومة "برنامج تنفيذي للإصلاح الإداري، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين ورفع كفاءة الإدارات العامة".


التعليقات (0)